على الرغم من التهديد الذي وجهته أميركا بقطع المساعدات عن الدول إذا صوتت ضد قرار اعتراف واشنطن بالقدس المحتلة "عاصمةً لإسرائيل"- فإن أكثر الدول التي حصلت على مساعدات إنسانية أميركية العام الماضي، دعمت قرار الجمعية العامة بالأمم المتحدة بشأن القدس.
وبحسب الأرقام المنشورة على الموقع الإلكتروني لـ"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، المعروفة اختصارا بـ(USAID)، فإن 9 دول من بين أكثر 10 دول استفادة من المساعدات الأميركية العام الماضي، دعمت القرار الأممي، بينما امتنعت الدولة العاشرة عن التصويت.
وبحسب بيانات الوكالة الأميركية التي تشمل المساعدات التي تقدمها وزارتا الخارجية والزراعة والتجارة الأميركيتان، يحتل العراق المركز الأول بين الدول الأكثر استفادةً من تلك المساعدات بإجمالي مبلغ يقدر بـ5.28 مليار دولار، تليها أفغانستان بـ5.06 مليار.
وفي المرتبة الثالثة، تأتي مصر بـ1.23 مليار دولار، ثم الأردن رابعاً بـ1.21 مليار، ومن بعده كينيا خامساً بـ1.14 مليار، وإثيوبيا سادساً بـ1.11 مليار.
وفي المرتبة السابعة، تأتي باكستان بـ778 مليون دولار، ونيجيريا ثامناً بـ718 مليون، وجنوب السودان في المركز التاسع بـ708 ملايين، وعاشراً تحل تنزانيا بـ629 مليون دولار.
واللافت في تصويت الجمعية العامة، أن 9 دول من الدول العشر المذكورة دعمت القرار الرافض لإعلان ترامب القدس "عاصمة لإسرائيل"، فيما امتنعت دولة جنوب السودان عن التصويت.
وكان مشروع القرار الذي تم التصويت لصالحه، حمل عنوان "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية".
وأعرب القرار عن الأسف البالغ إزاء القرارات الأخيرة المتعلقة بوضع القدس، في إشارة إلى قرار الرئيس الأميركي، ترامب، كما شدد على أن أية قرارات أو إجراءات "يقصد بها تغيير طابعها أو وضعها أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أثر قانوني، وتعد ملغاة وباطلة، ويتعين إلغاؤها امتثالاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وطالب القرار جميع الدول بـ"أن تمتنع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس، عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر عام 1980".
التصويت ضد القرار الأميركي في الجمعية العامة، اعتبرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بمثابة "صفعة قوية" في وجه الرئيس الأميركي.
وجاء ذلك في مقال تحليلي نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني بعنوان: "تصويت الجمعية العامة بشأن القدس.. توبيخ معتدل لإسرائيل وصفعة قوية بوجه ترامب".
وقالت الصحيفة إن "التصويت لم يستهدف إسرائيل وسياساتها، إنما استهدف سياسات ترامب، وسلوكه الشخصي".
واعتبرت أن تهديدات الرئيس الأميركي بقطع المساعدات عن الدول التي لن تدعم واشنطن (في قرار الجمعية العامة)، ومن ثم تكرار تلك التهديدات غير الدبلوماسية من قِبل نيكي هيلي سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، كانت كفيلة بأن ينظر إلى أي تصويت ضد إسرائيل على أنه هزيمة شخصية لترامب، وليس فقط تنديداً بسياساته.
وأضافت أن ما حصل حوّل الأمر من ضربة بيد إسرائيل إلى صفعة قوية في وجه ترامب، وعكس تحدياً واضحاً لترامب وإنكاراً شرعياً لسياسته، من قِبل جميع القوى العالمية الكبرى، ودول أوروبا الوسطى، وجميع الدول الإسلامية، بما فيها الدول التي تتلقى مساعدات أميركية كبيرة.
في المقابل أعربت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي عن شكرها لممثلي الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح قرار القدس بالجمعية العامة للمنظمة الأممية، وكذلك تلك التي لم تشارك في الجلسة، فضلاً عن التي رفضته.
جاء ذلك في تغريدة نشرتها المسؤولة الأميركية على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر عقب التصويت.
وذكرت المسؤولة الأميركية أنها ستقيم حفل عشاء لممثلي 65 (مجموع من رفضوا وامتنعوا وغابوا) دولة بالأمم المتحدة "تقديراً لهم على مواقفهم في الجلسة الطارئة التي عقدتها الجمعية العامة".
وامتنع عن التصويت لصالح القرار 35 دولة، من بينها كندا وأوكرانيا وجورجيا وكينيا والأرجنتين وكرواتيا وبنين والمكسيك وباراغواي وبولندا ورومانيا وأوغندا.
السفيرة الأميركية اعتبرت الدول التي امتنعت عن التصويت، وتلك التي غابت عنه، تقف في صف الدول التي رفضت القرار.
وأرسلت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة خطابات رسمية بالدعوة للمثلي تلك الدول، أبلغتهم فيها دعوتهم إلى العشاء يوم 3 يناير/كانون الثاني 2018؛ تقديراً لمواقفهم الرافضة للقرار الأممي.
وقالت هيلي في تغريدتها: "نحن نثمن تلك الدول التي لم تسقط في شراك الطرق غير المسؤولة للأمم المتحدة".
يذكر، أن الأمم المتحدة أقرت بأغلبية 128 صوتاً، مشروع قرار قدمته تركيا واليمن، يؤكد اعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وبينما غابت عن جلسة الجمعية العامة 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت، وعارضت القرار 9 دول من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الـ193.