سمات الخطاب القرآني: دراسة في الأسلوب

سمات الخطاب القرآني: دراسة في الأسلوب
حجم الخط

سمات الخطاب القرآني

دراسة في الأسلوب

 

تقديم:

منذ نزول الوحي، شد أسلوب الخطاب القرآني اهتمام العرب، فخر جبابرة البيان صاغرين لبلاغته؛ لأنه كلام الخالق المعجز.

كل كلمة فيه لها وقع على النفوس، وكل عبارة تجمع هذه الكلمات تصور لنا معنى كاملا بشكل دقيق.

 

والحق أقول لا يمكننا تصور مدى تفرد أسلوب الخطاب القرآني إلا بالمعرفة الدقيقة لعلم البلاغة " فالإنسان إذا أغفل علم البلاغة وأخل بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خص الله به كتابه من حسن التأليف وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز البديع؛ والاختصار اللطيف إلى غير ذلك من محاسنه؛ التي عجز الخلق عنها؛ لأن البلاغة تُعتبر من أهم وسائل إدراك الإعجاز القرآني، وذلك بأن يتمكن البليغ فيها ويتقنها ويفهم أساليبها وفنونها " [1].

 

إن أسلوب الخطاب القرآني متكامل من جميع نواحيه، فهو قمة في بنائه؛ تجد بين الحرفين ملاءمة وحبكا، وبين مفرداته تناسبا وائتلافا، وبين الجمل ترابطا وتكاملا، " فالكلام يقوم بأشياء ثلاثة لفظ حامل ومعنى به قائم وربط لهما ناظم، ثم إن القرآن هو الذي جمع نهايات الفضل في هذه العناصر الثلاثة، فإذا تأملته وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة؛ حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه، ولا ترى نظما أحسن تأليفا؛ وأشد تلاؤما وتشاكلا من نظمه، وأما المعاني فلا يخفى على ذي عقل أنها هي التي تشهد لها العقول بالتقدم في أبوابها والترقي إلى أعلى درجات الفضل في نعوتها وصفاتها " [2].

 

فأسلوب الخطاب القرآني معجز اتصالا وانفصالا، أما الانفصال: فعباراته الدالة على الحقيقة؛ والمجاز المعبرة بأساليب التشبيه؛ والاستعارة؛ والكناية... أسلوب لين إذا أراده الله كذلك، وعنيف قاصف إن أراده ذلك.

 

والاتصال: يظهر في طريقة تركيب الجمل المترابطة مع أخواتها، بشكل يجسد مشاهد تختلف من موضع لآخر لا سبيل للبشر بها؛ ولا طاقة لهم في اتباعها؛ أو السير على منوالها [3].

 

ومما يزيد أسلوب القرآن تميزا وتفردا؛ أنه يظل جاريا على نسق واحد في السمو والجمال لفظا ودقة وعمقا؛ مع تباين موضوعاته المختلفة.

فالقرآن تشريع؛ وقصص؛ وأخبار غيب؛ ومواعظ خاطب بها صنوفا مختلفة من الناس تتعاقب مع تعاقب الزمان.

إنه أسلوب يروم الخطاب مرة بصيغة العموم، وتارة بصيغة الخصوص، ويوجه كلامه تارة للمرسلين؛ وأخـرى للمسلمين؛ والمؤمنين؛ والكافرين؛ والمنافقين.

 

المحور الأول: أنواع الخطاب القرآني:

1- خطاب عام:

نحو قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ [4]، وقوله تعالى على لسان سليمان: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴾ [5]، ويتجلى ذلك أكثر في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [6].

 

وفي السياق نفسه يقول عز من قائل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [7]، وقال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [8]، وفي غير ذلك من الآيات؛ التي يكون فيها الخطاب موجها للعموم، على عكس بعض الآيات التي يبتغي فيها القرآن أسلوب التخصيص.

 

2- خطاب خاص:

أ‌- خطاب موجه للأنبياء والرسل:

مثل قوله تعالى: ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [9]، و قوله تعالى: ﴿ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾ [10]، وقوله جل وعلا: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [11].

 

ب‌- خطاب موجه للمؤمنين والصالحين:

مثال قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ﴾ [12]، وقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [13]، وقوله جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [14]، و قوله جل ذكره: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ﴾ [15]... وغيرها من الآيات المدنية التي تبتدئ بـ﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾؛ والتي تأتي إما آمرة أو ناهية؛ مثل قول الله جل وعز: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [16]، وقوله عز وجل: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًاوَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًاوَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًاوَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًاوَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [17].

 

ج‌- خطاب موجه لأهل الكتاب:

نحو قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ [18]، وقوله جل شأنه: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [19]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ﴾ [20].

 

د‌- خطاب موجه للمنافقين:

مثل قول الله: ﴿قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ[21]، وقوله جل شأنه: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ [22].

 

وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَ بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [23].

