مئوية وعد بلفور: ذكرى الجريمة في سياقها الاستعماري

التقاط.PNG
حجم الخط

 

  تعتبر الرسالة التي بعث بها آرثر بلفور؛ وزير الخارجية البريطانية، عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، والتي عرفت فيما بعد باسم "وعد بلفور"، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين، وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهداً بإقامة دولة لليهود في فلسطين.. وكما جاء في نصِّ تلك الرسالة "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية..".

نُشر هذا الإعلان المشؤوم قبل مئة سنة، معلناً بداية الصراع مع الشعب الفلسطيني واقتلاعه من أرضه التاريخية. في الحقيقة، كان لهذه الكلمات في عام 1917، التي كتبها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، تأثير هائل في التاريخ الفلسطيني والعربي والشرق أوسطي، الذي لا تزال تداعياته الكارثية تبدو جليَّةً بعد قرن من الزمان.

ولنا أن نسأل: لماذا كان هذا الوعد الذي يفتقد للأسس القانونية والأخلاقية، حيث "أعطى من لا يملك، وعداً لمن لا يستحق"؟!!

لم يبق هناك خبير في القانون الدولي حول العالم إلا وأكد على بطلان هذا الوعد؛ لاعتبارات كثيرة نذكر منها التالي:

1) أن التصريح البريطاني بخصوص تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين ليس معاهدة، وليس للرسالة التي تضمنها أية قيمة قانونية؛ لأن الوعد يمنح أرضاً لم تكن لبريطانيا أية رابطة قانونية بها، كونها كانت – آنذاك - قوة احتلال، وحتى عندما أصبحت بريطانيا - لاحقاً - دولة انتداب كان من واجبها تأهيل الدولة المنتدبة للاستقلال وليس تسليمها لكيان استعماري آخر!!

2) من جهة ثانية، فإن الوعد تنعدم فيه الأهلية القانونية، حيث إن طرف التعاقد مع بريطانيا كان شخصاً أو أشخاصاً وليس دولة!! وكما هو معرف قانونياً فإن من صحة انعقاد أي اتفاقية أو معاهدة دولية هو أن يكون طرفا أو أطراف التعاقد من الدول أولاً، ثم من الدول ذات السيادة ثانياً، أو الكيانات السياسية ذات الصفة المعنوية المعترف لها بهذه الصفة قانونياً، أما التعاقد أو الاتفاق أو التعاهد مع الأفراد فهذا باطل دولياً، من حيث الشكل والموضوع.

3) إضافة لما سبق، فإن الوعد باطل لعدم شرعية مضمونه، حيث إن موضوعه هو التعاقد مع الصهيونية؛ كحركة استعمارية؛ لطرد شعب فلسطين من دياره، وإعطاء الأرض بعد أو خلال تشريد أهلها إلى أغراب لا ينتسبون لها!! وهذا من وجهة نظر القانون الدولي يطعن في الاتفاق؛ لأن من أسس التعاقد الدولي مشروعية موضوع التعاقد؛ بمعنى أن يكون موضوع الاتفاق بين الطرفين جائزاً اًو تقره مبادئ الأخلاق، ويسمح به القانون، وأن كل تعاقد يتعارض مع أحد هذه الشروط يعتبر في حكم الملغى، ولا يمكن أن يُلزم أطرافه.

4) وأخيراً؛ إن الوعد من الناحية القيمية والأخلاقية هو اتفاق غير جائز، كونه يجسد صورة انتهاك فاضح لحقوق شعب فلسطين.. وبحسب مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فإن هذا الوعد كان فيه تعدياً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتهجيره قسراً من بلاده.

إن خطيئة "وعد بلفور" سيأتي اليوم الذي يكون فيه شعبنا يملك القوة والأهلية لإجبار بريطانيا ليس فقط للاعتذار ولكن أيضاً لطلب التعويضات كما فعلت إسرائيل مع ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم، وقد علمتنا الحياة بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.

