وجه النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان، رسالة إلى أعضاء المجلس المركزي المجتمعين اليوم الأحد، في مدينة رام الله.
وطالب دحلان بالرسالة ، بضرورة تعليق الإعتراف بدولة "إسرائيل" إلى حين اعترافها بدولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، بالاضافة إلى الانضمام إلى كافة المواثيق و المنظمات و العهود الدولية وبصورة ملزمة لقيادة السلطة و المنظمة .
وقال النائب: "إن أسوأ ما قد يصدر عن اجتماع المركزي هو تفويض فرد أو أفراد بصياغة لاحقة لقراراتكم، ولعلكم بعضكم أو جميعكم تذكرون مصير قرارات دورتكم عام 2015، متسائلا ما الذي تحقق منها، أولم تتحول إرادتكم الى حبر على ورق ؟ فهل ستقبلون ذلك على كرامتكم مرة أخرى ؟".
ونص الرسالة جاء كالتالي:
الأخوة حضور إجتماع المجاس المركزي الفلسطيني في رام الله
تحية طيبة و بعد
تقفون اليوم أمام مسؤولية تاريخية حساسة وخطيرة تتطلب نكران المصالح و الذات، و الإرتقاء بمداخلاتكم و مخرجات إجتماعكم إلى مستوى ما ينتظره شعبنا الفلسطيني في كل مكان، وعليكم خاصة أن تتذكروا بأن ما يمنحكم الشرعية الحقيقة ليس حضور هذا الإجتماع الملتبس من حيث المكان والزمان وضعف التمثيل الوطني الفلسطيني المعبر، بل ما ستعبرون عنه و تصممون على تحويله إلى قرارات فورية صريحة و واضحة، وبلغة مفهومة و شفافة لا تحتمل المماطلة و التسويف و الإرجاء على ذمة ما سيأتي، و بصورة أوضح لا ينبغي و لا يجوز لكم تفويض قراراتكم وإرادتكم للجان صياغة وإقرار مستقبلية قد تخضع لإرادة فرد أو أفراد ، و شعبنا سوف لن ينسى مواقفكم وقراراتكم المرجوة في هذه الدورة الفاصلة.
الأخوات و الأخوة الأعزاء
ليس منا من لا يعترف بوحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لقضيتنا وشعبنا في كل مكان على الرغم مما يسودها من عوار وتهالك وتغييب وضعف التمثيل، لكن ذلك لا يعني قبول ما يصدر عنها من قرارات تكتيكية أو إستراتيجية دون مقارنتها و مطابقتها للمصالح و الأهداف الوطنية العليا، فهناك فارق كبير بين المنظمة ككيان ينبغي أن يكون موحدا و جامعا و معبرا عن كل أطياف الشعب الفلسطيني، و بين قيادة هامشية تخضع لإرادة و قناعات و إملاءات و مصالح و مزاجية شخص واحد، و لقد أثبتت الأسابيع التالية لإعلان ترامب حول القدس أن هذه القيادة لازالت تناور و تراوح في مربع الغموض، و تستمر في إداء أدوار أمنية و سياسية وإعلامية يشوبها الكثير من الشبهات، و تبعث بالكثير من الرسائل المتناقضة، فهي تتحدث عن غلق كل القنوات مع تل أبيب وواشنطن، وفي الوقت ذاته تعلن عن تواصل التنسيق الأمني والتواصل السياسي مع الحكومتين الإسرائيلية و الأمريكية، ولا أحد منكم يستطيع إنكار ذلك، أو عدم معرفته بالوقائع.
اخوتي
بداية أنتم جميعا تعلمون بأن الواجب كان يقضي عقد إجتماع مفصلي للإطار القيادي المتفق عليه، و هذا الإطار ليس بدعة أو إختراع طارئ على تاريخنا، ففي الزمن الوحدوي، زمن أبو عمار، كان ذلك يسمى اجتماع قادة الفصائل والتنظيمات و الشخصيات الفلسطينية، و هو ما أعتاد عليه العمل الوطني الفلسطيني على مدى عقود، و لو كانت قيادة السلطة راغبة في جمع الشمل الوطني، فقد كان أحرى بها توجيه تلك الدعوة لرص الصفوف و نزع الذرائع، لكنها أبت ذلك و هو ما قد يعمق الإنقسام ويضعف من قوة قراراتكم، و للأسف البعض يفكر كيف يأكل الثور الأبيض، ليتمكن لاحقا من الثور الأسود !
ها أنتم على أرض الوطن، و في الزمان و المكان و بالحضور الذي حدد لكم مسبقا، لكن لا أحد يستطيع أو ينبغي له أن يسلب إرادتكم، إلا من أراد صاغرا تسليم إرادته و مواقفه لغير فلسطين.
