ست وعشرون فضيلة للصلاة في المساجد

ست وعشرون فضيلة للصلاة في المساجد
حجم الخط

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.

أمَّا بعدُ:

فلقد اتفق علماء الإسلام على أن من أعظم العبادات وأجلِّ القُرُبات: إقامة الصلوات الخمس في المساجد،وإليكَ أخي المسلم بعضاً من فضائل إقامتك للصلاة في المساجد مِن كلام مَنْ كانَ بالمؤمنينَ رؤوفاً رحيماً صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

(1) إذا تعلَّقَ قلبك بالمسجد تكونُ بإذن الله سبحانه وتعالى في ظلِّهِ عزَّ وجلَّ يومَ لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه)، وذكَرَ منهم: (وَرَجُلٌ قلبه مُعلَّقٌ في المساجد) رواه البخاري ومسلم.

وفي روايةٍ لمسلم: (وَرَجُلٌ مُعلَّقٌ بالمسجدِ إذا خَرَجَ منه حتى يَعودَ إليه).

(2) كتابةُ آثارِ قُدومكَ إلى المسجدِ: فعن جابرِ بن عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: (أرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أنْ يَتَحوَّلُوا إلى قُرْبِ المسجدِ، قال: والبقَاعُ خاليَةٌ، فبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني سَلِمَةَ ديَارَكُمْ تُكْتَبْ آثارُكُمْ، فقالُوا: ما كانَ يَسُرُّنا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا) رواه مسلم.

(3) آثارُ عودتكَ من المسجدِ إلى بيتك تُكتبُ إنِ احتسبتَ ذلكَ: دلَّ على ذلكَ قصة الأنصاريِّ رضي الله عنهالذي لا بيتَ أبعد من بيته عن المسجد، وكانَ لا تُخطئهُ الصلاةُ مع الجماعة، ولا يَرغَبُ في أن يكون بيتُهُ إلى جوارِ المسجدِ، فقيلَ له: (لو اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَّلْمَاءِ وفي الرَّمْضَاءِ، قال رضي الله عنه: ما يَسُرُّني أَنَّ مَنْزلي إلى جَنْبِ الْمَسْجدِ، إنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لي مَمْشَايَ إلى الْمَسْجدِ وَرُجُوعِي إذا رَجَعْتُ إلى أَهلي، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ جَمَعَ اللهُ لكَ ذلكَ كُلَّهُ) رواه مسلم، وفي روايةٍ لأبي داود وصحَّحه الألباني: (أعطاكَ اللهُ ذلكَ كُلَّه، أنطاكَ اللهُ جلَّ وعزَّ ما احتسبتَ كُلَّه أجمعَ).

(4) الملائكةُ المقرَّبونَ يختصمونَ في كتابةِ ممشاكَ إلى المسجدِ، بلْ ومشيكَ إلى المسجدِ من أسبابِ الضمانِ أن تعيشَ وتموتَ بخيرٍ، بلْ وتخرُجَ من ذنوبكَ كيومِ ولدتكَ أُمُّكَ: ففي الحديثِ القُدسيِّ قالَ اللهُ تعالى: (يا محمدُ: هل تَدْرِي فيمَ يَختَصمُ الْمَلأُ الأعلَى؟ قلتُ: نعم، قال: في الْكَفَّارَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ: الْمُكْثُ في الْمَسَاجدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ على الأَقْدَامِ إلى الْجَمَاعَاتِ، وإِسبَاغُ الْوُضُوءِ في الْمَكَارِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذلكَ عَاشَ بخَيْرٍ، وَمَاتَ بخَيْرٍ، وكانَ من خَطيئَتهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه الألباني.

(5) محو خطاياك ورفعة درجاتك، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ألا أَدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو الله بهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بهِ الدَّرَجَاتِ، قالوا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ، قال: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ على الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إلى الْمَسَاجدِ، وانتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصلاةِ، فَذلكُمْ الرِّبَاطُ) رواه مسلم.

وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَنْ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ، فَخُطْوَتَاهُ خُطْوَةٌ تَمْحُو سَيِّئَةً، وَخَطْوَةٌ تَكْتُبُ حَسَنَةً، ذَاهِبًا وَرَاجِعًا)رواه ابن حبان وحسنه الألباني.

(6) أجرُكَ إذا خَرَجَتَ لأداء الصلاةِ مع جماعةِ المسلمينَ مُتطهِّراً كأجرِ الحاجِّ الْمُحرمِ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَنْ خَرَجَ من بَيْتهِ مُتَطَهِّراً إلى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إلى تَسْبيحِ الضُّحَى لا يَنْصبُهُ إلاَّ إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمرِ، وَصَلاةٌ على إثر صَلاةٍ لا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ في عِلِّيِّينَ) رواه أبو داود وحسنه الألباني.

(7) إذا خَرَجتَ إلى المسجدِ لأداءِ الصلاةِ مَعَ المسلمينَ فأنتَ ضامنٌ أي مَضمونٌ على الله تعالى: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ثلاثةٌ كُلُّهُم ضَامِنٌ على اللهِ عزَّ وجلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِياً في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ ضَامِنٌ على اللهِ حتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أوْ يَرُدَّهُ بما نالَ من أَجْرٍ وَغَنيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إلى الْمَسْجدِ فَهُوَ ضَامنٌ على اللهِ حتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أو يَرُدَّهُ بما نالَ من أَجْرٍ وَغَنيمَةٍ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بسَلامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ على اللهِ عزَّ وجلَّ) رواه أبو داود وصحَّحه الألباني.

(8) إذا خَرَجتَ إلى المسجدِ لأداءِ الصلاةِ مع المسلمينَ فأنتَ في صلاةٍ حتى ترجعَ إلى بيتكَ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (إذا تَوَضأَ أحدُكُم في بيته ثمَّ أتى المسجدَ، كانَ في صلاةٍ حتَّى يرجعَ، فلا يَقُلْ هكَذا: وشبَّكَ بينَ أصَابعهِ)رواه ابن خزيمة وصحَّحه الألباني.

(9) ثواب مشيك إلى الصلاة في الظُّلَم: النور التام في ظُلَمِ يوم القيامة: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلَى الْمَسَاجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ الْقيَامَةِ) رواه الترمذي وصحَّحه الألباني.

(10) إذا خَرَجتَ إلى المسجدِ لأداءِ الصلاةِ مع المسلمينَ فإنَّ ربَّ السماواتِ والأرضِ يُعِِدُّ لَكَ نُزُلاً كُلَّما غَدَوْتَ إلى المسجدِ أو رَجَعتَ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَنْ غَدَا إلى الْمَسْجدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ من الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ) رواه البخاري.

(11) هل استحضرتَ أنك إذا خرجت لأداءِ الصلاةِ في المسجدِ أنكَ زائرُ الله تعالى: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَنْ تَوَضَّأَ في بَيْتهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أتى الْمَسْجدَ فَهُوَ زَائرُ اللهِ، وَحَقٌّ على الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ الزَّائرَ) رواه الطبراني وحسنه الألباني.

(12) هل استشعرتَ أنكَ إذا خرجتَ مُتطهِّراً لأداءِ الصلاةِ في المسجدِ أنَّ الله تعالى يَفرَحُ سبحانه بقدومكَ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسلمٌ الْمَسَاجدَ لِلصَّلاةِ وَالذِّكْرِ إلاَّ تَبَشْـبَشَ الله له كما يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائبهِمْ إذا قَدِمَ عليهم) رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.

(13) مغفرة الذنوب: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مَنْ تَوَضَّأَ للصَّلاةِ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إلى الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَصَلاَّهَا مَعَ الناسِ أو مَعَ الْجَمَاعَةِ أو في الْمَسْجدِ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ) رواه مسلم.

(14) من فضائلِ خُروجكَ إلى الصلاةِ مُبكِّراً: دُعاءِ الملائكةِ لَكَ عندَ انتظاركَ للصلاةِ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (أحدُكُم ما قَعَدَ يَنْتَظرُ الصَّلاةَ في صَلاةٍ مَا لم يُحْدِثْ، تَدْعُو له الْمَلائِكَةُ: اللهُمَّ اغْفِرْ له، اللهُمَّ ارْحَمْهُ) رواهمسلم.

(15) إدراكُكَ الصفَّ الأول: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْـتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْـتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً) رواه البخاري.

(16) ومن فضائل الصف الأول: قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (وإِنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ على مِثْلِ صَفِّ الْملائِكَةِ، ولَوْ عَلمتُمْ ما فَضيلَتُهُ لابْتَدَرْتُمُوهُ) رواه أبو داود وغيره، وحسنَّه الألباني.

(17) ومنْ فَضَائلِ إدراكِكَ للصفِّ الأولِ: ما رواه العِرْباض بن سَارِيَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (كان يَسْتَغْفرُ للصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلاثاً وللثَّانِي مَرَّةً) رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.

(18) ومن فضائلِ صَلاتكَ في مَيْمَنَةِ الصَّفِّ الأولِ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائكَتَهُ يُصَلُّونَ على مَيَامِنِ الصُّفُوفِ) رواه أبو داود وحسَّن إسناده ابن حجر.

(19) إذا صلَّيتَ مع الجماعةِ في المسجدِ فإنَّ اللهَ تعالى يَعجبُ بذلكَ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (إنَّ اللهَ ليَعْجَبُ من الصلاةِ في الْجَميع) رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني.

(20) ومن فضائلِ تبكيركَ إلى الصلاةِ في المسجدِ: إدراكُكَ للتأمينِ خلفَ الإمامِ: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (إذا قالَ الإمامُ ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ، فإنه مَنْ وَافَقَ قَولُهُ قَولَ الْمَلائكَةِ غُفرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ من ذَنْبهِ) رواه البخاري.

(21) غُدوُّ مَلَكٍ من الملائكة مع أول حاضرٍ للمسجد، قال الصحابي مِـيثم رضي الله عنه: (بلغني أنَّ الملَكَ يغدو برايتهِ مَعَ أول مَن يغدو إلى المسجدِ، فلا يزالُ بها مَعَه حتى يرجعَ فيدخلُ بها مَنْزلَهُ، وإنَّ الشيطانَ يغدو برايتهِ إلى السُّوقِ مَعَ أولِ مَن يَغدُو، فلا يزالُ بها معه حتى يرجعَ فيُدْخلَها مَنْزله) رواه ابن الضحاك في الآحاد والمثاني وصحَّحه الألباني.

(22) من فضائلِ أدائكَ لصلاةِ العشاءِ والفجرِ والعصرِ مَعَ جَماعةِ المسلمينَ في المساجدِ: قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ولو يعلمونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبحِ لأتوهما ولو حَبْوَاً) رواه البخاري ومسلم.

(23) صلاتك الفجرَ في جماعةٍ كأنما صلَّيت الليلَ كُلَّه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنما قامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) رواه مسلم.

(24) صلاتك الفجر في المسجد تجعلُكَ في ذِمَّة الله، فيا ويلَ من تعرَّض لك بسوء: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مَن صَلَّى صلاةَ الصُّبْحِ فهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيْءٍ، فإنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ على وَجْهِهِ في نارِ جَهَنَّمَ) رواه مسلم.

وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مَن صلَّى الصُّبحَ في جماعةٍ فهو في ذمَّةِ الله، فَمَنْ أخفرَ ذمَّة الله كَبَّه اللهُ في النارِ لوجهه) قال الألباني في صحيح الترغيب: (صحيح لغيره).

(25) صلاتك العشاء والفجر في المسجد يُبعدك عن صفات المنافقين، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (ليسَ صلاةٌ أثقلَ على المنافقينَ من الفجرِ والعشاءِ، ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوهُما ولو حَبْواً) رواه البخاري.

وعن أُبَيَّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قال: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَوْمًا صَلاةَ الصُّبْحِ فَقَالَ: أَشَهِدَ فُلانٌ الصَّلاةَ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَفُلانٌ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ مِنْ أَثْقَلِ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) رواه النسائي وحسَّنه الألباني.

وعنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: (كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ في الْفَجْرِ والْعِشَاءِ أَسَأْنَا بهِ الظَّنَّ) رواه الطبراني وصححه الألباني.

(26) إدراكك لتكبيرة الإحرام مما يُنجِّيك من علامات المنافقين، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للمنافقينَ علامات: تحيتهم لعنة، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلولٌ، ولا يقربونَ المساجدَ إلاَّ هَجراً، ولا يأتونَ الصلاةَ إلا دَبْراً،مُستكبرينَ، لا يَألفونَ، ولا يُؤلفونَ، خُشُبٌ بالليلِ، صُخبٌ بالنهار) رواه الإمام أحمد وحسنه الشيخ أحمد شاكر.

ومعنى: (ولا يأتونَ الصلاةَ إلا دَبْراً) أي: قُرب انتهاء الإمام.

أخي المصلِّي: إن أفرضَ الفرائض بعد الإيمان والتوحيد: إقامة الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها، وإنَّ من أعظم واجباتها: حُضورُ الجُمُعةِ والجَمَاعة، فلا يَحلُّ لرَجُلٍ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أن يتهاون بحضور الجُمُعةِ والجماعة، فعن أبي هريرة وابنِ عُمَرَ رضي الله عنها (أنهُمَا سَمِعَا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقُولُ على أعْوَادِ مِنْبَرِهِ:لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ عنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أو لَيَخْتِمَنَّ اللهُ على قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغافلِينَ) رواه مسلم.

قال ابنُ عبدِ البرِّ: (والخَتْمُ على القُلُوبِ مِثلُ الطَّبْعِ عليها، وهذا وَعِيدٌ شدِيدٌ لأَنَّ مَن طُبِعَ على قَلْبِهِ وخُتِمَ عليهِ لَمْ يَعْرِفْ مَعْرُوفاً ولَم يُنْكِرْ مُنْكَراً) انتهى.

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لقد هممتُ أن آمرَ المؤذنَ فيُقيم، ثمَّ آمرَ رجلاً يؤُمُّ الناسَ، ثم آخذ شُعَلاً من النار فأُحرِّقَ على مَن لا يَخرجُ إلى الصلاةِ بعدُ) رواه البخاري.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ) رواه مسلم.

قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ) رواه مسلم.

ومما يُخيفني وإيَّاكَ أنَّ الله تعالى ذكرَ من صفات المنافقين أنهم: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].

واختلَفَ رجلٌ إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما شهراً، يسأله: (عن رجلٍ يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ، ولا يَشهدُ جُمُعةً ولا جماعةً؟ قال: في النار) رواه الترمذي وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر.

وختاماً: قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ *لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36، 38]، رزقني الله وإياك وآبائنا وذرياتنا من فضله، اللهُمَّ اجعلنا وذرياتنا من مقيمي الصلاة يا ربَّ العالمين.

وصلَّى الله وسلَّمَ على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.