يشير الصحفي الإيرلندي ديفيد كرونين في كتابه الموسوم (ظل بلفور: قرن من التأييد البريطاني للصهيونية وإسرائيل)، إلى أن هناك جملة من العوامل التي شجَّعت بريطانيا على دعم المشروع الصهيوني، وهي لا تقتصر فقط على أن الشعب البريطاني كان معادياً للسامية جداً، وأن العديد من أصحاب القرار البريطانيين شعروا بأن اليهود لا يمكن تذويبهم واستيعابهم أبداً في مجتمعهم، وبالتالي من الأفضل لبريطانيا هو دعمهم في الوطن الجديد.. نعم؛ قد لا يكون هذا هو السبب المباشر، حيث إن هناك عواملَ أخرى عديدة دخلت حيز التنفيذ، فقد اعتبرت بريطانيا أن الدعم اليهودي في المجهود الحربي ضروري، إذ أراد البريطانيون حماية قناة السويس كطريق رئيسي إلى مستعمراتها في جنوب آسيا، وخاصة الهند، والموارد الطبيعية، والنفط، الذي أصبح يشكل مصلحة حيوية بعد اكتشافه ووجوده بوفرة في الشرق الأوسط. لذلك، فإن بريطانيا كانت تعتقد أن وجود بؤرة استعمارية في منطقة مهمة مثل الشرق الأوسط سوف تساعد على توطيد سيطرتها على المنطقة ضد النزعات القومية العربية المطالبة بالاستقلال.

إن الدعم البريطاني لإسرائيل بعد قيامها لم يتوقف، وهو ما يؤكد ما كانت تخطط له بريطانيا من توظيف لهذا الكيان جهة خدمة مصالحها الاستعمارية في المنطقة، يقول كونين إنه "منذ خمسين عاماً وفرت بريطانيا الدبابات والأسلحة المتطورة التي اعتمدت عليها إسرائيل في حربها على الدول العربية عام 1967، أما اليوم فتتعاون بريطانيا وإسرائيل في إنتاج الأسلحة المتطورة جداً والطائرات بدون طيار، التي تقصف حيث تشاء!! ومَنْ تشاء من خصوم إسرائيل، بالإضافة إلى تطوير سلاح الطيران الحربي الحديث بالتعاون معها!!

نشأة إسرائيل: بريطانيا لم تكن وحدها!!

إذا تتبعنا السياق التاريخي لنشأة هذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، فإننا سنكتشف بأن بريطانيا لم تكن وحدها، بل كان لها شركاء آخرون، وقد أسهم هؤلاء وعلى رأسهم أمريكا بتهيئة الظروف السياسية والأمنية وتمهيد الطريق لذلك، حيث قام الرئيس هنري ترومان باستخدام نفوذ أمريكا لتذليل العقبات، وتوفير كل متطلبات التمكين لتثبيت أركان هذا الوجود اليهودي في فلسطين، وقد اعترف قادة الصهاينة بدور الولايات المتحدة في إصدار "وعد بلفور"، حيث أشار دافيد بن غوريون؛ أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل، إلى دور اليهودية الأمريكية في استصدار هذا الوعد، بقوله: "إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً حاسماً في الحرب العالمية الأولى، وكان لليهودية الأمريكية دورها في صدور وعد بلفور".

لقد بدأت القوى الضاغطة من اليهود وأنصارهم في الولايات المتحدة الأمريكية بتحريك عواطف الرأي العام المتدين هناك، وذلك بتوظيف الشعارات الدينية، ونشطوا كذلك في إيصال البعد الإنساني لقضية اليهود، من خلال اللعب بورقة "المحرقة أو الهولوكوست"، كما وعدت الحركة الصهيونية بأن تعطي "أصوات اليهود" للرئيس ترومان في حال مساعدته على تبني إنشاء الدولة العبرية على أرض فلسطين.

كان الرئيس ترومان يردد دائما مقولته الشهير: "عندما تكون في السياسة عليك أن تفوز في الانتخابات".. لذلك، حرصت الحركة الصهيونية وأنصارها في أمريكا العزف على وتر "الأصوات اليهودية"، لمن يخدم تطلعات الحركة الصهيونية على أرض فلسطين.

من الجدير ذكره، أن إدراك الرئيس ترومان بأن 80% من اليهود الأمريكيين يؤيدون قيام الدولة العبرية، بالإضافة إلى الكثير من أنصارهم، بدأ يتحول عن الرأي السائد ضد هذه الفكرة في وزارتي الخارجية والدفاع، قائلاً لهم: "هل تستطيعون أن تعطوني أصوات العرب في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك؟" فأجابوه: بأن ليس للعرب أصوات في الولايات المتحدة ككل، فأجابهم: بأن ما يهمني هو تلك الأصوات التي تؤمّن لي الفوز في الانتخابات.

من هنا، طالب الرئيس ترومان بريطانيا بإلغاء فكرة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والسماح فوراً لمائة ألف لاجئ يهودي بدخول فلسطين، وقد عمل على تحقيق ذلك بالرغم من اعتراضات البعض بما في ذلك حلفائه البريطانيين.

