بحثت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خلال اجتماع عاجل في عمان، "إعلان حالة التقشف في النفقات والخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين"، بانتظار حسم موقف الإدارة الأميركية من مسألة تحويل مساعداتها التي لم تصل حتى الآن.
وهذا ما كبّد الوكالة عجزًا ماليًا منذ بداية العام بلغ نحو 174 مليون دولار، مرشحًا للزيادة في حال حجب الدعم أو تخفيض قيمته.
وقالت مصادر مطلعة في الوكالة لصحيفة "الغد" الأردنية إن الاجتماع الذي عقد برئاسة المفوض العام للوكالة بيير كرينبول، ومديري عمليات المناطق الخمس (الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة)، ناقش تبعات القرار الأميركي، عند تنفيذه، وتأثيره على أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم زهاء مليوني لاجئ في الأردن
وأضافت المصادر أن مباحثات إدارة الوكالة مهمة، حيث تناولت أيضًا الخيارات المتاحة أمام "أونروا" التي تشهد أزمة مالية خانقة، في ظل ضعف استجابة المانحين لدعمها وضبابية مواقف بعض المنافذ الجديدة التي تم طرقها.
وأوضحت أن الوكالة تدرس عدة احتمالات، في حال نفاذ قرار تجميد المساعدات الأميركية، وتتمثل في إما استمرار التقشف، أو تعليق بعض الخدمات، أو مواصلة البحث عن البدائل.
واعتبرت أن حالها سيزداد سوءًا عند وقف دعم الولايات المتحدة أو تخفيض حجمه، والمقدّر بزهاء 370 مليون دولار سنويًا بوصفها أكبر مانح للوكالة.
وأفادت بأن الوكالة قد تضطر، عند استمرار الحال لما بعد نهاية الشهر الحالي، إلى المزيد من تقليص الخدمات، في حال لم تتم تغطية كامل العجز المالي أو جزء منه.
وتعتزم "الأونروا"، بحسب رسالة وجهّها المدير العام للوكالة في لبنان كلاوديو كوردوني إلى فريقه الإداري، اتخاذ جملة من الإجراءات التقشفيّة، مثل "وقف تعبئة الشواغر في وظائف التعليم والصحة، ووقف التوظيف اليومي ودفع بدل الدوام الإضافي وبدل السفر وتكاليفه، ووقف شراء البضائع والمستلزمات إلا للضرورة القصوى".
وكانت خرجت "أونروا" من عام 2017 بعجز مالي يبلغ نحو 49 مليون دولار، إلا أن امتناع الإدارة الأميركية، حتى الآن عن تحويل الدفعة المالية المخصصّة لها، والبالغة 125 مليون دولار، والتي كان من المفترض تقديمها منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قد أدى إلى زيادة العجز بمقدار 174 مليون دولار.
ويهدّد تراجع مسار دعم الدول المانحة للأونروا منسوب الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين، حيث يعدّ قطاع التعليم الأكثر تضرّرًا، بينما سيضع الأردن أمام المزيد من الأعباء والضغوط، باعتباره أكبر دولة مضيفة للاجئين الفلسطينيين، بحسب المصادر.
ويشكل قطاع التعليم، الذي يستحوذ على النصيب الأوفر عدديًا من الموظفين العاملين في الوكالة بنحو 5 آلاف، ما بين معلم ومدير، من إجمالي 7 آلاف موظف بالأردن، الحلقة الأضعف في دائرة الخدمات الصحية والإغاثة الاجتماعية الأخرى التي تقدمها "أونروا"، حيث تسببت أزمتها المالية الخانقة العام 2015، بالتهديد بتأجيل العام الدراسي الجديد المثقل بالأعباء.
وقال مدير الإعلام السابق في الوكالة مطر صقر إن قطاع التعليم في "أونروا" قد يكون الأكثر تضررًا عند تراجع دعم المانحين للوكالة، كما سيتأثر الأردن، باعتباره أكبر دولة مضيفة للاجئين، من أي توجه لوقف المساعدات المقدمة للوكالة أو خفض قيمتها.
وأضاف صقر لـ"الغد" أن التصريحات التي صدرت عن الإدارة الأميركية مؤخرًا بشأن وقف المساعدات المقدمة للوكالة، تعدّ السابقة الأولى من نوعها، حيث كانت واشنطن تؤكد دومًا، خلال اجتماعات الدول المانحة والمضيفة للاجئين التي تعقد دوريًا، ضرورة دعم الوكالة حتى تستطيع الاستمرار في عملها إلى حين التوصل إلى حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ورأى أن تلك التصريحات تبعث برسالة خاطئة إلى المجتمع الدولي، وتؤثر سلبًا على عمل الوكالة وبرامجها الخدمية وأهمية استمرار وجودها، في الوقت الذي تحتاج فيه "أونروا" إلى الدعم والمساعدة من قبل المانحين حتى تستطيع الاستمرار في أداء مهامها التي أنشئت من أجلها.