قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن استهداف عاصمة عربية بصواريخ بالستية من جانب ميلشيا خارجة عن الشرعية ومدعومة إقليمياً هو تهديد خطير لا ينبغي أبداً أن نتعامل معه كأمر عادي.
وأضاف في كلمته الافتتاحية، اليوم الأحد، في مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته غير العادية برئاسة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية جيبوتي محمود علي يوسف، لمناقشة كيفية التصدي للتدخلات الإيرانية في الدول العربية وتقويضها للأمن والسلم العربي بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين رياض المالكي، إن "اجتماعنا اليوم يأتي في ظرف غير عادي، فان الصاروخ الذي أطلقته ميلشيات الحوثي على منطقة مطار العاصمة بالمملكة العربية السعودية يوم 4 نوفمبر الجاري، والذي نجحت قوات الدفاع الجوي السعودية في التصدي له، هو مجرد الحلقة الأخطر في سلسلة من التجاوزات والتدخلات طالت الشؤون الداخلية وممارسة التخريب ونشر الفتنة".
وتابع: "ليس أمامنا في مواجهة حدثٍ خطير كهذا سوى أن نسمي الأشياء بأسمائها فالصاروخ الذي استهدف الرياض إيراني الصنع وهو رسالة إيرانية واضحة في عدائيتها لم يُفلح المسؤولون الإيرانيون حتى في تجميلها، منوهاً إلى أن العواصم العربية تقع في مرمى صواريخ طهران البالستية وإنها رسالةٌ غير مقبولة، شكلاً أو مضموناً".
وأكد ابو الغيط، أن الدول العربية تعتز بسيادتها، وهي قادرة على الدفاع عن استقرارها وأمنها ولن تقبل أبداً أن تعيش رهينة الخوف أو تحت ظل الترهيب، ولم تقف التدخلات الإيرانية عند هذا الحد، لافتاً إلى أن هناك وقائع مثبتة لأعمال تخريبية وإرهابية، آخرها تفجير أنابيب النفط في البحرين ليلة 10 نوفمبر الجاري وثمة وقائع مثبتة لشبكاتٍ تجسس وتخريب تم الكشف عن نشاطها الهدام، مثل شبكة العبدلي في الكويت وشبكات مختلفة في العديد من الدول العربية منها الإمارات ومصر والسعودية والبحرين والأردن والمغرب والسودان، وثمة وقائع مُثبتة لدعم وتمويل الميلشيات المسلحة في أكثر من مكان بالعالم العربي.
وأردف قائلاً، "لقد استمعنا جميعاً إلى تصريحات الرئيس الإيراني المرفوضة والمستهجنة من أنه لا يمكن القيام بأي خطوة مصيرية في العراق وسوريا ولبنان وشمال إفريقيا والخليج من دون إيران، ومثل هذا الحديث الصادر عن أعلى جهة تنفيذية في إيران، ليس استثنائياً ولا يخالف ما دأبت عليه القيادات الإيرانية، بل هو يعكس نهج التفكير وحقيقة السياسة التي تتبعها طهران نهج هيمنة وسيطرة".
وقال، إن "الدول العربية تعتبر التدخلات الإيرانية سبباً أصيلاً في حالة انعدام الاستقرار السائدة في اليمن، وذلك من خلال ما تقوم به من تسليح ميلشيا الحوثي وتحريضها لاستهداف منطقة الخليج بالصواريخ البالستية، وقد خرجت كبريات الصحف الإيرانية تُباهي بهذه الهجمات الصاروخية وتتوعد الحواضر الخليجية بالمزيد، فإن ثمة وقائع عديدة لسفنٍ أوقفتها قوات التحالف العربي، وكانت تحمل أسلحةً وصواريخ متجهة إلى اليمن، وقد تم الكشف عن الكثير من عمليات تهريب الأسلحة من البر والبحر للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والحقيقة أن الخطة الإيرانية لم تعد خافية على أحد، فطهران تسعى لأن يكون اليمن شوكة في خاصرة المملكة العربية السعودية والخليج، مستغلة حالة الضعف السياسي والاحتراب الداخلي التي يعيشها هذا البلد العربي العزيز.. والحقيقة أيضاً أن هذه السياسة الإيرانية الممنهجة هي السبب الأول لإطالة أمد النزاع اليمني.. والشعب اليمني هو أول ضحاياها وهو من يدفع الثمن من حاضره ومستقبله".
ولفت إلى أنه مما يدعو للأسف أن المجتمع الدولي، والقوى الفاعلة فيه، تغض الطرف عن هذه الحالة الصارخة والمستمرة من تهديد الأمن والسلم في الإقليم.. لقد بات واضحاً أن الطرف الإيراني لا تصله رسالةٌ صريحة وحاسمة من جانب المجتمع الدولي بخطورة ما يقوم به، وبعواقبه الوخيمة بل إنه – وكما يبدو لنا - التقط رسالة عكسية مؤداها أن الاتفاق السداسي بشأن برنامجه النووي يُعطيه حصانة ويطلق يده في المنطقة، فأخذ يشعل الحرائق هنا، ويضرب الاستقرار هناك، متبعاً استراتيجية طائفية واضحة في تأجيج المجتمعات الشيعية في الدول العربية، وبهدف تحقيق التواصل بين الميلشيات التابعة له، وصولاً إلى ساحل المتوسط أحد أهدافه الاستراتيجية".
وتابع: "إننا نرفع صوتنا للمجتمع الدولي بمنظماته وقواه المؤثرة.. وبالتحديد للجهاز المنوط به الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، أي مجلس الأمن الدولي، نقول في عبارة واضحة إن التهديدات الإيرانية تجاوزت كل حد، وهي تدفع بالمنطقة إلى هاوية خطيرة، وإن البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية يُمثل تهديداً خطيراً على الاستقرار في المنطقة، لقد أطلقت ميلشيات الحوثيين 232 صاروخاً بالستياً، منذ بدء النزاع اليمني، منها 76 صاروخاً على المملكة العربية السعودية، وليس خافياً أن الصواريخ تأتي من مصدر واحد هو إيران، إن هذا السلوك العدائي يُمثل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن 2231 (لعام 2015) في شأن تطوير صناعة الصواريخ البالستية، فضلاً عن مخالفته الصريحة لما نصّ عليه القرار 2216 (لعام2015) خاصة فيما يتعلق بضرورة الامتناع عن تسليح الميلشيات".
وشدد أبو الغيط، على أن استقرار العالم العربي كلٌ متكامل، وأمن دوله بنيان مترابط، وقد آن الأوان لأن يتحمل كل طرف مسؤولية أفعاله، وأن تنعم هذه المنطقة باستقرار حقيقي بعيداً عن التأجيج الطائفي، والإرهاب، وحروب الميلشيات، وفوضى السلاح.. آن الأوان أن تتخلص منطقتنا من مظاهر العنف والطائفية، فإننا نتطلع جميعاً ليومٍ ينشغل فيه جيراننا بما ينفع الناس من التنمية والعمران والتعاون، بدلاً من نشر العداء والفتنة والكراهية.
وحضر الاجتماع بجانب الوزير المالكي، سفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية دياب اللوح، والمستشار أول مهند العكلوك، والمستشار تامر الطيب، والمستشار رزق الزعانين، والمستشار جمانة الغول وجميعهم من مندوبية فلسطين بالجامعة العربية.