حسب مصادر فلسطينية، فان حكومة نتنياهو تجري في هذه الايام مفاوضات مع حماس، رغم أن حماس تنفي ذلك. هذا ليس جديدا، والنبأ ليس مزعزعا. بل هذه ظاهرة مقبولة بعد حرب انتهت بخسارة الطرفين. وحسب المصادر، فانه يوجد على الجدول وقف اطلاق نار طويل الأمد (تهدئة) مقابل اعمار غزة واعادة جثتي الجنديين الاسرائيليين. الاتصالات تتم من خلال مصر، وبشكل مباشر على المستوى الميداني.
حماس بحاجة الى هذا الاتفاق من اجل اعمار القطاع، وزيادة شرعيتها في الشارع الغزي وفي مواجهة جهات متطرفة وفي صراعها أمام فتح. التهدئة طويلة الأمد ستخدم مصالح قيادة غزة في اصلاح العلاقات مع مصر.
نتنياهو يهتم جدا بهذا الاتفاق. فهو غير متحمس لجولة اخرى من الصواريخ باتجاه معظم مدن الدولة: وبينه وبين نفسه هو يريد تقوية حماس. ومن هذه الناحية صدق افيغدور ليبرمان في انتقاداته.
اذا كانت حماس قوية فان هذا يكون على حساب فتح في الضفة الغربية، حيث لا يريد رئيس الحكومة اجراء المفاوضات معها – ارض اسرائيل الكاملة وائتلاف كامل، هذا ما يوجد في قلبه. وبذلك فانه يمنع حل الدولتين، حماستان في غزة مقبولة عليه، ومن جهته فان المهم أن يستمر في توسيع المستوطنات في الضفة والحفاظ على الاتحاد غير المكتوب مع مصوتي اليمين المتطرف الذين ضمنوا ولايته الرابعة.
يريد نتنياهو أن يتعامل العالم مع التهدئة في غزة كأنها عملية سياسية مع الفلسطينيين، وبالتالي فانه يتوجه الى الاوروبيين في موضوع اعمار القطاع. الاردن من جانبه يشترط العملية في غزة بالعملية السياسية في اطار اقامة الدولة الفلسطينية.
تجربة الحديث فقط مع حماس، خاطئة. اسرائيل بحاجة الى حل الدولتين مثل الهواء للتنفس. هويتها كدولة يهودية ديمقراطية توجد الآن في خطر، وعليها تقوية أبو مازن وفتح من خلال المفاوضات التي تشارك فيها الولايات المتحدة، على أساس اتفاق الاطار الذي اقترحه جون كيري. هذا المسار يمنع توسيع المستوطنات ويستوجب تقديم اقتراح سخي للمعسكر الصهيوني من اجل حكومة الوحدة الوطنية.
الاتفاق مع حماس هو اشارة غير صحيحة للعالم العربي، المنقسم الآن بين السنة البراغماتيين مثل مصر والاردن والسعودية، وبين جهات ارهابية منها حماس، التي ما زالت على صلة مع طهران. عملية كهذه لن ترأب الصدع الخطير مع البيت الابيض، لأن من يجلس فيه يريد حل الدولتين، من اجل أمن وهوية اسرائيل.
يجب الاعتراف بحق نتنياهو أنه مواظب: لا لعملية سياسية مع أبو مازن، لا لحل الدولتين، نعم لتوسيع المستوطنات ونعم لائتلاف مع اليمين المتطرف. ورسائله في هذه الاثناء ما زالت قومية وهستيرية. وفي مواجهة العالم الذي يُعادينا والعرب “الذين يريدون القضاء علينا”، فهو يتقن تحقيق نبوءاته، والحديث مع حماس هو ورقة اخرى من الاوراق الكثيرة التي يملكها.