استنكر مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله، اليوم الثلاثاء، برئاسة رامي الحمد الله، الفيتو الأميركي ضد مشروع قرار بشأن القدس، واعتبره استهتاراً بالمجتمع الدولي وانحيازاً للاحتلال والعدوان الإسرائيلي.
وشدّد المجلس على أنه وبالتصويت الموحد للدول الأعضاء في مجلس الأمن وقفت الولايات المتحدة معزولة في مواجهة قواعد ومبادئ القانون الدولي، وقرارات المجتمع الدولي، معتبرا أن هذا القرار قد مثل فرصة للولايات المتحدة الأميركية للتراجع عن قراراها غير القانوني، ووقوفها إلى جانب قيم الحق والعدالة الإنسانية وميثاق الأمم المتحدة والقانون والإرادة الدولية، لكنها اختارت الوقوف إلى الجانب الخطأ من التاريخ، والانحياز للاستعمار والظلم، وكل ما يقوض جهود السلام في الشرق الأوسط والعالم.
وجدد مطالبته للولايات المتحدة بالتراجع عن قراراها، وشدد على أن استخدامها للفيتو لا يعفيها من تحمّل مسؤولياتها، وأن هذا الفيتو بالرغم من أنه لن يغير شيئاً من مكانة ووضع مدينة القدس بصفتها عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ولكنه، بلا شك، يغير من مكانة الولايات المتحدة بصفتها وسيطاً في عملية السلام، وأي عملية سياسية قادمة.
وتقدم المجلس بالشكر للدول التي صوتت لصالح هذا القرار، ووقفت إلى جانب مبادئ الحق والعدل، والقانون الدولي.
واستعرض المجلس الأوضاع في مختلف المحافظات الفلسطينية، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية ومواصلة ارتكاب الجرائم ضد أبناء شعبنا، والتي أدت إلى استشهاد عدد من المواطنين، وإصابة المئات، ومن بينهم عشرات الصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، خمسون منهم يعملون في الإعلام الرسمي.
وفي هذه المناسبة، توجه مجلس الوزراء بالتحية إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون على الدور المميز الذي تقوم به في هذه المرحلة، كما توجه بالتحية والشكر إلى وسائل الإعلام العربية الشقيقة التي استجابت إلى نداء القدس، وخصصت، وتخصص جزءاً من برامج بثها لمدينة القدس، وللقضية الفلسطينية.
وندد بالجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بإعدام الشاب المعاق الشهيد إبراهيم أبو ثريا، مؤكدا أن هذه الجريمة التي يندى لها الجبين، تظهر للعالم الكذب والتضليل الذي يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يتغنى بديمقراطية إسرائيل وأخلاق جيشها.
وحيّا المجلس جماهير شعبنا، والشعوب العربية والإسلامية للهبة الشعبية الغاضبة التي شهدتها فلسطين، وباقي العواصم العربية والإسلامية، وكذلك ردود الفعل الشعبية والرسمية والدولية الموحدة، والتي عبرت عن تنديدها ورفضها للقرار الأمريكي الذي يوصد الأبواب أمام فرص تحقيق السلام في المنطقة ككل، وإبقاء الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وموارده رهينة لويلات الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري.
وجدد مطالبته للمجتمع الدولي بتدخل عاجل، وتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا، مشددا على أن التصعيد الإسرائيلي بات يتسع ليطال كل شيء في فلسطين، ويهدد حياة أبناء شعبنا بأشد المخاطر، من خلال جرائم القتل وحملات الاعتقال والملاحقة اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال ضده، بما فيها الاقتحامات اليومية لساحات المسجد الأقصى المبارك، واقتحام قوات الاحتلال لجامعتي بيرزيت والقدس، والعبث بمقري الجامعتين ومصادرة محتويات وكتب ووثائق، وذلك في خرق وانتهاك صارخ وفاضح لكافة المواثيق والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
وجدد دعمه الكامل لكافة الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، للرد على هذه الانتهاكات الصارخة، معتبرا أن سيادته قد رسم في خطاباته المتعددة في الآونة الأخيرة، خارطة طريق فلسطينية - عربية- إسلامية، لمواجهة القرار الأمريكي، ووضع أساساً لبناء استراتيجية وطنية فلسطينية شاملة، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وحشد الدعم العالمي للتأكيد على مكانة القدس التاريخية والقانونية كقضية جوهرية في الصراع العربي الإسرائيلي، ورفض أي محاولات تهدف لتغيير وضعها القانوني، وأكد على الالتزام بالسلام القائم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والمطالبة بتشكيل آلية جديدة تتبنى مساراً نزيهاً لضمان تطبيق قرارات الشرعية الدولية بما يحقق السلام الشامل والعادل لشعوب المنطقة كافة.
