احتفى جمعٌ من المثقفين بميلاد المجموعة القصصية "ابنة البحر"، للكاتبة هداية شمعون بحضور وزير الثقافة الفلسطيني د.إيهاب بسيسو،، وذلك في حفل أدبي شارك فيه أيضًا مجموعة من الأدباء والفنانين والحقوقيين والإعلاميين.
وتضمنت المجموعة الجديدة للكاتبة 15 قصة حكت فيها واقع قطاع غزة زمن الحرب، والكثير من مشاهد الألم العالقة في ذاكرة الفلسطينيين، وتناقضات صوت الألم الصارخ وأحلام الناس البسيطة في حياة لا تشبه أبدًا مشاهد الموت.
وقالت شمعون في كلمتها بعد الترحيب بالضيوف وبوزير الثقافة :"أدعى دومًا أن من حق الكاتب أن يحلق حيثما يشاء...لقد حلقت كثيرًا وركضت كثيرًا... سنوات طويلة شكلت القوة والصلابة بداخلي- فما بين المخيم والانتفاضة والحروب الثلاثة والحصار وسنوات عجاف من الانقسام ...أصبحت كما أراني اليوم بينكم الآن".
وأضافت شمعون إنها عانت كثيرًا كأيّ من بنات جيلها، ورغم الوجع والألم والفقدان لهوية حاضنة توحدنا، إلى كل القسوة والجرائم اللاإنسانية للاحتلال، والتي خنقت الروح فينا، لكنها تقف الآن أمام الجمهور لتقول لهم ولبنات جيلها :"نعم من رحم المعاناة يمكننا أن نصنع الأمل.. وأن نحظى بنجاحاتنا الصغيرة لتملأ صداهوتحدثت شمعون عن أن الكتابة فعل ابداعي نضالي يأخذ الكثير من الروح والمشاعر والاحساس بالآخر.. الكتابة هي مساهمة ولو بالقليل في الدعوة لاكتشاف الذات واكتشاف الآخر، مضيفة:" نعم فنحن في غزة لنا حياتين تلك التي نعيشها وتلك التي هي حلم يراودنا..!".
وتابعت :"قد نقضي حياتنا بأكملها ونحن نراوح ما بين الاشتباك والارتباك في مشهد الذات أمام الحياة.. فما بالكم إن كانت هذه الحياة في غزة!!.. أكاد أرى ابتسامتكم الشاحبة...!".
وهذه المجموعة القصصية هي الإصدار الأدبي الرابع للكاتبة الشابة بعد أن نحتت بأناملها مجموعتها الأولى "أنامل الروح تسبقني"، ومجموعة "على باب الصمت"، ثم رواية "الحب لك.. الحرب لي"، والتي تسللت إلى مصر لتطبع هناك ثم إلى رام الله ثم وصلت إلى غزة بضعة نسخ منها.
وزير الثقافة د.إيهاب بسيسو الذي حضر حفل توقيع المجموعة أعرب عن سعادته بحضور هذه المناسبة الإبداعية، وقال :"أنا هنا اليوم للاحتفال معكم بميلاد جديد،، بسبب إضافي للفرح،، فرح ميلاد نص إبداعي يتمثل بمجموعة قصصية للكاتبة والمبدعة هداية شمعون ابنة البحر".
وقال بسيسو إننا ونحن نحتفي بهذا الإبداع نجد سببًا إضافيًا للفرح ولكي نطمئن على إنسانيتنا، فغزة التي انتصرت للمكان من جرائم شمشون، الجبار هي الفدائية الفلسطينية التي انتفضت في وجه هذا العملاق الهائج وقالت كلمتها هي دليلة غزة الاسطورة التي استطاعت أن تنهي هذه القوة الهائجة بإصرار خفي على الحياة.
وتابع :"ذلك هو شمشون الجبار الذي كان يشعل النار في حقوق الغزيين، هو الذي مارس غطرسة القوة"، وأضاف أن غزة انتصرت عليه، فهي حالة إبداع يولد ويستمر ويتمدد في كل فضاءات الحياة بالقصيدة والرواية والمسرح والسينما، وكل يوم تظهر غزة بقبس من حياتها.
واستذكر بسيسو أمجاد الكثير من الأدباء والفنانين الذين قدموا الكثير من إبداعاتهم كي يرسموا ملامح الوطن من خلال نصوصهم ومن خلال أعمالهم الفنية، مضيفًا إنه حين تقلى الدعوة لحضور حفل التوقيع على المجموعة القصصية، لم يتردد لحظة في الحضور انتصارًا للإبداع ولوجه غزة الذي يصر دومًا على منحنا درسًا جديدًا في الحياة رغم كل مسببات الألم.
وشارك العديد من الكتاب والنقاد بكلماتهم النقدية للمجموعة القصصية أثناء حفل التوقيع ومنهم: د.محمد البوجي أستاذ النقد الأدبي بجامعة الأزهر، وا.توفيق أبو شومر الكاتب، والإعلامي والشاعر ناصر عطا الله، وعصام يونس مدير مركز الميزان، كما وتبع الكلمات، حوار مع الجمهور وشارك في مداخلات كل من الكاتب والقاص غريب عسقلاني، الشاعرة كفاح الغصين، الإعلامية لنا شاهين، وتضمن الحفل أيضًا عزف على العود والعديد من المقاطع الموسيقية ترافقًا مع الأمسية للفنان محمد عكيلة.
وقال عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان :"لست أديبًا ولا ناقدًا أدبيًا بل قاريء ومتذوق وقد قرأت المجموعة القصصية "ابنة البحر" للمبدعة هداية شمعون وأسجل إعجابي بما احتواه الكتاب موقفا وسردا صورة وايقاعا لونيا.
وأضاف أن النص الأدبي كما يقول رولان بارت ليس حروفا تُكَّون جُملا بل كائن حي ينبض بالحياة وهو ما يجعلك تتحسس كلماته وتستمع بقراءته. إن النص الادبي كما آراه هو ذلك الذي يفيض بكل ما في الحياة، من التجربة الذاتية ومن حقائق الواقع، في أحضان الألوان والصور والأشكال، والنص الاقرب للقاريء هو ذلك الزاخر بالألوان، والمبدع هو الذي يمسك بالايقاع اللوني وينتقل به صعودا وهبوطا في ازدواجية مع الصورة، فالألوان هي ادوات الجمال وكل حكاية التجربة الانسانية أظنها عالم لا متناهي من الدلالات والرموز التي تحدد الموقف من الشقاء والسعادة والحب واليأس والثورة.
أما الشاعر ناصر عطاالله فقال إن هداية شمعون، كاتبة، وصحفية، وناشطة نسوية، أصدرت مجموعتها القصصية "ابنة البحر" في خمسة عشرة قصة، تناولت خلالها واقع قطاع غزة في زمن الحرب، صور منشورة في ذاكرة الكثيرين، صوت الوجع فيها صارخ، والأماني بسيطة، من أجل حياة تشبه أي حياة في الجوار.
وتابع إن حضور معالي وزير الثقافة الدكتور إيهاب بسيسو، وطاقم الوزارة حفل توقيع المجموعة القصصية، دلالة جلية على أن المشهد الثقافي بدأ يصنع درعه الحامي، كما حضور الاتحاد العام للكتاب بأمينه العام المساعد واعضاء الامانة العامة، ولفيف من كبار الكتاب والأدباء والأكاديميين، ونشطاء حقوق الانسان، والصحفيين، والاعلاميين، والمهتمين، دليل أيضاً لابنة البحر أننا لازلنا بخير، أو سنكون بخير أكثر.
ا الكون".