أجمع كتاب وإعلاميون على ان خطورة التطبيع الإعلامي مع إسرائيل يحولها من دولة معادية احتلالية إلى دولة طبيعية، مطالبين بضرورة بناء استراتيجية إعلامية واعية تلامس نبض الأمة العربية والإسلامية، ووقف استضافة كل من يروج للرواية الإسرائيلية، والعمل على تعزيز وسائل الإعلام العربية والعمل على توفير كافة عوامل صمودها وبقائها
جاء ذلك خلال ندوة نظمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بغزة بعنوان "مخاطر التطبيع الإعلامي والدور المنشود" في مركز رشاد الشوا الثقافي بالمدينة بحضور نخبة من الكتاب والصحفيين والمهتمين.
وقال عضو المجلس الوطني واتحاد الكتاب الفلسطينيين د. فايز أبو شمالة" التطبيع هو العلاقة الطبيعية القائمة بين الدول، وأحرص دولة على التطبيع هي (اسرائيل) لتكون جزءًا من دول المنطقة على أساس الاعتراف بها".
وأضاف" التطبيع يسمح لإسرائيل اختراق العقل العربي، والوصول إلى الانسان العربي من خلال الوعي، ودليل ذلك حديث بنيامين نتنياهو مؤخرا: لا مشكلة لدينا مع القيادات العربية، ومشكلتنا مع الشعوب العربية التي لازالت ترفض التطبيع".
وأشار إلى أن اسرائيل نجحت في التطبيع من خلال اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، ووادي عربة مع الأردن، بهدف إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول العربية من خلال القضية الفلسطينية.
ونبه أبو شمالة إلى أن مجرد الاعتراف العربي بـاسرائيل هو شطب كل الماضي الإجرامي لدولة الاحتلال، والاعتراف بكافة الوقائع على الأرض.
وبين أن التطبيع هو تحقيق للأطماع الاسرائيلية، فاسرائيل لا تكتفي بالأرض الفلسطينية، بل تراه منطلقا للتوسع الاقتصادي والجغرافي والتكنولوجي والأمني.
بدوره، قال نائب رئيس حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا البروفيسور كامل حواش" نعاني كفلسطينيين في أوروبا من الانقسام وعدم وضوح الوضع السياسي للسلطة في الوقت الحالي".
وبين حواش في كلمة مسجلة أن اللوبي الاسرائيلي له دور كبير في الضغط على صناع القرار الأوروبيين، كما أن معاهدات التسوية بين الأردن ومصر وإسرائيل والسعودية والإمارات، وكذلك دعوة مجموعة من الإسرائيليين لزيارة البحرين، كل ذلك يعطيهم فرصة للضغط على البريطانيين الذي يقومون بحملات المقاطعة لاسرائيل.
وأضاف" الاحتلال لا زال قائما والتهويد زاد، والاستيطان يتسارع، وإذا كانت الدول الخليجية تعتقد أن الطائرات الاسرائيلية ستحلق للدفاع عنها ضد أي اعتداء ايراني، فهم يحلمون لأن الاحتلال لا يدافع إلا عن نفسه".
وتابع حواش" وسائل الإعلام العربية تعطي مساحة كبيرة للإسرائيليين للحديث للشعوب العربية وأتمنى أن يتوقف ذلك، والأخطر أن الاحتلال لا يسمح بظهور متحدثين بالنيابة عنه إلا إذا كانوا متدربين ومتمكنين، وهذا ما يجب أن يكون عليه العرب والفلسطينيون بالتمكن من الحقائق".
من جهته، قال رئيس قسم العلوم السياسية والإعلام في جامعة الأمة د. عدنان أبو عامر" الإسرائيليون لا يكون همهم الشاغل كيف يطبعون مع الشعوب العربية طالما أن علاقاتهم الأمنية والسياسية قائمة مع القادة الفلسطينيين والعرب، والتطبيع مع الشعوب العربية هي مرحلة متأخرة".
وأضاف أبو عامر" يجب أن نلوم أنفسنا نحن من فتحنا البوابات العربية لزيارة (اسرائيل)، لا نطلب من الآخرين أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك".
ونبه إلى أن خطورة التطبيع مع (اسرائيل) لهدف بعيد المدى بأن يتحولوا من دولة معادية احتلالية، إلى دولة تطبيعية.
وتساءل قائلاً" لماذا أصبح أسماء الوزراء الإسرائيليين متداولاً على الأذن الفلسطينية، في المقابل لا يخصص التلفزيون الاسرائيلي نصف ساعة من برامجه باللغة العربية؟".
وطالب أبو عامر بالتوقف عن تكرار المسميات الاسرائيلية في الإعلام الفلسطيني والعربي، فاللغة العربية غنية بالمفردات، بالإضافة إلى توقف المسئولين الفلسطينيين عن إدلاء تصريحات ومعلومات حصرية من داخل الغرف المغلقة للصحافة الاسرائيلية.
وعن الدور المنشود من الصحفيين لمواجهة التطبيع، تحدث مدير تحرير صحيفة الاستقلال توفيق السيد سليم" أن جوهر التطبيع هو نشر الرواية الاسرائيلية لتدخل كل بيت عربي وإسلامي، وتحاول اختراق وعي وعقل الجماهير العربية والإسلامية والتشويش على الرواية الفلسطينية واستبدالها بالإسرائيلية".
وأكد أن الإعلام حجر الأساس في صناعة الوعي وتغييره، وإنشاء أقسام خاصة في وسائل الإعلام الاسرائيلي ناطقة باللغة العربية من أجل إحداث التغيير المنشود في عقول الأجيال العربية.
ونبه إلى أن الأخطر من كل ذلك هو التساوق العربي مع هذه الحالة، باختراق الوجدان العربي مع وسائل الإعلام التي تبث الرواية الاسرائيلية، بالإضافة إلى اختراق الشاشات العربية ومنصات التواصل الاجتماعي والصحف العربية، والسماح للناطقين الإسرائيليين للدفاع عن قضاياهم في ظل غياب الشخصية العربية لتكذيب هذه الراوية.
وطالب سليم ببناء استراتيجية إعلامية واعية تلامس نبض الأمة، ووقف استضافة كل من يروج للرواية الإسرائيلية، والعمل على تعزيز وسائل الإعلام العربية والعمل على توفير كافة عوامل صمودها وبقائها.