الواقع أن الرئيس ترومان كان يحترم حاييم وايزمان؛ اول رئيس لدولة إسرائيل والشخصية الأشهر بعد تيودور هرتزل.. كان وايزمان يلجأ إلى الأسلوب النفسي لإيهام الرئيس ترومان بأنه "لنكولن" العصر، وأن أعظم معجزة يمكن أن تسجل له في التاريخ هي خلق وطن قومي لليهود المشرّدين، وكان يبكي ويجهش أمام الرئيس، قائلاً له: بعد ألفي سنة من التاريخ، فقد صحّت النبوءة بأنك أنت الرجل الذي خلقه الله ليحقق نبوءته ووعده لشعب إسرائيل!!

لقد تمكن وايزمان من تشكيل حلقة مهمة من الشخصيات المتعاطفة مع الحركة الصهيونية ومن المقربين للرئيس ترومان، بهدف التأثير على مواقفه وسياساته المتعلقة بإسرائيل.

في الواقع، نجحت مساعي الحركة الصهيونية في كسب التأييد المطلوب لمشروعها بتأسيس دولة لليهود على أرض فلسطين، وقد قام الرئيس ترومان تحت الضغط الإسرائيلي، الذي أعطاه 75% من أصوات الناخبين اليهود، بالاعتراف بتلك الدولة، وهذا القرار – للأسف - أرسى من الناحية العملية القاعدة التي جرت عليها سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ بالنظر إلى إسرائيل كحليف استراتيجي لا يمكن التخلي عنه.

أمريكا: الحليف الدائم لإسرائيل

من المعروف أنه بعد حرب السويس وعدوان عام 1967، كانت الولايات المتحدة قد اتخذت بشكل واضح زمام المبادرة في دعم إسرائيل، لكن بريطانيا لم تتخل عن دعمها لها، بل إنها في الواقع، أصبحت واحدة من أقوى الأصوات دعماً لإسرائيل، إذ استمرت التجارة العسكرية والمصالح المالية بينهما تجري في البداية من وراء الكواليس قبل أن تصبح أمام الملأ، و"على عينك يا تاجر"!!.

ففي تقريرٍ صادر عام 2014 عن خدمة أبحاث الكونجرس (CRS) تحت عنوان: “مساعدات الولايات المتحدة الخارجية لإسرائيل”، يسلط الضوء على هذا الدعم التاريخي لإسرائيل، وكذلك الاعتمادات الحالية لتمويل الدفاع والمجالات الرئيسية للتعاون العسكري، وتشمل نتائج التقرير التالي: أنه في عام 2007 أنشأت إدارة بوش حزمة مساعدات عسكرية لإسرائيل تمتد لـعشر سنوات؛ أي بمقدار 30 مليار دولار، للسنوات المالية (2009 – 2018). وقد وفَّت ميزانيات إدارة أوباما بهذا الالتزام، فخصصت 3.1 مليار دولار للعام المالي 2014، ونفس المبلغ المطلوب للعام المالي 2015. وسوف يشكل التمويل العسكري الأجنبي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في العام المالي 2015 ما يقرب من 55٪ من التمويل العسكري الأجنبي الكلي للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، وسيمول 23٪ إلى 25٪ من الميزانية الكلية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وهي النسب التي تبين بشكل واضح التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، واعتماد إسرائيل بشكا كبير على الدعم الأمريكي!!

يشير دينس روس؛ منسق عملية السلام في عهد كلنتون، في كتابه (العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من ترومان إلى أوباما: النجاح الدائم) أنه "منذ تأسيس دولة إسرائيل، شهدت العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية مداً وجزراً وتقلبات وصلت في بعض الفترات إلى أزمات وفتور، لكن التحالف ظل هو العنوان الأبرز لهذه العلاقات. نعم؛ لقد انتقلت أمور العلاقة من التجاهل والإحساس بأن إسرائيل هي عبء على سياسة الولايات المتحدة، إلى التبني والاحتضان والتباري في إظهار التضامن معها من جانب الرؤساء الأمريكان"!!

أما د. نصير عاروري؛ الأكاديمي الأمريكي من أصول فلسطينية، فقد أشار في كتابه (أمريكا الخصم والحكم)، قائلاً: إن الولايات المتحدة في احتكارها وتفردها بالمسألة الفلسطينية كانت مشغولة بإعاقة عملية السلام والدور الدولي في رعاية التسوية السياسية للنزاع العربي الإسرائيلي أكثر من أي شيء آخر.. فقد أجهضت الولايات المتحدة كل مسعى دولي للتسوية، كما أنها حمت إسرائيل من الرقابة والمحاسبة الدولية، وبذلك سمحت لها أن تكرِّس احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية".

إن بيت القصيد من وراء هذا السرد، وفي هذا السياق الزمني، إنما هو التأكيد على أن بريطانيا وأمريكا - كقوتين استعماريتين - هما أرباب إسرائيل منذ وقبل النشأة، وهما بلا شك شركاء الجريمة بحق وطننا فلسطين.. هذا ما علمناه من قراءاتنا للتاريخ وروايات الآباء والأجداد، وعايشناه معاناة تحت الاحتلال، وهذه هي رسالتنا لأبنائنا ولكل من جاء من الأحفاد، بهدف ابقاء القضية حاضرة حيَّة في الأذهان، وحق قائم لا تقبل النسيان.

ختاماً.. إن بلفور لم يستطع رؤية كل نتائج المشروع الذي منحه الوعد، حيث مات في عام 1930؛ أي قبل 18 سنة من وجود إسرائيل، لكنه هو وأصدقاؤه كانوا يعرفون ويدركون حجم المخاطر التي سيخلفها تأسيس وطن قومي لليهود من ناحية حرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم، بغض النظر عن المحاذير التي ذكرها في إعلانه.

إن "وعد بلفور" ليس فقط مجرد ذكرى لحدث عابر في التاريخ الفلسطيني، بل هو استدعاء لجريمة بحق الإنسانية اقترفتها بريطانيا بعنوانها الاستعماري قبل مائة عام بحق الشعب الفلسطيني، وهي أيضاً - بهذا الوعد - من مهَّد الطريق لشريكها الآخر في الجريمة؛ أي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي واصلت نهج التمكين لهذا الكيان الاستعماري مادياً وعسكرياً ودبلوماسياً، وهي - اليوم - تعمل لتوطيد أركان قدراته العسكرية، وذلك بتعزيز وجوده الأمني داخل حدود منطقة الشرق الأوسط، من خلال سياسات الرئيس دونالد ترامب لترسيم خرائط جغرافيتنا العربية، وحرف مسار الصراع باتجاه عوالمنا الإسلامية، حيث تغرق دول الخليج، والتي لها علاقات متوترة مع إيران، بنزاعات مسلحة، ربما تجد معها أن إسرائيل هي حليفها المأمول، وطوق النجاة للبقاء والصمود في تلك المعارك!!

نعم؛ قد تتمنع بريطانيا - اليوم - عن تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني، بل وتتبجح بالاحتفال بالذكرى على لسان رئيسة الوزراء تيريزا ماي، قائلة: "إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة دولة إسرائيل، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر"!!

إن هذه الوقاحة في لغة رئيسة الوزراء تيريزا ماي – كما يقول د. إبراهيم أبراش – "إنما تؤكد على أن بريطانيا لم تخرج عن نهجها الاستعماري الأول المعادي للشعوب العربية والإسلامية، والمتحيزة كل التحيز للكيان الصهيوني". ولعلي أشير هنا أيضاً، لما سبق من تصريحات لزعيم حزب المحافظين السابق ديفيد كاميرون، حيث تباهى في يونيو 2016، قائلاً: "إن بريطانيا هي أكبر صديقة لإسرائيل"، وهي كلمات لا تقل بجاحة واستهتاراً بالحقوق الفلسطينية.

نعم؛ هناك اليوم أصوات كثيرة داخل بريطانيا ترفض هذا السلوك الاستعماري وتقدم اعتذارها للشعب الفلسطيني، منهم زعيم حزب العمال المعارض جريمي كوربن وآخرون، ووهناك مجموعات بريطانية رافضة للاحتفال بالمئوية في لندن، وستخرج في تظاهرات تندد بالوعد المشئوم.. السؤال اليوم: هلَّ هذا يكفي؟ بالتأكيد لا...، حيث إن شعبنا الذي تعرض لحملات من التطهير العرقي وسياسات الأبارتهايد بسبب هذا الوعد لن ينسى، ولن يغفر؛ لأن الجريمة بتداعياتها القائمة حتى اليوم لا تغتفر، وذكراها لا تغيب.

إن صفحات التاريخ، التي يُقلِّبها شعبنا لحقبة المائة عام الماضية، ستظل شاهدة على كل من أجرموا بحق قضيتنا، وكانوا عوناً للمحتل الاستعماري بنكبة فلسطين عام 1948، وأضاعوا بتواطؤهم حقوقنا الوطنية في المحافل الدولية، وسيأتي اليوم لكي يعود الحق إلى أصحابه طالما كانوا عليه قائمين.. وكما يقول أنطون شلحت "إن إقامة إسرائيل حقق فعلياً ما ورد في تصريح بلفور، ولكنه لم يضع حدًّا للنضال الفلسطيني والعربي، من أجل تحقيق مشروع الدولة الفلسطينية".