كما أنكم لا تلتئمون اليوم من أجل بحث ما قد يأتي، بل للتصدي لما هو قائم و حاصل، كما أنكم لا تحتاجون لمن يُذكركم بقرار ترامب وقرارات الكنيست الإسرائيلي بضم ما يقرب من 42% من أراضي الضفة الغربية، و لا تحتاجون أيضا لمن يشرح لكم ما سمي بـ " صفقة القرن " بعد أن تكشفت و أنفضحت بنودها و حيثياتها علنا رغم كل محاولات بعض الأفراد التستر عليها منذ شباط فبراير 2017 .
و تجتمعون أيضا في ظل قرارات إسرائيلية متواصلة بضم الأراضي و بناء مستوطنات جديدة، و توسيع مستوطنات قائمة أصلا، و كل ذلك في ظل ورحاب التنسيق الأمني المتدفق و المناقض لكل قرارتكم السابقة بعد أن حولت قادة أجهزة السلطة الأمنية إلى حراس إسرائيل الجدد .
وطبعا لا يخفى على أحد منكم مآسي وويلات الإنقسام الوطني، و الأنكى من ذلك كيفية توظيف قيادة السلطة حجة والإنقسام لمعاقبة 2 مليون فلسطيني، هم أهلكم و عرضكم وعزوتكم، بحرمانهم من حقوقهم الإنسانية المشروعة في النور والماء و الطعام والعلاج، وفي الوقت نفسه وبكل صفاقة يتباكى البعض الجالس بينكم مدينا نوايا ترامب قطع المساعدات عن الأونروا، أرجوكم أسألوا أنفسكم، واسألوا أولئك الأفراد كيف يستقيم هذا مع ذاك، وهل عرف سجلنا الوطني مثل هذا النوع من الحقد و العقوبات الجماعية القاتلة بحق شعبنا ، بحق غزة ، شعلة الثورة و ديمومتها ؟.
اخوتي
أسوأ ما قد يصدر عنكم هو تفويض فرد أو أفراد بصياغة لاحقة لقراراتكم، ولعلكم بعضكم أو جميعكم تذكرون مصير قرارات دورتكم عام 2015، و اسألوا أنفسكم ما الذي تحقق منها، أولم تتحول إرادتكم الى حبر على ورق ؟
فهل ستقبلون ذلك على كرامتكم مرة أخرى ؟
و من أجل ماذا ؟
إنها أخوتي لحظة عزة و كرامة، لحظة ستصبح جزء أصيلا من تاريخ كل فرد منكم، لحظة لا ينبغي فيها التسليم لرنة المفردات و الخطابة، بل إلزام من يلزم بدقة القرارات و المفردات ، و الأهم من ذلك إلزامية تنفيذها بتوقيتات وأجندة زمنية محددة و قاطعة، و نظرة واحدة الى بيان اللجنة التنفيذية الصادر أمس ينبغي لها أن تكون كافية ومقنعة لكم بعدم جواز إبطاء و إرجاء القرارات المنتظرة و الحاسمة، و أراها في ضوء الإجماع الوطني على النحو التالي :
أولا : إلزام قيادة السلطة و المنظمة بإنهاء الإنقسام الفلسطيني فورا ، و خاصة رفع عقوبات العار المفروضة على أهلكم و أعراضكم بقطاع غزة .
ثانيا: إعلان قيام دولة فلسطين على حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كاملة غير منقوصة فورا، و إلغاء كل ما يتعارض أو يعيق ذلك، ودعوة دول العالم و في مقدمتهم الأشقاء و الأصدقاء الى الإعتراف بذلك.
ثالثا: تعليق الإعتراف بدولة إسرائيل الى حين اعترافها بدولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية .
رابعاً: الانضمام الى كافة المواثيق و المنظمات و العهود الدولية وبصورة ملزمة لقيادة السلطة و المنظمة .
خامساً : إعلان أسرانا الأبطال أسرى لحربنا الوطنية المقدسة و تقديم كل ما يلزم لأسرهم و عائلاتهم بعيدا عن الإبتزاز الإسرائيلي الأمريكي .
سادساً: تحديد جدول زمني ملزم لإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية وطنية شاملة و متزامنة و بما لا يتعدى شهر يوليو تموز القادم لإنقاذ ما تبقى من شرعية الأطر القيادية الفلسطينية .
اخوتي
نعم أنتم لا تمثلون الكل الفلسطيني ، لكن اليوم يومكم ، و من أراد منكم فلسطين ، فسيجد مكانه و مكانته معززا مكرما مرفوع الرأس ناصع الجبين ، و من أراد نفسه أو إنصاع محكوما لإرادة فرد أو أفراد قد يدفعون لمزيد التسويف و التزييف و الإنحراف عن المسار، فسيجد نفسه و مكانته حيث لا يشرف و لا يتشرف ، و أني لأتمنى أن أراكم كرماء أعزاء ، تتقدمون صفوف النضال و الشعب.
إنها لثورة حتى النصر
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته