نظمت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، مساء اليوم الثلاثاء، جولة ميدانية للصحفيين الدوليين والفلسطينيين في محافظة بيت لحم، لمناسبة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، ترأسها مستشار الرئيس للشؤون الخارجية نبيل شعث، وضمت ممثلين عن مؤسسة "سانت ايف"، ومؤسسة "الحق" ومستشاري الإعلام والتواصل ومستشارة السياسات لملف الحدود والاستيطان في الدائرة.
وهدفت الجولة إلى إطلاع وسائل الإعلام على الحصار المفروض على بيت لحم، وسياسات الاحتلال غير القانونية والممنهجة التي تتعرض لها المحافظة وتاريخها وأهلها، والوضع الاقتصادي المتردي، بالإضافة إلى الإعلان عن الاستعدادات لإحياء عيد الميلاد لهذا العام.
وانطلق الوفد من بطريركية اللاتين في القدس الشرقية المحتلة والتقى بكل من أمين سر بطريركية اللاتين في القدس الأب ابراهيم شوملي، وكاهن رعية بيت ساحور الأب الياس تبان وكاهن رعية بيت جالا الأب حنا مسعد، الذين أكدوا فحوى رسالة الميلاد المجيد لهذا العام التي تقوم على أسس المحبة والسلام واحترام الآخر رغم استمرار الاحتلال الذي ما يزال يحرم الآلاف من أبناء شعبنا المسيحيين من ممارسة حقهم المشروع في العبادة والوصول إلى أماكنهم المقدسة دون قيود.
وحذر كهنة البطريركية، في هذا السياق، من محاولات سلطات الاحتلال الحثيثة قطع التواصل الجغرافي بين مدينتي القدس وبيت لحم أقدس المدن الفلسطينية، عن طريق بناء جدار الفصل العنصري والمستوطنات غير القانونية.
كما وجهوا رسالة إلى المسيحيين الإنجيليين المناصرين لإسرائيل تقضي بأن تعاليم المسيحية تقوم على مبادئ العدالة والسلام وعمل الخير، وعلى الإنجيليين مساعدة أبناء هذه الأرض المقدسة على تحقيق التعايش والمصالحة وجسر الهوة بينهم، بدلًا من دعم المحتل على حساب الشعب الخاضع تحت الاحتلال الذي ما يزال يناضل لاسترداد حقوقه وحريته.
وتوجه الوفد إلى مستوطنة "جفعات همتوس" غير الشرعية التي ما تزال في طور البناء، حيث أشار شعث إلى خطورة المخططات الإسرائيلية الاستيطانية التي تهدف إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضي الواقعة حول القدس وداخلها، الأمر الذي يهدد بشكل خطير تحقيق حل الدولتين.
وقال: "يبقى حل الدولتين الحل الوحيد لتحقيق السلام وتطلعات الشعبين، والبديل هو إلحاق الهولوكوست بالفلسطينيين".
وبخصوص ما ورد حول نية الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس "عاصمة موحدة لإسرائيل"، قال شعث " إن قيام الرئيس الأميركي ترامب بهذا الاعتراف ونقل السفارة إلى القدس المحتلة من شأنه أن ينسف أية فرصة لتحقيق ما أسماها صفقة القرن وإلغاء الدور الأميركي كوسيط لتحقيق السلام، ولن نقبل نحن الفلسطينيون بإجراء أية مفاوضات مع الإدارة الأميركية فيما يخص حل الصراع، ولن نبقى مكتوفي الأيدي فالقيادة الفلسطينية ماضية قدما في نضالها ومساعيها السلمية لاكتساب المزيد من اعترافات دول العالم بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
من جهتها، قدمت مستشارة السياسات لملفي الحدود والاستيطان في دائرة شؤون المفاوضات فاتنة هودلي عرضا مفصلا حول السياسات الاستيطانية الرامية إلى عزل مدينة القدس وفصلها بالكامل عن الضفة الغربية، في ظل سعي حكومة الاحتلال إلى تسويق "مشروع قانون القدس الكبرى" الذي يهدف في نهاية المطاف إلى توسيع حدود ما يسمى "بلدية القدس" وطرد أكبر عدد من الفلسطينيين، حيث يوجد حوالي 140.000 فلسطيني يواجهون خطر الترحيل القسري من مدينتهم.
وأشارت هودلي إلى خطورة بناء مستوطنة " جفعات همتوس" التي تقع بين مستوطنتي "جيلو" و"هار حوما" حيث تنوي حكومة الاحتلال بناء حوالي 40.000 وحدة استيطانية على أراضيها التي نهبت من أصحابها الفلسطينيين.
وفي السياق ذاته، قدمت المحامية داليا قمصية، ممثلة عن مؤسسة "سانت ايف"، عرضاً حول ممارسات الاحتلال الهادفة إلى إغلاق مدينة القدس وعزلها عن باقي المدن الفلسطينية والتنكيل بالمقدسيين وممارسة شتى سياسات التمييز العنصرية بحقهم، مثل هدم المنازل وسحب الهويات ومنع لم شمل العائلات من أجل إجبارهم على الرحيل.
ومن ثم توجه الوفد إلى مقر بلدية بيت لحم، حيث شرح المؤرخ خليل شوكة الأهمية التاريخية والدينية لمدينة بيت لحم وعرض صورا قديمة لها تعود للقرن التاسع عشر، موضحاً أنه منذ القرن الرابع ومدينة بيت لحم تستقبل آلاف الحجاج لزيارتها الذين كانوا يأتون من يافا إلى القدس ومن ثم يتوجهون إلى بيت لحم، دون أية عوائق أو حواجز.
من جهتها، قدمت مستشارة الإعلام والتواصل في دائرة شؤون المفاوضات سارة الحسيني، ملخصا حول تقرير السياحة الذي أصدرته الدائرة ووزعته على الصحفيين، ويتضمن المعيقات التي يفرضها الاحتلال على تطور قطاع السياحة في فلسطين واستغلال "سلطة السياحة الإسرائيلية" للمواقع السياحية الفلسطينية لصالح تطوير وإثراء قطاعها، بالإضافة إلى مجموعة توصيات موجهة للدول والشركات التجارية والأفراد لاتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم التواطؤ في دعم الاحتلال واقتصاده، خاصة فيما يتعلق بقطاع السياحة.
من ناحيتها، قدمت ممثلة مؤسسة "الحق" مها عبد الله، شرحا حول استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية الفلسطينية لترسيخ احتلالها ودعم اقتصادها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، مبينة تورط العديد من الشركات المتعددة الجنسيات في توسيع المستوطنات وازدهارها.
وشددت عبد الله على وجوب التزام الدول بحماية حقوق الإنسان وضمان عدم قيام الشركات التي تعمل ضمن نطاق ولايتها بأية نشاطات غير قانونية تؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاك حقوق الإنسان لشعب آخر.
وعقدت بلدية بيت لحم مؤتمراً صحفيا بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار ومحافظة بيت لحم في هذه المناسبة، أكد خلاله رئيس البلدية المحامي انطون سلمان مضمون رسالة الميلاد لهذا العام.
وقال سلمان "إن رسالة بيت لحم للعالم هي رسالة السلام والعدل والمحبة، رسالة أمل لمستقبل أفضل من أجل إحقاق الحقوق الوطنية لشعبنا، التي تشجعنا على البقاء والصمود على هذه الأرض المقدسة".
وأضاف: "نسعى من خلال هذه الاحتفالات أن تكون مدينة بيت لحم المدينة الأولى كمقصد سياحي ليس فقط على مستوى فلسطين بل الشرق الأوسط بأكمله".
ومن جانبه، أوضح محافظ بيت لحم اللواء جبريل البكري أهمية إقامة احتفالات عيد الميلاد المجيد التي توجه رسالة واضحة إلى العالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني مصمم على مواجهة جميع التحديات والمؤامرات التي تحاك ضد قضيته لنيل حقوقه المشروعة، فيما نوه وكيل وزارة السياحة والآثار علي أبو سرور إلى واقع السياحة في فلسطين والارتفاع الملحوظ في عدد السياح لهذا العام، حيث سجلت فلسطين بحسب تقارير منظمة السياحة العالمية البلد الأكثر نموا سياحيا في العالم خلال النصف الأول من العام الحالي، متطرقا إلى إنجازات وزارة السياحة في هذا المجال.