 

المحور الثاني: أسلوب الخطاب القرآني:

راوح القرآن بين العام والخاص في الأسلوب بشكل فريد شامل، يخاطب العقل والضمير، لا هو بالأدبي الذي ينساق وراء العاطفة والوجدان، ولا بالعلمي أو الفلسفي الذي يهتم بالعقل وحده.

إنه آيات علمية تعرض حقائق الكون، وروعته، ودقة قوانينه، ونظمه، واتساق مجراته.

مثال ذلك ما نجده في تأملنا لقوله عز وجل: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَأَ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَ إِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَأَ مَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَ إِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَأَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَأَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ " [24].

 

أوردت هذا النص رغم طوله؛ لأنه يلخص أسلوب الخطاب القرآني، الجامع بين دقة خطاب تقريري يلخص حقائق كونية علمية، وسلاسة العبارة؛ التي تجذب متلقي الخطاب.

 

فالنص تحدث عن السماوات والأرض، مبينا قدرة الخالق، وذكر حقائق برهن عليها عقـلا، لكن المثير هو الكيفية التي سرد بها هذه المسائل العلمية، والتي تقتضي توظيف أسلوب جاف تقريري كما هي العادة، لكن النص جاء بشكل عذب سائغ متصل يشعر مستمعه بالمتعة، ويخاطبه بالحجة والبرهان في الآن نفسه.

 

فالخطاب القرآني يجمع بين: بلاغتي الإمتاع والإقناع.

وبهذا الاعتبار يظل أسلوب القرآن في منزلة عليا من الفصاحة والبلاغة؛ رغم التباين في الموضوعات كما سبق ذكره.

فالخطاب القرآني؛ ووعد ووعيد؛ وحِكم ومواعظ...، كلها تخدم قضية التوحيد وباقي المكارم التي ترتقي بالإنسانية.

 

هذا إن نظرنا إلى كتاب الله بشكل كلي، أما إن فككنا بنيته؛ فإننا نجده يمتاز بخصائص تتجلى في:

1- فصاحة الألفاظ:

لأننا إذا تأملنا الخطاب القرآني وجدنا الإبداع ظاهرا في احتوائه أفصح الألفاظ الرائعة المعبرة؛ التي يستحسنها السمع، فأي مفردة منه تناولتها بالفحص وجدت حروفها متآلفة.

 

فتجد في مفرداته البليغ الرصين؛ الجزل في موطنه، والفصيح القريب اللين في موطنه أيضا، ولو استعرضته كله مرارا وتكرارا ما رأيت فيه البتة لفظا حوشيا موحشا، ولا هجينا مذموما؛ أو ثقيلا كريها مما تنفر منه الطباع المهذبة؛ أو تمجه الأسماع المُرهَفة.

 

وقد شهد جل علماء العربية أن ألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزُبدته، وأن ما عداها وعدا الألفاظ المشتقات منها كالقشور والنوى بالنسبة إلى أطايب الثمر، وكالحثالة والتبن بالنسبة إلى لبوب الحنطة [25].

إن خطاب القرآن ينبو عن الغريب الحوشي، ألفاظه سهلة مُيسرة لمن أراد أن يذَّكر.

 

2- مناسبة الألفاظ للمعاني:

هذه الخصيصة يتفرد بها أسلوب الخطاب القرآني، فربما تخير الألفاظ للمعاني المتداولة يسهل؛ لكن الأمر شاق مع المعنى البارع، وهذا ما نجده مكينا في خطاب القرآن؛ الذي أتى بألفاظ بديعة لمعان جديدة في العقيدة والشريعة.

 

فوافق بذلك المعنى اللفظ في البراعة، عكس بلغاء البشر، فكثيرا ما يتعثرون ويخفقون في اختيار الألفاظ المثلى للمعاني المألوفة.

 

ومن أقرب ما يدل على ذلك، نقد الخنساء لحسان بن ثابت في سوق عكاظ عند قوله:

لنا الجَفناتُ الغُرُّ يلمعنَ بالضُّحَى وأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِن نَجْدَةٍ دَمَا

... قالت الخنساء: أضعفت افتخارك في ثمانية مواضع [26]، وهي التي وقع فيها الوهن لحسان في بيت الشعر، وهذا يبين عظم الأمر.

 

3- الدقة في الاختيار:

كل لفظة من ألفاظ الخطاب القرآني تُختار بشكل دقيق؛ لتؤدي المعنى بطريقة بليغة، وأمثلة ذلك في القرآن كثيرة.

يقول الجاحظ: " وقد يستخف الناس ألفاظا ويستعملونها، وغيرها أحق بذلك منها. ألا ترى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن الكريم ( الجوع ) إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر المدقع والعجز الظاهر، والناس لا يذكرون السغب ويذكرون الجوع في حال القدرة والسلامة. وكذلك ذكر ( المطر)؛ لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام. والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر وبين ذكر الغيث (...).

