المسيحية المصرية والبلد الذى يستقوى بناسه

thumbgen (36).jpg
حجم الخط

 

أمثال ترامب ونائبه بنيس ونواب قانون حماية الأقباط فى الكونجرس الأمريكى ومجموعات وفرق الإرهاب من داعش وإخوته. جميعا لا يقرأون. وإن قرأوا لا يفهمون. وإن فهموا انعدمت وظيفتهم وبارت تجارتهم.

أمثال هؤلاء من النوع الذى يعجبه جهله فلا يكف عن استهداف مصر ومسيحيى مصر. كل بمنظر ودور وطريقة دون أن يتوقف مرة واحدة ليسأل نفسه: ماذا تعنى المسيحية المصرية أولاً؟

المسيحية المصرية تكوين تاريخى فى بلد لو أردت أن تجد مرادفا له لقلت إنه التاريخ ذاته. لن أسألك عن مرادف أمريكا ذاتها، ناهيك عن أن تسأل عن ترامب ونائبه.

وبقية أعضاء فرقة الجهل والإرهاب المستشرى هذه الأيام. هل يكفى هذا تعريفا للمسيحية المصرية؟ بالطبع لا. أهم ما يمكن قوله فى وصف حقيقة المسيحية المصرية أنها والوطنية المصرية واحد. إن سألت: ما هى الوطنية المصرية؟ لقلت المسيحية المصرية. ولو سألت: ما هى المسيحية المصرية؟ لقلت إنها بذاتها الوطنية المصرية.

ما الذى صاغ المسألة على هذا النحو. ما الذى جعل المسيحية المصرية صنو الوطنية المصرية وليست مجرد اعتقاد دينى بحت؟

قدر المسيحية المصرية أنها جابهت أول ما جابهت الرومان وقد كانوا فى زمنهم كما أمريكا الآن قوة عظمى ظالمة طاغية تحتل مصر، فبرزت المسيحية المصرية عقيدة للتحرر الوطنى وللقومية المصرية فى وجه الرومان، إلى جانب أنها عقيدة دينية سماوية. من يومها وحتى حينه لا يمكنك الحديث عن طبيعة المسيحية المصرية دون تكوينها الوطنى. من يومها أيضا لم يكف مستعمر عن محاولة تغيير طبيعة المسيحية المصرية. حاول البريطانيون وفشلوا، تحاول أمريكا الآن وتفشل، وكما تحاول فرق إرهاب داعش وإخوته وتفشل.

ربما نجح أمثال هؤلاء فى استقطاب فرد هنا أو هناك. مجموعة هنا أو هناك. إنما فشلوا جميعا ويفشلون فى تغيير طبيعة المسار الوطنى والتحررى للمسيحية المصرية.

التفاصيل غزيرة. والوقائع عديدة ومتراكمة طبقة فوق طبقة. هل يكفى أن أحكى لك كيف واجهت المسيحية المصرية بريطانيا العظمى. أم كيف هدم مسيحى مصرى خط بارليف الإسرائيلى الحصين بعبقرية مدهشة. أم كيف هزم الأنبا إبراهام إسرائيل بصلابته الروحية والوطنية بالرغم من قسوة وشراسة الإصابة بالعمى والمرض حتى مات دون أن يفرط فى ممتلكات مصر فى دير السلطان بالقدس المحتلة؟

لو أخذتنا الحكايات لما أسعفنا الوقت فى سيرة حقب وعقود وسنوات بلد عرف كيف أن عصمة ذاته فى الاستقواء بناسه. نعم هذا بلد يستقوى ويقوى بناسه، ولا بديل له سوى أن يستقوى ويقوى بناسه.

المصريون المسيحيون كما يقول البابا تواضروس يستقوون بإخوتهم المسلمين، والمصريون المسلمون يستقوون بإخوتهم المسيحيين.

أرأيت الذى جرى بحلوان أخيرا؟ هل تأملت جيدا واقعة المواطن الخمسينى صلاح الموجى؟ أرأيت كيف يهزم أفراد مصر الإرهاب والإرهابى وترامب ونائبه ونواب قانون حماية مسيحيى مصر فى الكونجرس الأمريكى؟

قال الإرهابى للعم صلاح الموجى لدى إمساك الأخير به: إنت مش فاهم حاجة.

وقال العم صلاح الموجى: أخذت خزنة البندقية وضربته بها على دماغه عشان أوريله. دوخته عشان يفهم هو.

سألوا العم صلاح عن كيفية تكريمه، فقال: تكريمى أن يعيش إخوتى المسيحيون فى أمان. أراك تسأل كما أسأل: هل فهموا أخيرا؟ هل يفهم أمثال ترامب ونائبه ونواب الكونجرس وإرهابيى داعش وغيرهم ماهية المسيحية المصرية، وما نوع هذا البلد الذى يستقوى بناسه؟

أقول لك: دعهم يفهمون ما يفهمون. إنما افهم أنت شيئا واحدا: لا شىء أكثر أهمية من احترام وتقدير الناس فى البلد الذى يستقوى ويقوى بناسه. لا شىء يضعف إلا عدم الاهتمام وعدم الأخذ بقواعد العدل والمساواة بين الناس فى البلد الذى يستقوى ويقوى بناسه.

كل عام والمسيحية المصرية بخير.

كل عام والوطنية المصرية بخير.

كل عام والاستقواء بناس البلد بخير.