نداء يونس " الإشارة ليست حمراء جدا "

نداء يونس " الإشارة ليست حمراء جدا "
حجم الخط

لدي حياتي البائسة خارج الشعر والمعنى،

موعد طبيب الاسنان عند المساء

عمل شاق في ترتيب الاشياء التي تتبعثر دائما

وتتسخ كثيرا

وتمد لسانها للوقت ولي،

أترجم نصا لان يدا لا تعمل تنسى

انا عادة لا انسى

ذاكرة يدي قوية كقلبي

كذاكرة الصبار.

اتابع اخبارا

اسمع قصص اليوم كله من اصدقائي

اوزع الابتسامات والوجوه الحزينة

اقدم التهاني واقوم بواجب العزاء

وأتابع أشياء ان تبد لكم .....

اقدم النصائح لأبنائي،

انا آخر شخص يصلح لتقديم نصيحة،

ربما اقنع نفسي أن هناك جدوى من كل الحياة التي اعيشها

اقنع نفسي انني حكيمة لأنني اعمل

واعلم انني أعمل لأنني أريد أعيش فقط

ربما اكون بحكمة بائسة انهي بطريقة لبقة فيض الاسئلة

عن استاذ يقفز عن النص الى الحظيرة

او يحاول ان يحمل الطلاب الى غرفة الانعاش

"بعض الافكار لا ينبغي ان تموت"

وعن اولاد بلا تربية

وبنات حائرات

كل شيء يدعو هنا الى الحيرة.

ادرس ابنتي

تحب الشِعر مثلي

تجنح كثيرا في الكلام،

وأعيدها الى القوالب والصفات واللغات والأسئلة،

اشتم كل النصوص الجاهزة،

والمعرفة المعلبة،

وخروج الممثل خارج النص لكن الى الحاوية،

وتبادل الادوار الكارثي بين العصيدة والعقيدة،

لن اقول من اشتم ايضا وماذا.

اتابع الاخبار مرارا

هناك دوما مجال كي أشتم،

الشتيمة تبدو في سياق معقول مبررة

احتفظ بالمعنى في قلبي،

والتفاح في الجنة.

كتبت مرة انني ابول على العالم،

شتمني صديق علنا،

ومضى

بريدي ممتلئ بالرسائل، ولا ارد،

اريد انانتهي من قراءة اشياء كثيرة،

ان احسن بندم او غضب او خوف

أريد فسحة لما أحب، لأن أحب،

لان انتهي من السير على الحافة،

أكمل عادة في رأسي ما اتمنى

كلب طوال الليل يعوي،

ليس من حل للعواء ولا للكلاب سوى قتلها.

سريري لم ارتبه،

سأقود أنا اليوم

الرواية في جيب السيارة تنتظر،

ديوان شعر على هاتفي النقال ينتظر،

سؤال عن شئ ما، بطاقات الصحافة مثلا

فالية لليوم

نكتة

سؤال غبي

موعظ

او دعوة الى لقاء صحفي، تنتظر،

ربما كان احدهم- لا اعرفه طبعا – يلوح،

او يرمي شِباك الكلام الممل قائلا: مرحبا،

( وماذا بعد، لا ادري)

ربما كان احدا أعرفه،

ويغضب لأنه يظن: هذه اللعينة تملك ترف الحكي وترف الرد،

والوق

وكالنساء/ كالرجال

تضيعه،

كف أخرى تصر على التلويح ، لا اعرفها

لكن اعرف دوما أنني أخسر.

اتذكر،

العينة البحثية التي اعمل عليها تحتاج الى تعديل،

ربما ينبغي ان أوسعها

ان أستبدلها،

هناك نظرية يمكن ان أوظفها،

النظريات وضعت كي نجربها لكن في البحث العلمي فقط

قال لي أستاذ المادة في الجامعة،

نخطر لي فكرة أخرى تصلح لمقالة جديدة،

وابتسم بخبث:

حضرت ردا مفحما،

زميل ما يبحث عن حجر سنِّمار في هرمي

يضرب موعدا للتصيد في دمي

كيف أفهمهم تسألني

صبية حلوة في مكتبي،

- الامس مثل اليوم ومثل غد

- وحده أمسي ليس كغدي،

واليوم أصنعه على عيني،

(لدي دائما فكرة، لا تعجزني الحياة).

يتجاوزني سائق مسرع،

اقطع الطريق عليه،

هو يظن ان امرأة ستخاف،

او انها لا تجيد القيادة،

أركن السيارة الي جانب الطريق،

الساعة الان السابعة بتوقيت القدس،

الواحدة بتوقيت جنوب شرق آسيا،

المدرسة قريبة،

لا بأس

سأنهي المقابلة بسرعة،

عشر دقائق،

الازمة عند السابعة والنصف خانقة،

اقود ببطء،

احتاج الى تدوين ملاحظتين:

واحدة عن موعد خارج الدوام الرسمي،

وأخرى تذكرني باجتماعات كثيرة، لا احبها.

اراقب بائع المناديل

-لدي بعض الوقت-

أفكر كم ان العالم وعر، أنني أيل صخري،

ينظف لي شاب الزجاج،

اضرب المقود بيدي،

احاول ان اشرح له: ارى العالم من خلف شباك متسخ بشكل افضل،

اتذكر قذارته الدائمة،

مكرهة ادفع لخدمة لا اريدها،

لم أطلبها،

ولا تعني لي شيئا.

اوضح لسائق تأمرني يديه، صرخاته وبوق سيارته

(تحركي):

- الاشارة ما زالت حمراء!

- "مش كتير حمرا"،

هكا يفكر الرجال دائما،

يقتحمون كل شيء،

فالإشارة ليست حمراء "جدا".

افتح هاتفي النقال،

ابعث لشاعر على الضفة الأخرى: "سأصعد اليوم في المعنى"،

يدي على المقود،

قلمي في يدي،

اكتب قبل الثامنة قصيدة،

وأكمل حتى المساء

يومي الذي بالكاد يبتدي.

#من_أشياء_تحدث_دائما