 

والجاري على أفواه العامة غير ذلك، لا يتفقدون من الألفاظ ما هو أحق بالذكر، وأولى بالاستعمال (... ) والعامة ربما استخفت أقل اللغتين وأضعفهما، وتستعمل ما هو أقل في أصل اللغة استعمالا؛ وتدع ما هو أظهر وأكثر، ولذلك صرنا نجد البيت من الشعر قد سار ولم يسر أجود منه وكذلك المثل السائر " [27].

 

فالجاحظ يشير إلى الدقة الشديدة في اختيار ألفاظ الخطاب القرآني؛ لأن المعنى يتغير ويحسن بلفظ، ويصبح رديئا بآخر.

ورب لفظ يحمل من الدلالة ما لا يملكه مرادفه.

ويتأكد هذا بتأملنا أسلوب الخطاب القرآني؛ الذي لو أردت أن تستبدل فيه كلمة مكان أخرى لأرقك الأمر، وأحسست بحمل لا طاقة لك به.

 

4- حسن النظم:

فالنظم أكثر ما يشد ويجذب في خطاب القرآن، وبه فاق جميع أنواع الخطاب؛ لأن الكلمة تحسن في موطن وتتألق؛ في حين تظهر شوهاء شنيعة في موقع.

 

حيث تجد لفظة واحدة في آية من القرآن؛ وفي بيت من الشعر؛ أتت في القرآن جزلة متينة، وفي البيت الشعري ركيكة ضعيفة، مثل خطاب الله لصحابة الرسول، قال تعالى: ﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ [28].

 

وقول المتنبي:

تَلَذّ لهُ المُروءَةُ وهيَ تُؤذي ومَنْ يَعشَقْ يَلَذّ لهُ الغَرامُ

 

فهذا البيت من أبيات المعاني الشريفة؛ إلا أن لفظة ( تؤذي ) جاءت فيه وفي الآية من القرآن، فحطت من قدر البيت لضعف تركيبها، عكس تركيب الآية؛ الذي وافق فيه اللفظ غرض الخطاب.

 

ذلك أن لفظة ( تؤذي ) إذا جاءت في الكلام ينبغي أن تكون مندرجة مع ما يأتي بعدها متعلقة به كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ﴾، لا كما جاءت في قول المتنبي:

تَلَذّ لهُ المُروءَةُ وهيَ تُؤذي ومَنْ يَعشَقْ يَلَذّ لهُ الغَرامُ [29].

 

إذن: الخطاب القرآني تفوق بنظمه أولا على أعذب الشعر وأكثره بهاءً ورونقا وجزالة، فهو كما قال الرماني: " أتى بطريقة مفردة خارجة عن العادة، لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة " [30].

 

5- جودة السبك:

تتماسك ألفاظ الخطاب القرآني بشكل يشد بعضها بعضا؛ لتتآخى جرسا وإيقاعا؛ إذ يستحيل الاستغناء عن كلمة من الآيات دون الإخلال بالمعنى؛ لأن الكلمات في القرآن مختارة لمغزى يقصد الخطاب إبلاغه.

 

فالخطاب في القرآن يأتي بصياغة مقصودة، وحروف مُحكمة؛ تؤدي جرسا وإيقاعا دقيقا، لا يتم المعنى إلا بها، وهذه خصيصة من خصائص الخطاب القرآني.

 

6- دقة الفواصل:

يُذيِّل الخطاب القرآني بفواصل تمنحه طابعا خاصا مميزا، هذه الفواصل ترتبط ارتباطا وثيقا ودقيقا بالمعاني، ولذلك دور عظيم " فالفواصل حروف متشاكلة في المقاطع، توجب حسن إفهام المعاني " [31].

 

وهي بخلاف قوافي الشعر وباقي أنواع الخطاب المؤثر؛ التي تتماثل في الحرف الأخير، حيث نلاحظ هذا بكثرة في الخطاب المَكِّي، والذي ترتبط فيه الفاصلة بما قبلها من الآية، وهذا ما يسمى بالتصدير، أو ما يسميه البلاغيون رد الأعجاز على الصدور [32]، أو تدل على معنى قبلها، كما في قول الله: ﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ﴾ [33].

 

فكلمة مظلمون دلت على انسلاخ النهار من الليل، وقد تُمهد الآية بمعنى يناسب الفاصلة، كما في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [34].

فتبليغ الرسالة أثار في الذهن وظيفة مهمة وهي الإبلاغ؛ لذا جاءت الفاصلة بالبلاغ المبين، ويسمى هذا تمكينا [35].

 

وقد تأتي الآية بمعنى تام، ثم تزيد الفاصلة هذا المعنى كقوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [36]. وهذا يسمى إيغالا [37]، فالفاصلة أوغلت في التعبير عن التولي، وبالغت في تصوير الإعراض، وهذا غرض الخطاب في هذا المقام.

 

المحور الثالث: ميزات الخطاب القرآني:

1- توجيه الخطاب لجميع العقائد:

خاطب النص القرآني جميع الناس على اختلاف معتقداتهم، ودليل ذلك قول الله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا ۖ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ۖ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ۖ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ويَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ [38].

