21 حزيران 2015
هناك من استبق اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، غداً الاثنين وسهّل على المجتمعين اتخاذ قرارهم الموعود، ليس فقط حول شكل الحكومة، حكومة وحدة طنية وليس حكومة تكنوقراط، قد تكون بمشاركة حماس بشكل أو بآخر، أكثر من ذلك، فإن هؤلاء كانوا أكثر كرماً وعطاءً، إذ إنهم شكلوا الطاقم الحكومي ولم يعد على اللجنة التنفيذية سوى اتخاذ القرار بالموافقة، وربما يتطوع البعض، بالقول إن هذه القائمة المعدة، بدأت بالتوجه إلى مجلس الوزراء، أو إلى مقر الرئاسة لحلف القسم الدستوري.
ليس بإمكان أحد أن يجزم فيما إذا كانت حكومة الحمد الله قد استقالت، ولا يستطيع أحد أن يجزم فيما إذا كلف الرئيس الحمد الله بتشكيل الحكومة الجديدة، ولا بإمكان أحد أن يجزم فيما إذا قبل الحمد الله بهذا التكليف أم لا، ولا أحد بإمكانه أن يؤكد أن هناك اتفاقا على شكل الحكومة الجديدة، وحتى الآن على الأقل، ليس هناك من حديث جدي يمكن الركون إليه، للإجابة على كافة الأسئلة المطروحة آنفاً، صحيح أن هناك الكثير من المعلومات المشوبة بالكثير من الشائعات، وصحيح أيضاً، أن مصادر موثوقة جداً، من الديوان المقرب من صناعة القرار الفلسطيني، قد اعترفت بالتصريحات، غير أن هذه التصريحات متضاربة إلى حد الفوضى، ما يجعل الركون إلى مضمون أي تصريح للوقوف على حقائق الوضع الراهن، أمراً مشكوكاً فيه، بل من المستحيل التوصل إلى موقف محدّد إزاء كافة الأسئلة المطروحة.
مع ذلك، هناك أسماء وقوائم يتم تداولها، تتبارى المواقع، أو بعضها على الأصح في صناعة هذه القوائم في مكاتبها، ليس لشيء، سوى لمعرفتها أن مثل هذه القوائم تدفع الجمهور الفضولي، إلى تصفح هذه المواقع، ما يزيد من الدخول عليها وتسجيل نسبة عالية من جماهيرية التتبع المصطنعة، مقابل عملية خداع ساذجة، تضع الحد الأدنى من المهنية خلف ظهورها، هذه المواقع في تنافس شديد فيما بينها، وإذا كان صحيحاً أن هذا الأمر يحدث إزاء أي تشكيل حكومي فلسطيني، فإن بعض المواقع، أخذت الدرس والعبرة، فخشية من أن يسبقها موقع ما على تأليف هذه القائمة، فإنها سارعت قبل غيرها على مثل هذا التأليف، ولم تنتظر لا الاستقالة ولا التكليف ولا شكل الحكومة المرتقبة، تنافس رخيص يدل على استغباء المواطن الفلسطيني بشكل متعمد، واستغلال فضوله أبشع استغلال.
وإذا ما تابعنا مواقف القوى الفلسطينية، فصائل وشخصيات ومجتمعا مدنيا، إزاء الحكومة المرتقبة، فإن معظم هذه القوى، دعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، المستغرب بهذا الشأن، أن بعض القوى، كحركة حماس مثلاً، دعت إلى «ضرورة العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق مع الكل الفلسطيني وجميع الفصائل، لأنها القادرة على إدارة مصالح شعبنا الفلسطيني وشؤونه في الداخل والخارج والحفاظ على مصالحه» كما جاء على لسان زياد الظاظا عضو المكتب السياسي للحركة لموقع «الرسالة نت»!
من المؤكد أن هذا هو الموقف الصحيح إزاء التشكيل الحكومي المرتقب، لكن الحديث عن مشاركة «الكل الوطني» بات وكأنه شكل من اشكال التعطيل والاستعراض، ذلك أنه ليس هناك أي توافق وطني إزاء كافة القرارات التي تتخذ على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية، بتفاصيلها الصغيرة وتفاصيلها الاستراتيجية، من «الضرائب» وحتى «الهدنة طويلة الأجل».
ومن المعروف أن المصطلحات والأسماء والعناوين، لها أبعاد متفاوتة التفسير لدى الفلسطينيين، جماهير وقادة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الحكومة «الراحلة» كان يطلق عليها «حكومة الوفاق الوطني» مع أنها ليست كذلك على الإطلاق، فليس فيها ما يشي بأي وفاق وطني، ذلك أنها تشكلت بمحاصصة مقصورة على أكبر فصيلين فلسطينيين، حركتي فتح وحماس تحديداً، وإذا كان الأمر كذلك، فإن حكومة الحمد الله الراحلة كانت حكومة توافق الحركتين، ومع أنهما الأكبر من بين الفصائل الوطنية والإسلامية، إلاّ أن ذلك غير كاف ليقال إنها حكومة وفاق وطني، خاصة وأن تلك الحكومة، تشكلت إثر اتفاق المصالحة في غزة، والذي نجحت فيه الحركتان، بجلب بعض الفصائل معها للمشاركة في بعض الاجتماعات، إلاّ أن ذلك كان للتغطية على المحاصصة من خلال هذه المشاركة الشفوية الإعلامية، وبمعنى آخر، الشكل الأوضح للخداع والتزوير واستغباء الرأي العام.
يقال إن سبب فشل حكومة الحمد الله الراحلة، يعود إلى عدم تمكنها من القيام بدورها كحكومة في قطاع غزة، وهذا صحيح تماماً، لكن، أيضاً، لم تتمكن هذه الحكومة من القيام بدورها في الضفة الغربية، المتاح لها العمل بشكل أفضل رغم الاحتلال، ذلك يعود ـ كما يقال ـ إلى عدم تماسك الطاقم الوزاري، التداخل بين الصلاحيات الغامض، التعارضات في المصالح، وعدم الانسجام بين الوزراء أنفسهم، وبين بعضهم ورئيس الحكومة، وهذا أمر طبيعي كون هذه الحكومة لم تكن من صياغة وتشكيل رئيس الحكومة، بل من قبل آخرين، وضعوا القائمة وتقدموا بها إلى رئيس الحكومة للاطلاع، المهمة الأساسية الأولى لرئيس الحكومة المكلف، أن يشكل حكومته، غير أن هناك من تطوع بتشكيل الحكومة، وتوفير جهد رئيسها، لمجالات أخرى.. عسى أن لا يتكرر الأمر هذه المرة!!