أكثر من أربعة أعوام مرت على النزاع السوري الذي أنتج أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم في القرن الحادي والعشرين، ولم يتمكن اللاعبون الدوليون المنخرطون في هذا النزاع القاتل من إيجاد حلول سياسية تنهي هذه اللعنة التي حلت على كافة السوريين.
وبالرغم من انعقاد العديد من المؤتمرات الدولية ابتداءً بمؤتمر جنيف 1 ومن ثم 2، فضلاً عن مشاورات موسكو 1 و2، وأخيراً النقاش الذي اقترحته الأمم المتحدة على ستيفان دي مستورا مبعوثها إلى سورية والذي بدأ أوائل الشهر الماضي في جنيف، إلا أن كل ذلك لم يقرب المسافات المتباعدة بين فرقاء النزاع.
الموضوع لا يتصل بالمشكلة بين النظام السوري ومختلف أطياف المعارضة، إنما يتعدى ذلك إلى الخلاف البائن بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها أيضاً من جهة أخرى، والوقائع والمؤشرات جميعها تقول إن الكل في خلاف.
فيما يتعلق بتباعد وجهات النظر بين الدول الكبرى، يلاحظ أن واشنطن غير معنية حالياً بإيجاد مسار سياسي ينهي الأزمة السورية، وأكثر ما يخصها الآن هو توجيه تحالفها الدولي لمواجهة تنظيم «داعش» المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة في كل من سورية والعراق.
الموقف الأميركي تجاه سورية شهد تذبذباً خلال سنوات النزاع السوري، إذ تمسكت واشنطن منذ البداية بضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، ومن ثم لم تعد حاضرة هذه النبرة على خلفية الصعود القوي لتنظيم «داعش» وتمدده في مناطق سورية.
حتى أن الكثير من الكتاب والمحللين المهتمين بالشأن السوري عابوا السياسة الأميركية وقالوا إنه لا توجد لديها استراتيجية واضحة فيما يتعلق بالأزمة السورية، ثم عاد الموقف الأميركي من جديد ليؤكد ضرورة رحيل الأسد عن السلطة وأن لا مستقبل لسورية في ظل وجوده.
الذي حصل في الموقف الأميركي أنه استثمر وجود التباينات والتجاذبات الهائلة بين فرقاء النزاع السوري على الأرض، مع تمكن تنظيمات متطرفة مثل «داعش» وجبهة النصرة من السيطرة على مناطق حيوية في سورية، وربما هذا واحد من القضايا التي جعلت واشنطن تشدد على أهمية رحيل الأسد.
ولأنها تدرك مدى خطورة الأزمة السورية وحضور السلاح كل الوقت، فلم تهتم واشنطن أو تسلك الطرق الدبلوماسية لتفعيل إطار سياسي مبني على الحل، مكتفيةً بتوجيه كل اهتمامها على ملاحقة «داعش» المتطرف في سورية والعراق.
لعل واشنطن كانت تريد القضاء على النظام السوري بواسطة المعارضة المعتدلة، لكن ضعف الأخيرة وعدم قدرتها على الحسم، ربما جعل الإدارة الأميركية تراهن في البداية على التنظيمات المتطرفة مثل «داعش» وأخواتها، إلى أن اختلفت الحسابات بعد توسع تهديد تلك التنظيمات وانعكاسه سلباً على السلم والأمن العالميين.
وبعدها خرج الكثير من صناع القرار الأميركي ليؤكدوا أن محاربة «داعش» يحتاج سنوات طويلة، في الوقت الذي جرى فيه مؤخراً نقاش معمق في باريس، يدعو إلى إيجاد آلية جديدة لمواجهة «داعش»، خصوصاً مع تنامي قوته وسيطرته على مواقع عراقية وسورية مهمة، وآخرها مدينة تدمر التاريخية.
القصد من استعراض الموقف الأميركي أن الأخير غير مهتم بالمسار السياسي ولا بإنهاء الأزمة السورية، وإلا كنا استمعنا إلى مواقف أميركية تدعو للحوار وتضغط على المعارضة السورية المعتدلة من أجل إنهاء النزاع السوري بالطرق السياسية.
أما الموقف الروسي فلا يزال يتمسك بعلاقته مع النظام السوري، ويمده بكل المقويات والإمكانيات التي تضمن صموده أمام مختلف أطياف المعارضة، ولا تريد موسكو التنازل عن سورية لأنها تدرك بأن النزاع السوري هو نزاع بالوكالة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
وحاولت روسيا جاهدةً جلب المعارضة السورية المعتدلة وجمعها بالنظام السوري للتوسط حول تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، إلا أن الأولى ما تزال تصر على موقفها الذي يدعو للحوار لكن على قاعدة الأسد خارج السلطة.
وهذا الموقف ظل حاضراً في كافة اجتماعات المعارضة، سواء في اسطنبول أو مؤخراً في القاهرة، حيث وإن كانت ترحب بالحوار مع النظام السوري بواسطة الأمم المتحدة، لكنها تشدد على أن خارطة الطريق التي تتبناها تستثني وجود الحكومة السورية بشكلها الحالي.
النظام السوري من جهته مقتنع بالتفاوض إنما وفق رؤيته التي تتضمن بقاء الأسد في السلطة، وهذا المعيار الأهم يشكل صاعقاً قابلاً للتفجر، وعلى ما يبدو أن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي مستورا الذي يجري مشاورات حالية مع مختلف الأطراف السورية كلا على حده، قد لا يتمكن من إيجاد أي بصيص أمل للأزمة السورية.
ومع أن طرفي النزاع السوري والقصد هنا النظام من جهة والمعارضة المعتدلة من جهة أخرى، مقتنعون بأهمية الطرق الدبلوماسية ويدعون إلى عقد حوارات ونقاشات فيما بينهم، لكن أياً منهم لم يتخذ خطوات استباقية تمهد لوقف النزاع على الأرض كبادرة حسن نية.
ويدركون في ذات الوقت أن أي تهدئة للنزاع ستكون على حساب تمدد التنظيمات المتطرفة، فضلاً عن تمترس كل فريق في رأيه، الأمر الذي ينسف أي حوار مستقبلي تدعو له موسكو، أو مؤتمر دولي جديد على شاكلة جنيف 2.
ثم إن كثرة الأصابع التي تتدخل في الملف السوري من شأنها أن تزيده تعقيداً فوق التعقيد الذي يلفه، ما يعني أن الأزمة السورية لا تزال بعيدة عن الحلول السياسية، في ظل جرعات التأييد والقوة التي يحصل عليها الفرقاء من حلفائهم الدوليين.
وهذا قد يقود للقول إن الحديث عن مبادرات سياسية دولية لإيجاد حل للنزاع السوري إنما مجرد كلام استهلاكي وغير واقعي، خصوصاً مع مؤشرات القوة التي تتمتع بها مختلف الأطراف السورية على أرض النزاع.
وعليه فإن الحل في سورية وإن لم يكن حاضراً في هذا العام بعد، فإنه مرهون للطرف الأقوى على الأرض، وحتى هذه اللحظات الجميع يضرب ويتلقى الضربات، وأمر النزاع لا غالب ولا مغلوب والدلائل تشير إلى أن نهايته ستكون بالطرق السياسية لكن بالأدوات العسكرية.
لقد أتعب النزاع السوري الدولة وجيشها وجعلها الآن في مصاف الدول الضعيفة التي خرجت عن مسار الدول الإقليمية المؤثرة والفاعلة في المشهدين الإقليمي والعربي، وبالتالي فإن الأزمة السورية وما تحمله من جرح كبير لن تعود إلى ذلك المسار، أقله خلال خمسين عاماً من الآن، هذا إن لم يجهز النزاع على سورية البلد والشعب ويحولها إلى الدولة الفاشلة معظم الوقت.
وبالرغم من انعقاد العديد من المؤتمرات الدولية ابتداءً بمؤتمر جنيف 1 ومن ثم 2، فضلاً عن مشاورات موسكو 1 و2، وأخيراً النقاش الذي اقترحته الأمم المتحدة على ستيفان دي مستورا مبعوثها إلى سورية والذي بدأ أوائل الشهر الماضي في جنيف، إلا أن كل ذلك لم يقرب المسافات المتباعدة بين فرقاء النزاع.
الموضوع لا يتصل بالمشكلة بين النظام السوري ومختلف أطياف المعارضة، إنما يتعدى ذلك إلى الخلاف البائن بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها أيضاً من جهة أخرى، والوقائع والمؤشرات جميعها تقول إن الكل في خلاف.
فيما يتعلق بتباعد وجهات النظر بين الدول الكبرى، يلاحظ أن واشنطن غير معنية حالياً بإيجاد مسار سياسي ينهي الأزمة السورية، وأكثر ما يخصها الآن هو توجيه تحالفها الدولي لمواجهة تنظيم «داعش» المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة في كل من سورية والعراق.
الموقف الأميركي تجاه سورية شهد تذبذباً خلال سنوات النزاع السوري، إذ تمسكت واشنطن منذ البداية بضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، ومن ثم لم تعد حاضرة هذه النبرة على خلفية الصعود القوي لتنظيم «داعش» وتمدده في مناطق سورية.
حتى أن الكثير من الكتاب والمحللين المهتمين بالشأن السوري عابوا السياسة الأميركية وقالوا إنه لا توجد لديها استراتيجية واضحة فيما يتعلق بالأزمة السورية، ثم عاد الموقف الأميركي من جديد ليؤكد ضرورة رحيل الأسد عن السلطة وأن لا مستقبل لسورية في ظل وجوده.
الذي حصل في الموقف الأميركي أنه استثمر وجود التباينات والتجاذبات الهائلة بين فرقاء النزاع السوري على الأرض، مع تمكن تنظيمات متطرفة مثل «داعش» وجبهة النصرة من السيطرة على مناطق حيوية في سورية، وربما هذا واحد من القضايا التي جعلت واشنطن تشدد على أهمية رحيل الأسد.
ولأنها تدرك مدى خطورة الأزمة السورية وحضور السلاح كل الوقت، فلم تهتم واشنطن أو تسلك الطرق الدبلوماسية لتفعيل إطار سياسي مبني على الحل، مكتفيةً بتوجيه كل اهتمامها على ملاحقة «داعش» المتطرف في سورية والعراق.