 

فالآية تضمنت إفراد الله تعالى بالحمد كله [39]، وأبطلت في الحين نفسه جميع المعتقدات مهما تعددت واختلفت؛ لأن الله تعالى بين أنه خالق السماوات والأرض، والظلمات والنور، فتأكد ضمنا أن عباد هذه المخلوقات على ضلال، وقال بعدها ﴿ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾.

 

ثم أبطل عدولهم عن الصواب، وبين بالحجة التي تعرض حقيقة خلق الإنسان وتقدير أجله؛ ليقول: ﴿ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ ﴾، أي: أنهم يكابرون والله عليم بهذا، فهو في السماء وفي الأرض مطلع على السر والعلن.

 

وفي خطاب القرآن على لسان إبراهيم - سلام الله عليه - قومه نجد الاستعراض الواضح البين للمعتقدات المخالفة، قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[40].

 

فأقام إبراهيم - عليه السلام - خطابه هذا على الحجة العقلية؛ والتي تستعرض المعتقدات المختلفة لتثبيت العقيدة التي ينوي تبليغها.

وهذا جلي أيضا في خطابه للنمرود عند قول الله - عز وجل -: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [41].

 

وبالأسلوب نفسه خاطب موسى - عليه السلام - فرعون لما ادعى أنه هو الإله، وأن ليس في الدنيا رب سواه، قال موسى - عليه السلام - متسائلا: ﴿قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ﴾[42].

 

ويأتي الخطاب في القرآن قويا للمتطفلين على حاكمية الله في الأرض، المعتقدين أنهم مشرعون يحلون ويحرمون حسب أهوائهم من دون الله، قال الله: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۖ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [43].

 

كما خاطب القرآن الملحدين لما: ﴿ قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، فقال: ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ﴾ [44].

 

2- التوجه بالخطاب للعامة والخاصة:

خطاب القرآن الجميع على تفاوت الدرجات، واختلاف القُدرات؛ ليجد فيه الكل بغيته في آن واحد.

فالقرآن جمع بين العمق والمتانة مع السهولة واليُسر، ولو أنه خاطب الأذكياء بالواضح المكشوف؛ الذي تُخاطب به الأغبياء؛ لنزل بهم إلى مستوى لا يرضونه لأنفسهم في الخطاب، ولو أنه خاطب به العامة باللمحة والإشارة؛ التي يخاطب بها الأذكياء؛ لجاء من ذلك بما لا تطيقه عقولهم؛ لأنه لا غنى للمخاطب إن أراد أن يعطي الطائفتين حظهما من تنويع البيان.

 

فما يُخاطب به الأطفال، غير ما يُخاطب به الرجال؛ لأن الجملة الواحدة تُلقى إلى العلماء والجهلاء، وإلى الأذكياء والأغبياء، وإلى السوقة والملوك في كتابنا العظيم.

 

فيراها كل منهم مقدرة على مقاس عقله ووفق حاجته [45]، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بُعث في أمة أمية؛ ليبين لهم الطريق الحق.

 

وكان ذلك على قدر عقولهم ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ [46].

 

يقول السيوطي في معرض شرح الآية: " إن المائل إلى دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام؛ فإن من استطاع أن يُفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم يتخط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون، ولم يكن مُلْغِزا، فأخرج الله تعالى مخاطبته في محاجات خلقه في أجلى صورة؛ ليفهم العامة من جليلها ما يقنعهم ويلزم الحجة، وتفهم الخواص من أثنائها ما يُربى على ما أدركه فهم الخطباء " [47].

 

لقد زاوج كتاب الله في حواره بين السهل والمُبهر في نفس الآيات بشكل معجز أخاذ للعقل، إنه يتماشى على قدر طاقة ضعيف الفهم، ويرتقي ليُبهر قوي العقل، فمن الناس من يُصدق بالبرهان ومنهم من يصدق بالأقوال الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان، إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك، ومنهم من يصدق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية [48].

 

وقد أعلن الله - جل وتقدس - عن منهج الخطاب القرآني صِراحا، وألزم رسوله به أثناء مجادلة قومه، قال - تعالى -: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[49].

 

لأن الناس تختلف قدرتهم العقلية التي فطرهم الله عليها، بين عقل لا يقنعه النظر الأولي بل يتغلغل ويتبحر في الأدلة، وهذا يحتاج لبسط الدليل لإيصال الفكرة والتدليل على عمقها، ومن الناس من تكفيه الفكرة المتناسبة مع وجدانه، ومنهم من يروقه الجدال.

 

3- خطاب الإقناع والإمتاع:

إن الأسلوب القرآني عامة هو أسلوب تصويري، يمتاز بالتشويق وحسن النظم، أضف إلى ذلك قوة الإقناع وشدة التأثير.

وهذا جلي في الخطاب الدعوي [50]، وما يجعلني أقف عند هذه الخصيصة، هو الجمع العجيب بين قوة الإقناع في الخطاب المتوجه للعقول بشكل خاص، وبين الجمال الأخاذ؛ الذي ينبعث من الوجدان؛ ليشد العاطفة.

 

ومُحال أن يجمع أسلوب بين الضربين مهما بلغت بلاغته وارتفعـت حكمته، سل علماء النفس هل رأيتم أحدا تتكافأ فيه قوة التفكير وقوة الوجدان وسائر القوى النفسية على السواء؟ ولو مالت هذه القوى إلى شيء من التعادل عند قليل من الناس فهل ترونها تعمل في النفس دفعة واحدة ؟ يجيبوك بلسان واحد: كلا بل لا تعمل إلا متناوبة في الحال وكلما تسلطت واحدة منهن اضمحلت الأخرى وكاد ينمحي أثرها [51].

 

ولعل السر في ذلك راجع إلى علم الله المطلق، فالله الحكيم - جل شأنه - أحاط بكل شيء علما، لا يعتريه نقص حكيم البشر؛ الذي يتوجه لمخاطبة العقل مستجليا الحقائق، منهمكا في البراهين، لا يبالي لجفاء الأسلوب.

 

أما الشاعر فعلى النقيض ناقص هو الآخر، بينما هو يستجلب النفوس ويدغدغ العواطف يذهب عن قوة البرهان، ويتيه عن إشباع العقل، فمن لك إذا بهذا الكلام الواحد؛ الذي يجيء من الحقيقة البرهانية الصارمة بما يرتضي حتى أولئك الفلاسفة المتعمقين، مع المتعة الوجدانية الطيبة بما يرضي حتى هؤلاء الشعراء المرحين [52]، ذلك الله رب العالمين، فهو الذي لا يشغله شأن.

 

وهو القادر على أن يخاطب العقل والقلب معا بلسان واحد، وأن يمزج الحق والجمال معا يلتقيان ولا يبغيان. وأن يخرج من بينهما شرابا خالصا سائغا للشاربين [53].

 

4- الإحاطة بما يؤثر في النفس:

يقول تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [54]، فالله - جل شأنه - هو العالم بالخصائص الذاتية للمخلوقات المخاطبة بالقرآن وما جُبلت عليه من غرائز؛ وفطرت عليه من حاجات.

ولذا فإن الخطاب القرآني يركز على هاته المؤثرات.

 

فهو يخاطب الحنان والعاطفة الميالة للجنس والانتماء الأسري؛ وحب البيت والقبيلة، قال تعالى مثيرا عاطفة الإنسان الاجتماعية: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ [55].

 

وقال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [56].

 

كما قال في ذم ما يصبو إليه البشر من حب المال؛ والتملك؛ والحرص؛ والطمع؛ وحب الخلود؛ والتمسك بطول الأمد: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [57].

 

فالملاحظ من خطاب القرآن أنه يركز كثيرا على الغرائز المحيطة بالإنسان؛ لأن ذلك أنجع طريق للهداية والدفع بالأقوام لسبل الطاعة؛ وإبعادهم عن طرق الغواية.

 

فالقرآن رغب ورهب؛ لأن خطابه الأول في نظري كان مع النفس البشرية؛ التي ترغب في نعيم المؤمنين، وتحذر من عذاب الكافرين، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ [58].

 

5- عرض الآراء بلا زيادة ولا نقصان:

في حال اختلاف وجهات النظر؛ وفي حال ائتلافها؛ يسعى الخطاب القرآني إلى عرض الآراء بشكل تتضح فيه جميع الأطراف بشكل جلي.

 

مثلا: خطاب موسى للعبد الصالح، أو خطاب ملكة سبأ لقومها؛ الذي تتفق فيه الأطراف، عكس حوارات الرسل وأقوامهم المعاندين، الذي تتضارب فيه الآراء.

والقرآن في هذه الحالة؛ أو تلكم يسعى إلى كشف وجهة نظر كل طرف بصدق وأمانة ودقة.

 

فهو لا يضيق ذرعا بذكر آراء المخالفين مهما بلغ حد الخلاف، وفي الوقت ذاته يسعى لكشف زيغهم وإظهار زيف كلامهم، كما في الأمثلة السالفة.

 

6- تأسيس الخطاب على دلائل وبراهين وأقيسة عقلية:

يقول القاضي عياض: " فجمع فيه - أي القرآن - من بيان علم الشرائع والحجج والتنبيه على طرق الحجج العقليات؛ والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة بينة سهلة الألفاظ موجزة المقاصد " [59].

 

أي: إن القرآن سلك طرقا للحجاج العقلي، وقد ذكرها بتسمية الميزان، وبهذا اللفظ عبر الإمامان ابن تيمية والغزالي واستدلا بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ﴾ [60]. وبقوله جل وعز: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾[61].

 

وهذا الميزان ليس خاصا بالأعيان [62]، بل يشتمل كل ما تعرف به المقادير من الأوزان؛ والأطوال؛ والأحجام.

وتُعرف به تماثل المتماثلات، واختلاف المختلفـات، وكذلك تُعرف به الفروع المقيسة بالموازين المشتركة بينها، وهي الوصف الجامع المشترك؛ الذي يُسمى الحد الوسط أو العلة [63]، والمقصود بالعلة: ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا مؤثرا فيه [64].

 

7- خطاب وجيز تام المعنى:

إذا كان الإيجاز مرغوبا فيه في سائر الكلام، فهو في الخطاب المباشر أكثر إلحاحا وأشد ضرورة؛ لأن من دعائم الفصاحة أن ينتقل الكلام للطرف الآخر بشكل مختزل بلا نقص مخل ولا إسهاب ممل رتيب، وهذا محال في كلام البشر، فالذي يعمد إلى إدخال اللفظ وعدم الاتفاق منه إلا على حد الضرورة لا ينفك من أن يحيف على المعنى قليلا أو كثيرا.

وذلك أنه إما أن يؤدي لك مراده جملة لا تفصيلا، وإما أن يذهب فيه إلى شيء من التفصيل.

 

لكنه إذ يأخذه الحذر من الإكثار والإسراف يبذل جهده في ضم أطرافه، وحذف ما استطاع من أدوات التمهيد، والتشويق، ووسائل التقرير والتثبيت، وما إلى ذلك مما تمس إليه حاجة النفس في البيان، حتى يخرجه ثوبا متقلصا يقصر عن غايته، أو هيكلا من العظم لا يكسوه لحم ولا عصب.

 

ورُبَّ حرف واحد من الكلام يذهب بمائه ورونقه، ويكسف شمس فصاحته، ورُبَّ اختصار يطوي الكلام طيا يزهق روحه ويعمي طريقه ويرد إيجازه عيا وإلغازا [65].

 

ولنستبين تمكن القرآن وتفرده فيما أورد، أسوق نموذجا سبق وأن اعتمدته: لاحظ معي براعة الإيجاز وغزارة المعنى، يقول - تعالى -: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[66]، فالآية اختزلت معاني عِظَام، ودلائل كبيرة الإبهار، بشكل في غاية الاختصار.

 

حيث بدأت مشهد المناظرة بين إبراهيم والنمرود في القرآن بتحديد الهدف العام منها، وهو: تفرد الله بالربوبية دون غيره.

 

ثم تشكلت بعد ذلك أطراف المناظرة الأربع بتصوير مختصر، والتي حصرها طه عبد الرحمان في أربعة أركان [67]:

• طرفا المناظرة في الخطاب القرآني: ( إبراهيم والنمرود )

• الدعوى في الخطاب القرآني: ( إثبات الربوبية، هل هي لله وحده لا شريك له، أم للنمرود أيضا ؟ )

• أخلاق الطرفين في الخطاب القرآني: حيث اتصف إبراهيم بالهدوء والذكاء، واتصف النمرود بالكبر والادعاء والمغالطة بالقول.

• المآل في الخطاب القرآني: وهي النهاية، والتي لخصها قوله تعالى: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ﴾.

ويرجع السبب الرئيس في نجاح إبراهيم - عليه السلام - في مناظرته إلى اختياراته المباشرة، وأسلوبه المختصر في الكلام.

 

حيث احتج بحجة واضحة يدركها كل عاقل، وهي أن الرب الحق هو الذي يحيي ويميت، وكل واحد يعلم بالضرورة أنه لا يستطيع إحياء ميت، فلذلك ابتدأ إبراهيم الحجة بدلالة عجز الناس عن إحياء الموتى [68].

 

لكن النمرود رد بأسلوب مغالط، فبدل أن يرد على طرح إبراهيم بالحجة نفسها؛ تجاهل المطلوب.

 

وراح يبرهن على طريق المجاز عن شيء آخر اعتمادا على منصبه السلطوي، قال: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ﴾، أي: أنه يأخذ الرجل ويحكم عليه بالقتل، في حين يعفو عن الآخر.

 

وهو تهديد ضمني لإبراهيم ليتراجع، وهذا سلوك كل متكبر متسلط بعدما يحس بالهزيمة والفشل.

ولم يدخل إبراهيم البتة في جو المِراء، بل سلم كأن النمرود على حق، ورد عليه بالأسلوب نفسه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ﴾، على طريق الحجاج بالانتقال.

 

حيث أخرجه من دائرة الربوبية؛ التي أدخل نفسه فيها بالاستدلال المنطقي؛ الذي لا سبيل فيه للمغالطة.

أي: إذا كنت تدعي أنك تحيي وتميت، فالذي يحيي ويميت هو الذي يتصرف في الوجود في خلق ذواته، وتسخير كواكبه وحركاته.

