فساد المؤسسة "الإسرائيلية" الحاكمة

thumbgen (21).jpg
حجم الخط

 

تقدم دولة الاحتلال «الإسرائيلي» نفسها ويقدمها حلفاؤها على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنها الدولة الأكثر شفافية والخالية من الفساد! واقع الأمر يخالف هذه الدعاية، فبين الفينة والأخرى يطل علينا مسؤول متهم بالفساد في هذه الدولة، بدءاً برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصولاً إلى المسؤولين الصغار.
بالفعل، تعيش المؤسسة «الاسرائيلية» الحاكمة هذه الأيام وسط الاتهامات والشكوك بالفساد وتلقي الرشاوى، ما يشكك بمصداقية ما يدّعوه عن شفافيتها ويؤثر سلباً في قدرتها ومجمل أدائها.
لقد شرعت وحدة التحقيقات الخاصة في الشرطة «الاسرائيلية» بالتحقيق في شبهات الفساد ضد رئيس الائتلاف الحاكم ديفيد بيطان عضو الكنيست الأقرب لنتنياهو، الذي برز في الآونة الأخيرة كمن يجند قواعد جماهيرية لمناصرة نتنياهو المتورط بسلسلة قضايا فساد. وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام «الاسرائيلية» فإن بيطان متورط بتلقي رشاوى وقضايا غش وخداع، حينما كان يتولى منصب نائب رئيس بلدية مستعمرة ريشون لتسيون إحدى المدن الكبرى المجاورة لتل أبيب. لقد قدمت الشرطة أدلة وإفادات للمدعي العام والمستشار القضائي للحكومة حول العلاقات المتبادلة على ما يبدو بينه وبين رجال أعمال من أجل خدمة نتنياهو ما جعله صاحب نفوذ قوي في المدينة والبلدية.
يذكر أن بيطان من أبرز النواب الذين يقدمون مشاريع قوانين عنصرية وداعمة للاحتلال والاستيطان، ويصعّد من خطابه العنصري المتطرف، وهذه ظاهرة لدى العديد من الساسة «الإسرائيليين» الذين يتضح لاحقاً أنهم متورطون بقضايا فساد. وفي الأيام الأخيرة تم التهديد بحل الائتلاف الحاكم إذا لم يصادق شركاء الليكود على مشروع قانون يقدمه أحد نواب الليكود يحظر التحقيق مع رئيس الوزراء في قضايا الفساد وغيرها طالما هو في منصبه.
معروف أن نتنياهو شنّ هجوماً لاذعاً وغير مألوف في الحياة السياسية والحزبية «الاسرائيلية» ضد المفتش العام للشرطة روني ألشيك الذي جاء به نتنياهو قبل عامين من منصبه كنائب لرئيس المخابرات (شين بيت) ليضعه على رأس هذا الجهاز ظناً منه أنه بذلك الجميل الذي أسداه له يحمي نفسه من تحقيقات الشرطة في الملفات العديدة التي يحقق فيها، وهي الملفات المعروفة بالملف 1000 والملف 2000 والملف 3000، فضلاً عن التحقيقات ضد زوجته سارة التي تقترب هي الأخرى من نهاية مفجعة بالنسبة لنتنياهو كون إدانتها بتهمة سوء استخدام الأموال العامة باتت قاب قوسين أو أدنى، واحتمال الحكم عليها بالسجن وارد جداً. نتنياهو خرج قبل مدة منتقداً جهاز الشرطة، معتبراً أن ما حصل «تسونامي هو تسريبات»، واصفاً الشرطة بـ «عش الدبابير» بعد تسريبات إعلامية جاءت في تقرير للقناة الثانية في التلفزيون «الإسرائيلي» تتحدث بأن الشرطة قد توصي بمحاكمة نتنياهو.
لقد ثارت ضجة منذ أيام في «اسرائيل» بعد أن اتضح أن نتنياهو يرفض تعيين مواعيد لطاقم التحقيق في الشرطة لإجراء أربع جلسات تحقيق تم الإعلان عنها في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2017. وحتى اللحظة لم يتم تعيين مواعيد كهذه، ما يعني أن نتنياهو يماطل في التحقيقات ضده من أجل كسب الوقت. وتجري الشرطة في هذه المرحلة تحقيقات ضد نتنياهو وضد وزيرين في قضايا فساد أخرى وهما وزير الداخلية آرييه درعي زعيم حزب «شاس» الديني، الذي قبع في السجن سابقاً على خلفية فساد، ووزير الرفاه حاييم كاتس من حزب الليكود. كما تجري الشرطة تحقيقات ضد رئيس الائتلاف الحاكم بيطان, وضد رئيس لجنة القانون والدستور البرلمانية نيسان سلوميانسكي، من تحالف أحزاب المستوطنين وهو مشبوه بقضايا اعتداءات جنسية.
كما قررت النيابة «الاسرائيلية» أيضاً تقديم لائحة اتهام ضد نائبة وزير الداخلية السابقة فانيا كيرشينباوم في قضايا تلقي رشاوى. وفي سياق متصل تواصل الساحة «الاسرائيلية» انشغالها بخطاب رئيس دولة الاحتلال رؤوفين رفلين في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست قبل أسبوعين؛ إذ كان واضحاً خط الصدام بينه وبين نتنياهو. فقد حذر رفلين من الهجوم على جهاز القضاء وعلى وسائل الإعلام، معتبراً أن هذين الجهازين من المقومات الأساسية للديمقراطية، وحذر من سطوة الجهاز السياسي عليهما. وفي السياق قالت مصادر في الحزب الحاكم للإذاعة «الاسرائيلية» العامة إن رفلين ينتقم من نتنياهو الذي عارض قبل سنوات انتخابه رئيساً لدولة «اسرائيل». ووصلت نقمة اليمين المتطرف على رفلين إلى الشارع؛ إذ تمت كتابة شعارات على جدران مدرسة ابتدائية في مدينة بني براك المحاذية لتل أبيب ضده، وإلصاق صورة له بزي النازية.
حقيقة الأمر، إن الإعلام «الاسرائيلي» والآخر المساند له يكذب عندما يصور دولة الاحتلال بأنها الدولة الخالية من الفساد وأن كل من هو فاسد تجري محاكمته تماماً، مثلما يزورون «ديموقراطية» هذه الدولة المارقة!.
عن الخليج الاماراتية