لعل واشنطن كانت تريد القضاء على النظام السوري بواسطة المعارضة المعتدلة، لكن ضعف الأخيرة وعدم قدرتها على الحسم، ربما جعل الإدارة الأميركية تراهن في البداية على التنظيمات المتطرفة مثل «داعش» وأخواتها، إلى أن اختلفت الحسابات بعد توسع تهديد تلك التنظيمات وانعكاسه سلباً على السلم والأمن العالميين.
وبعدها خرج الكثير من صناع القرار الأميركي ليؤكدوا أن محاربة «داعش» يحتاج سنوات طويلة، في الوقت الذي جرى فيه مؤخراً نقاش معمق في باريس، يدعو إلى إيجاد آلية جديدة لمواجهة «داعش»، خصوصاً مع تنامي قوته وسيطرته على مواقع عراقية وسورية مهمة، وآخرها مدينة تدمر التاريخية.
القصد من استعراض الموقف الأميركي أن الأخير غير مهتم بالمسار السياسي ولا بإنهاء الأزمة السورية، وإلا كنا استمعنا إلى مواقف أميركية تدعو للحوار وتضغط على المعارضة السورية المعتدلة من أجل إنهاء النزاع السوري بالطرق السياسية.
أما الموقف الروسي فلا يزال يتمسك بعلاقته مع النظام السوري، ويمده بكل المقويات والإمكانيات التي تضمن صموده أمام مختلف أطياف المعارضة، ولا تريد موسكو التنازل عن سورية لأنها تدرك بأن النزاع السوري هو نزاع بالوكالة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية.
وحاولت روسيا جاهدةً جلب المعارضة السورية المعتدلة وجمعها بالنظام السوري للتوسط حول تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، إلا أن الأولى ما تزال تصر على موقفها الذي يدعو للحوار لكن على قاعدة الأسد خارج السلطة.
وهذا الموقف ظل حاضراً في كافة اجتماعات المعارضة، سواء في اسطنبول أو مؤخراً في القاهرة، حيث وإن كانت ترحب بالحوار مع النظام السوري بواسطة الأمم المتحدة، لكنها تشدد على أن خارطة الطريق التي تتبناها تستثني وجود الحكومة السورية بشكلها الحالي.
النظام السوري من جهته مقتنع بالتفاوض إنما وفق رؤيته التي تتضمن بقاء الأسد في السلطة، وهذا المعيار الأهم يشكل صاعقاً قابلاً للتفجر، وعلى ما يبدو أن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي مستورا الذي يجري مشاورات حالية مع مختلف الأطراف السورية كلا على حده، قد لا يتمكن من إيجاد أي بصيص أمل للأزمة السورية.
ومع أن طرفي النزاع السوري والقصد هنا النظام من جهة والمعارضة المعتدلة من جهة أخرى، مقتنعون بأهمية الطرق الدبلوماسية ويدعون إلى عقد حوارات ونقاشات فيما بينهم، لكن أياً منهم لم يتخذ خطوات استباقية تمهد لوقف النزاع على الأرض كبادرة حسن نية.
ويدركون في ذات الوقت أن أي تهدئة للنزاع ستكون على حساب تمدد التنظيمات المتطرفة، فضلاً عن تمترس كل فريق في رأيه، الأمر الذي ينسف أي حوار مستقبلي تدعو له موسكو، أو مؤتمر دولي جديد على شاكلة جنيف 2.
ثم إن كثرة الأصابع التي تتدخل في الملف السوري من شأنها أن تزيده تعقيداً فوق التعقيد الذي يلفه، ما يعني أن الأزمة السورية لا تزال بعيدة عن الحلول السياسية، في ظل جرعات التأييد والقوة التي يحصل عليها الفرقاء من حلفائهم الدوليين.
وهذا قد يقود للقول إن الحديث عن مبادرات سياسية دولية لإيجاد حل للنزاع السوري إنما مجرد كلام استهلاكي وغير واقعي، خصوصاً مع مؤشرات القوة التي تتمتع بها مختلف الأطراف السورية على أرض النزاع.
وعليه فإن الحل في سورية وإن لم يكن حاضراً في هذا العام بعد، فإنه مرهون للطرف الأقوى على الأرض، وحتى هذه اللحظات الجميع يضرب ويتلقى الضربات، وأمر النزاع لا غالب ولا مغلوب والدلائل تشير إلى أن نهايته ستكون بالطرق السياسية لكن بالأدوات العسكرية.
لقد أتعب النزاع السوري الدولة وجيشها وجعلها الآن في مصاف الدول الضعيفة التي خرجت عن مسار الدول الإقليمية المؤثرة والفاعلة في المشهدين الإقليمي والعربي، وبالتالي فإن الأزمة السورية وما تحمله من جرح كبير لن تعود إلى ذلك المسار، أقله خلال خمسين عاماً من الآن، هذا إن لم يجهز النزاع على سورية البلد والشعب ويحولها إلى الدولة الفاشلة معظم الوقت.