 

فهذه الشمس تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلها كما ادعيت فات بها من المغرب ؟ فلما علم عجزه وانقطاعه، وأنه لا يقدر على المكابرة في هذا المقام بُهت، وقامت عليه الحجة [69]، وبهذا فند إبراهيم - عليه السلام - طرح النمرود الأول بطريق غير مباشر، ليحسم المناظرة، وليرد على تهديد النمرود السالف.

 

تقويم:

برع الخطاب القرآني أسلوبيا اتصالا وانفصالا، فالتركيب جاء مترابطا شديد الإحكام، والعبارات سيقت بدقة مختارة حسب المقام: غيب وعقيدة، قصص وأخبار، تشريع، ثم وعظ أخلاقي...

 

وجاء هذا بأسلوب خَطابي جمع بين صيغة العموم وصيغ الخصوص؛ ليخاطب القرآن الجميع بعبارة ( يا أيها الناس )، ثم يفرد كل واحد حسب المقام والمقصد المراد إبلاغه.

فيخاطب المسلم والكافر، والمؤمن والمنافق، ثم ليخص بالخطاب أحيانا المرسلين المكلفين بإيصال معاني الوحي.

 

وصاغ القرآن خطابه بأسلوب وازن بين العقل والعاطفة؛ ليقنع ويمتع، وجاء هذا كله في قالب اصطلح عليه علماء البلاغة بالنظم.

ولعل أهم أسباب الإعجاز الخَطابي في القرآن إحاطة المخاطِب: ( الله ) - تقدس - بما يؤثر في النفوس المخاطَبة، وهذا لا يتأتى لأحد مهما بلغ درجة الكمال.

 

وعليه: فالخطاب القرآني، أقنع المخاطَب أحيانا بأسلوب عاطفي وجداني، وأخرى بأسلوب علمي عقلي حسب المقام؛ ليجمع بين الترغيب والترهيب.

 

ثم عرض كل الآراء بمنهجية شديدة الحياد والصدق، وبأمانة ودقة، وصاغ كل هذا في قالب موجز تام المعنى، ليخرج بالخطاب أحيانا بطريق مباشر كمقامات التشريع مثلا، ويوجه الخطاب أخرى عن طريق الحوار والمناظرة، والتي تتغيا بالدرجة الأولى إبلاغ رسائل القرآن العقدية بشكل مشوق يثير انتباه المخاطب بخطاب التوحيد.

 

المصادر والمراجع:

 

• القرآن الكريم:

 

• إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، للقاضي أبو السعود محمد ابن مصطفى العمادي ت982هـ، وضع حواشيه: عبد اللطيف عبد الرحمان، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، سنة1999م.

• إعجاز القرآن الكريم والبلاغة النبوية، مصطفى صادق الرافعي، دار الكتب العربي بيروت، بدون تاريخ.

 

• أضواء بلاغية على جزء الذاريات، عبد القادر حسين محمد، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة، الطبعة الأولى، بدون تاريخ.

 

• الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، مطبعة مصطفى البابي مصر، الطبعة الرابعة، 1978م.

• الإعجاز البلاغي دراسة تحليلية لتراث أهل العلم، محمد محمد أبو موسى، مكتبة وهبة القاهرة، الطبعة الثانية، 1997م.

• البيان والتبين، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي القاهرة، الطبعة السابعة، 1998م.

• البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي ت794هـ، تحقيق محمد أبو الفضل، المكتبة العصرية صيدا بيروت، 1972م.

• التعريفات، علي بن محمد بن علي الجرجاني ت816هـ، تحقيق: إبراهيم الأباري، دار الكتاب العربي، لبنان، الطبعة الأولى، 1405هـ.

• تفسير القرآن العظيم، لعماد الدين إسماعيل بن كثير ت784هـ، علق عليه أحمد محمد شاكر وعبد الرحمان بن ناصر السعدي، ومحمد بن صالح العثيمين، ومحمد ناصر الدين الألـباني، ومقبل بن هادي الوادعي، وصالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار الآثار للنشر والتوزيع، 2009م.

• التحرير والتنوير، لمحمد بن عاشور، الدار التونسية للنشر، بدون تاريخ.

• ثقافة الحوار في الإسلام، لمحمد الكتاني، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الطبعة الأولى، 2007م.

• الرد على المنطقيين، تقي الدين أحمد بن تيمية ت 728هـ، دار المعرفة بيروت لبنان، بدون تاريخ.

• الصناعتين الكتابة والشعر، لأبي الهلال العسكري ت395هـ، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية بيروت لبنان، 1986م.

• فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، ابن رشد، دراسة وتحقـيق: محمد عمارة، دار المعارف، دون تاريخ.

 

• في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، طه عبد الرحمان، المركز الثقافي العربي الدار البيضاء المغرب، الطبعة الثانية، 2000 م.

• معجم مفردات ألفاظ القرآن، أبو القاسم الراغب الأصفهاني، تحقيق: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1997م.

• المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الأثير ت637هـ، قدمه وعلق عليه: أحمد الحوفي وبدوي طبانة، دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة، بدون تاريخ.