وأشار المجلس إلى أن حملة التحريض الإسرائيلية ضد الرئيس ما هي إلّا محاولة يائسة ستبوء بالفشل لدفع سيادته إلى التخلي عن التزامه بالسلام المستند إلى الشرعية الدولية، مدعوماً بإرادة شعبه، وبقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، والقمم العربية، والقائم على نيل حقوقنا الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف في العودة، وتقرير المصير، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وفي القلب منها عاصمتنا الأبدية القدس الشرقية، وذلك حتى تتمكن الحكومة الإسرائيلية من كسب المزيد من الوقت لترسيخ احتلالها واستكمال مشروعها الاستيطاني، ومخططات تهويد المدينة المقدسة وضمها.
وأكد أن قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" بشأن المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق الذي اتخذته العام الماضي، وقرار لجنة التراث العالمي التابعة "لليونسكو" المتعلق بعدم الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك هذا العام هي خير رد على الادعاءات الإسرائيلية الباطلة بشأن حائط البراق، وقد جاءت بما لا يضع مجالاً للشك، كإقرار دولي بإسلامية المكان، وبالحق الفلسطيني غير القابل للتصرف، وهي تعكس الإرادة الجماعية، وتعبر عن إدانة المجتمع الدولي ورفضه لكافة سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، التي تهدف إلى طمس الحقائق التاريخية والمساس بالحقوق السياسية والثقافية والدينية الثابتة للشعب الفلسطيني في مدينة القدس، وكشف لزيف الرواية الإسرائيلية التي ضلل بها الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي لعقود طويلة من الزمن، والتي حاول فرضها بالقوة العسكرية منذ اليوم الأول لاحتلاله للمدينة المقدسة.
وحذّر من استغلال الحكومة الإسرائيلية للقرار الأميركي بهدف تعميق تهويد القدس، وتكريس ضمها، ليس فقط من خلال الإمعان في انتهاكاتها وجرائمها وتصعيد مخططاتها الاستيطانية وترسيخ احتلالها، وإنما من خلال إقرار القوانين والتشريعات الاحتلالية العنصرية التي ستؤدي إلى عمليات تهجير قسرية وعمليات تطهير عرقي ضد المواطنين الفلسطينيين المقدسيين أصحاب الأرض الأصليين.
كما ندد بنصب قوات الاحتلال لكاميرات مراقبة جديدة في محيط باب العامود وسط القدس، مشيرا إلى أن هذه الانتهاكات هي نتيجة طبيعية لتمادي الاحتلال وعدوانه ضد أبناء شعبنا، الأمر الذي بات يتطلب وبشكل فوري بتوفير الحماية الدولية لشعبنا، واتخاذ موقف دولي واضح من القرار الأمريكي ومن مسألة استمرار التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون وفوق الشرعية الدولية أسوةً بتعامل المجتمع الدولي مع الدول الأخرى في هذا العالم، ومحاسبتها كقوة احتلال على انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، والشرعية الدولية، واتفاقيات جنيف، وتنكرها للاتفاقيات الموقعة.
وفي سياقٍ منفصل، ثمّن المجلس وفاء المملكة العربية السعودية بالتزاماتها المالية من خلال تقديم دعم لموازنة السلطة الوطنية بمبلغ (30.8) مليون دولار أميركي، وتقدم بالشكر والتقدير للمملكة ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك لتوجيهاته بتقديم هذا الدعم، مجددا اعتزازه بالموقف السعودي الداعم لشعبنا، وبوقوف المملكة الدائم إلى جانب شعبنا، وقضيتنا العادلة.
