عصيةٌ على التجنيس... "الصوفي والقصر" في ملتقى السرد العربي

عصيةٌ على التجنيس... "الصوفي والقصر" في ملتقى السرد العربي
حجم الخط

 ناقش ملتقى السرد العربي في القاهرة في ندوة بعنوان " الليلة المقدسية" في مؤسسة "ايثار"، ما وصفه النقاد والادباء والمثقفون المصريون في الملتقى بالرواية العجيبة المميزة العميقة، لنكتشف بعد وصف واشادة طويلة ورائعة انها رواية "الصوفي والقصر-سيرة ممكنة للسّيّد البدويّ" للرّوائي الفلسطيني الدكتور المتميّز أحمد رفيق عوض.

وشارك في مناقشة الرواية لفيف من النقاد والادباء والمهتمين والمثقفين في مؤسسة ايثار الثقافية وسط العاصمة المصرية القاهرة، عرضت عدة مقاطع خطها الدكتور عوض في مقدمة روايته قال فيها "قِيلَ عن السيد البدوى كل المتناقضات؛ فقد ذُكر أنه شيعي، وأنه سُنِّي، وقيل إنه متصوف، وقيل إنه تستَّر بالتصوف، وقيل إنه من آل البيت، وقيل إنه ليس كذلك، وقيل إنه داعية، وقيل إنه صاحب دعوة سياسية، وقيل إنه رجل ، وقيل إنه امرأة (...). هنا حكاية أخرى تجاور وتحاور الحكايات السابقة.. لا أحد يكتفي أو يقنع بالتاريخ كما وقع على وجه الحقيقة. الواقع ذاته لا يكفي".

 

قال الناقد المصري ايمن الحكيم ان الرواية قدَّمَت الحقيقة التي يجهلها الكثيرون بلغة إيجاز وبلاغة، وان الرواية تنقِّي الخرافات عن الصوفية وتتناوَلُه بشكل علمي موضوعي، الروايةُ وضعَتْ يدها على فكرة حقيقية مغيَّبةٍ عن الجميع، وهي أن الوليَّ مقاتِل وليس سطحيًّا، مشيرا الى ان الرواية أعادت اكتشاف السيد البدوي من جديد، مطالبا بطباعتها طبعة شعبية فهي رواية تقدم الحلول الانسانية والحضارية لازمة المثقفين العرب.

ووصف الناقد الادبي المصري حسام عقل الرواية انها تلقي القفازات من يد النقد المصري، وهي رواية عصية على التجنيس وفيها كل ما يريد القارئ ان يقرأ، لغتها عالية مميزة مطيعة وطيّعة جدا.

وطرح الناقد عقل بعضًا من مقولات السيد بدوي التي تطرق لها الدكتور القاص احمد رفيق عوض في الرواية: "إنني زيتُ مَنْ لا زيتَ له"، و"الإسلام لم يأتِ ليعيشَ في الجبال، وإنما بين الناس"، وقوله: "للكونِ لسان واحد ولغات متعددة يُسّبح بها خالقه ، وأشاد عقل بلغة الرواية القوية التي تعكس ثقافة عوض وقراءاتِهِ الكثيرة وفي مجالات متعددة.

وأضاف عقل أن الرواية رغم أنها تتحدث عن حقبة تاريخية (القرن السابع الهجري) فإن بها إسقاطاتٍ حولَ الصراع العربي - العربي اليوم، وكذلك الخيانات التي حدثت في تلك الحقبة.

واضاف عقل ان (الصوفي والقصر) بشَّرَتْ بالحرية حين قال السيد البدوي: (لن ينجح العالم العربي في أن يكون له موطئ تحت الشمس، إلا أن يكون هناك حرية). وأيضًا: "لا محبة إلا بالحرية، ولا محبة مع الذل".

 

وأضاف أن الرواية توحي بأن التاريخ يعيد نفسه، وقد تطرَّقَتْ إلى علاقة المثقف أو النخبة بالناس علّها تعيد التفكير في وقتنا الحاضر حيث الفجوة الكبيرة بينهما، وذلك بالاسترشاد بسيرة السيد النبوي التي تستنهض هذه الطاقات التي أصابها الفتور".

وقال عقل إن "(الصوفي والقصر) فوق ذلك أعادَتْ الاعتبار للرواية العربية ووضعتها في قمة السرد القصصي، في الوقت الذي تتجه الكتابات نحو الاختصار والوجبات الأدبية ذات الإيقاع السريع".

ويلخص عوض حياة السيد أحمد بن علي بن يحيى البدوي ثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين من صبي مهاجر مع أسرته من مدينة فاس المغربية إلى ناسك متعبِّد فى مغارة معتمة بجبل أبى قبيس على أطراف مكة المكرمة، يهرب منها بسبب الفتنة، إلى الشام فيقاتل فى جيش الملك الناصر، ويدخل معه القدس فاتحًا ومحررًا وظافرًا، ثم إلى بغداد (العراق)، فيصبح الولي المقاتل، وينتهي به المقام فوق سطح داره بقرية صغيرة مجهولة فى قلب دلتا مصر، حوَّلَها إلى مدينة عامرة وقبلة لمحبيه وزواره، وأحد أشهر المراكز الروحية فى العالم، سمّاها المصريون "طنطا" ومن هناك ينضم إلى جيش مصر ويحارب الفرنجة في المنصورة ودمياط ويعود بالأسرى، الذي أسرهم جيش ملك فرنسا لويس التاسع، لتعلو الهتافات فى معسكر الجيش المصرى : "البدوى جاب الأسرى".

واشاد الروائي الدكتور احمد رفيق عوض بملتقى السرد العربي والقائمين على الندوة في مؤسسة ايثار في ام الدنيا جمهورية مصر العربية، معربا عن فخره بالحضور المميز والمتميز، والذي لم يكن يتوقعه بهذا الحجم والاستقبال الرائعين.

وكانت قد صدرت رواية "الصوفي والقصر-سيرة ممكنة للسّيّد البدويّ" في تموز 2017 عن دار الشروق للنّشر والتّوزيع في عمّان ورام الله.