• معترك الأقران في إعجاز القرآن، جلال الدين السيوطي، ضبطه وصححه وكتب فهارسه: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1988.

• النكت في إعجاز القرآن، لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني، تحقيق: محمد خلف الله ومحمد زغلول النجار سلام، دار المعارف القاهرة، الطبعة الثانية، 1968م.

• النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن، لمحمد عبد الله دراز، دار القلم، بدون تاريخ.

• شرح الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض، علي القاري، دار النواذر، دون تاريخ.

 


[1] الصناعتين، أبو الهلال العسكري، ص: 167.

[2] الإعجاز البلاغي، أبو موسى، ص: 53..

[3] أضواء بلاغية على جزء الذاريات، عبد القادر حسين، ص: 4.

[4] الحج، الآية: 49.

[5] النمل، الآية: 16.

[6] البقرة، الآية: 21.

[7] البقرة، الآية: 168.

[8] النساء، الآية: 170.

[9] مريم، الآية: 6.

[10] مريم، الآية: 11.

[11] المائدة، الآية: 112.

[12] البقرة، الآية: 104.

[13] البقرة الآية: 172.

[14] البقرة، الآية: 183.

[15] النساء، الآية: 59.

[16] آل عمرآن، الآية: 103.

[17] الإسراء، الآيات: 31-34.

[18] آل عمران، الآية: 64.

[19] آل عمران، الآية: 99.

[20] المائدة، الآية: 70.

[21] التوبة، الآية: 53.

[22] التوبة، الآية: 64.

[23] التوبة، الآية: 65.

[24] النمل: الآيات: 59-65.

[25] مقدمة مفردات القرآن، الراغب الأصفهاني.

[26] إعجاز القرآن، الرافعي، ص: 255 - بتصرف -.

[27] البيان والتبين، الجاحظ، ج1/ص: 40.

[28] الاحزاب، الآية: 53.

[29] المثل السائر، ابن الأثير، ج1/ص: 145-146 - بتصرف -.

[30] النكت، الرماني، ص: 102.

[31] الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1/ص: 53.

[32] نفسه، ج1/ص: 78.

[33] يس، الآية: 36.

[34] يس، الآية: 15-16.

[35] الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1/ص: 78.

[36] النمل، الآية: 80.

[37] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج2/ص: 96.

[38] الأنعام، الآيات: 1-4.

[39] لأن إضافة (الحمد ) للام التمليك أفاد التخصيص، أنظر إرشاد العقل السليم، أبو السعود، ج3/ص: 104.

[40] الانعام، الآيات: 76-80.

[41] البقرة، الآية: 258.

[42] طه، الآيات: 48-53.

[43] الأنعام، الآيات: 143-145.

[44] المومنون، الآيات: 82-90.

[45] عبد الله دراز، النبأ العظيم، ص: 113 - بتصرف -.

[46] آل عمران، الآية: 164.

[47] السيوطي، معترك الأقران، ج1/ص: 346.

[48] ابن رشد، فصل المقال فيما بين الحقيقة والشريعة من الإتصال، ص: 31.

[49] النحل، الآية: 127.

[50] المقصود بالحوار الدعوي: أنباء الرسل، و ما كان لهم سلام الله عليهم من شأن في الحوار، أنظر ثقافة الحوار في الإسلام، لمحمد الكتاني، أنماط الحوار في القرآن و موضوعاته، الحوار الدعوي، ص: 162.

[51] النبأ العظيم، عبد الله دراز، ص: 114.

[52] النبأ العظيم، عبد الله دراز، ص: 114.

[53] نفسه، ص: 116 - بتصرف -.

[54] الملك، الآية: 15.

[55] النحل، الآية: 72.

[56] الروم، الآية: 20.

[57] الفجر، الآية: 20.

[58] النساء، اللآيات: 55-56.

[59] شرح الشفا في شمائل المصطفى، ج2/ص: 748.

[60] الحديد، الآية: 24.

[61] الرحمان، الآيتان: 5-6..

[62] أي: الأشياء بعينها.

[63] الرد على المنطقيين، ابن تيمية، ج2/ص: 113.

[64] التعريفات، الجرجاني، ص: 66.

[65] النبأ العظيم، عبد الله دراز، ص: 109.

[66] البقرة، الآية: 257.

[67] يقول طه عبد الرحمان: " لما كان غرض المناظرة أو البحث كما أطلق عليه إظهار الصواب، فقد حُددت لها شروط عامة كالآتي: أ- لا بد من جانبين، ب- لا بد لها من دعوى، ج - لا بد لها من مآل يكون بعجز أحد الجانبين، د - لكل من الجانبين آداب و وظائف "، طه عبد الرحمان، في أصول الحوار و تجديد علم الكلام، ص: 74

[68] الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، 3 /33.

[69] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1 /287.



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122368/#ixzz4xdr2w8Y9