ودعا الدول العربية والإسلامية والدول المانحة إلى ضرورة الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها لدعم صمود شعبنا، وحتى تتمكن السلطة الوطنية من الوفاء بالتزاماتها التي تتزايد يومياً نتيجة ممارسات الاحتلال وسياساته العنصرية.
وعلى صعيد آخر، عبر عن استنكاره لطرد موظفي وزارة الثقافة القدامى من قبل نقابة موظفي حماس، والذين تم الاتفاق على عودتهم بناءً على قرار مجلس الوزراء، وما تم الاتفاق عليه وطنياً، واعتبر المجلس أن هذه الخطوة تشكل تصعيداً مستهجناً وغير مبرر ضد كل الجهود المبذولةِ من قبل القيادة والقوى والفعاليات الوطنية الفلسطينية والأشقاء في جمهورية مصر العربية لطي صفحة الانقسام من خلال تمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها كاملةً في المحافظات الجنوبية أسوةً بالمحافظات الشمالية.
وطالب المجلس بالتراجع عن هذا التصرف تحقيقا لمساعي الوحدة الوطنية التي يجسدها شعبنا يومياً في الفعاليات الشعبية والميدانية، لا سيما في الظرف الراهن الذي يستدعي منا جميعاً تغليب روح العمل الوطني التكاملي المشترك انتصارا لحرية شعبنا، وتطلعاته الوطنية، بإقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
وشدد تأكيده الراسخ لأهمية تعزيز الوحدة الوطنية والعمل على دعم الجهود الوطنية كجزء أساسي وحيوي من عمل حكومة الوفاق الوطني، وبما ينسجم مع كافة المساعي الرسمية والشعبية الرامية لإنهاء الانقسام وتمكين حكومة الوفاق الوطني لمواجهة كافة التحديات والمخاطر المحدقةِ بأرضنا وشعبنا، ومشروعنا الوطني.
وفي سياق آخر، رحب المجلس بانتخاب فلسطين عضوا بمكتب جمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية خلال مؤتمرها الدوري الذي عقد مؤخراً، مشيرا إلى أن هذا الانتخاب يأتي بعد عامين فقط من انضمام دولة فلسطين إلى ميثاق روما الأساسي، والذي مكنها من أن تصبح دولة عضواً لدى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015.
وتقدم المجلس بتعازيه الحارة بوفاة المناضل سعد بسيسو عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح، ومدير عام الإعلام الجماهيري السابق، الوكيل المساعد الأسبق لوزارة الإعلام، كما تقدم بأحر التعازي لوفاة الأديب والشاعر الكبير أدمون شحادة، معتبرا أن رحيلهما يعد خسارة كبيرة للحركة الأدبية والثقافية والإعلامية في فلسطين، داعياً الله عز وجل أن يتغمد الفقيدين بواسع رحمته، ويسكنهما فسيح جنانه، ويلهمنا جميعاً جميل الصبر وحسن العزاء.
قرارات مجلس الوزراء
وتقدم المجلس بأحر التهاني والتبريكات لأبناء الطوائف المسيحية في فلسطين ومختلف أنحاء العالم مع قرب حلول أعياد الميلاد المجيد، وقرر تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية، لمناسبة عيد الميلاد المجيد، وفق التقويم الغربي يوم الاثنين الموافق 25/12/2017، ورأس السنة الميلادية يوم الاثنين الموافق 1/1/2018، وعيد الميلاد المجيد وفق التقويم الشرقي يوم الأحد الموافق 7/1/2018.
وفي سياقٍ منفصل، صادق على اتفاقية إعفاء تأشيرة الدخول بين دولة فلسطين وجمهورية الهند لحاملي الجوازات الدبلوماسية والرسمية، لتعزيز علاقات الصداقة القائمة بين الدولتين والشعبين في تقديم تسهيلات الدخول لمواطني البلدين.
وقرر إحالة كل من مشروع قانون المالكين والمستأجرين لسنة 2017، ومشروع قانون التعليم العالي، ومشروع قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، لوضعها في قالبها القانوني المناسب، لإقرارها في الجلسة القادمة، تمهيدا للتنسيب بها إلى الرئيس، لإصدارها حسب الأصول.
كما قرر إحالة مشروع نظام الأرقام المميزة للوحات تمييز المركبات إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته، وإبداء الملاحظات بشأنه، لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب.