غصت قاعة دار "طباق" للنشر والتوزيع في مدينة البيرة، احتفالاً بإطلاق الدار لباكورة إصداراتها، وهي المجموعة القصصية الجديدة للشاعر والكاتب المتوكل طه بعنوان "وحوش مركبة"، وهي الدار التي أسسها الكاتب طارق عسراوي وربى مسروجي، حيث لفت عسراوي إلى أن الاسم مأخوذ من عنوان قصيدة الشاعر محمود درويش التي كتبها لإدوارد سعيد.
وقالت الإعلامية نداء عوينة في تقديمها لـ"وحوش مركبة": في هذه المجموعة نرى بداية أن التكثيف هو سيد القصة القصيرة، وعليه فإن د. المتوكل طه قام بتكثيف الظواهر المجتمعية النفسية التي رصدها في المجتمع القروي الفلسطيني، بما في ذلك حديثه عن الفقر والجهل والخرافة، وتداعياتها على الحياة اليومية للفلسطينيين في الأرياف، ومن كل ذلك نرى أن هنالك تجلياً للمؤامرات والبوح وانعدام الخصوصية وللكثير من الظواهر الأخرى، فكاتب "وحوش مركبة" يطرق كل هذه القضايا وغيرها بأسلوب فكاهي وصريح، فهو كعادته لا يتوانى عن طرق المحظور في سرده، ولا يتوانى عن البوح لا في الرسائل ولا في واقع القصص.
وأضافت عوينة : المتوكل طه لا يغفل في قصص هذه المجموعة القيم الأصيلة في المجتمعات القروية، ولا يتردد في وصفها كالكرم والموائد التقليدية والشهامة .. هذا العمل القصصي يحمل لغته جزلة وفضفاضة، وهو جزء جديد من مشروعه السردي الذي يتراوح ما بين الرواية والقصص القصيرة، حيث يحلق بالشخصيات بصيغة كاريكاتيرية أحياناً، وواقعية أحياناً أخرى، حسب الموقف، كما أنها لا تخلو من الفنتازيا والحب، لافتة إلى أن طه كعادته يتعاطى في قصصه مع المرأة ذات الشخصية العالية، فهي فاعلة في العادة وليست سلبية فقط أو مزاحة تسيّرها الظروف، كما أنه لا يتردد في سرد الفساد السياسي والإداري والمجتمعي في المجتمعات الخاضعة للتهميش السياسي والاقتصادي والخدمي ايضاً.
ووصفت عوينة "وحوش مركبة" بأنه أيضاً "مشروع بحثي يبحث في قضايا المجتمعات الفلسطينية ويعرّيها، ويطرق بابها، ويتعمق فيها إلى أن يسبر غورها، ثم ينفضها ويصيغها حكاية تقرأ ثم تدعو للتساؤل، فالكثير من حكايات المتوكل طه تتعبنا لشدة واقعيتها، وشدة قربها".
الشاعر والكاتب المتوكل طه أهدى مجموعته القصصية الرابعة وأمسية إطلاقها إلى "البطلة عهد التميمي، التي أكدت أن دولة الاحتلال صالحة للهزيمة وللانكسار أمام صفعات أطفالنا، وأمام رسوخهم .. عهد التميمي التي باتت اسماً من أسماء فلسطين"، ليقدم أيضاً التحية للروائيين الفلسطينيين الأربعة الذين وصلت رواياتهم إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر (إبراهيم نصر الله، وعاطف أبو سيف، ووليد الشرفا، وحسين ياسين)، ما يؤكد أن "فلسطين ليست ولادة فقط على المستوى الوطني والسياسي والتمسك بالحق والثابت غير القابل للتصرف، وإنما بموازاة كل ذلك، هناك هذا الدفق الذهبي الذي يحفظ فلسطين، ويبشر بها"، كما عبر عن تقديره عالياً للفنانين الهنود "الذين رفضوا لقاء نتنياهو كشاروخان وعامر خان ولسليمان خان وغيرهم، ومستهجناً الموفق المعاكس لذلك من أسماء لامعة في السينما الهندية أيضاً".
وشدد طه على أن الكاتب كالخياط الذي ينبغي أن تكون لديه القدرة على خياطة كل شيء، وعليه أن ينتقي القماش المناسب لكل قطعة يريد خياطتها .. وقال: أي كاتب لا تثريب عليه إن كتب في غير شكل من أشكال الإبداع، فليس بالضرورة أن يكون الشاعر شاعراً فحسب، أو الروائي روائياً فقط، بل يستطيع أي مبدع أن يدخل في روح كل هذه الأشكال، وأن يسيّلها على بعضها البعض، خاصة أن السرد الآن في واحد من تعريفاته يأتي بكافة الأشكال الإبداعية، ويجعلها تسيل على بعضها البعض، لتقدم لوحة فارهة متناغمة.
وأضاف: إذا ما أحس الكاتب بأنه قادر على الإحاطة بهذا الشكل أو ذاك فعليه ألا يتردد .. هذه المجموعة ولدت كما أي نص آخر من امتلائي بما أقرأ وما أشاهد وأسمع، وما يمر عليّ، وما يختمر في وعينا ولاوعينا، ويخرج في لحظة ما بشكل ما وفق المنتج، فيحوله الكاتب شعراً، أو قصة قصيرة، أو رواية.. المياه الجوفية التي ينهل منها الكتاب الفلسطينيون هي واقعه المعاش.
وتحتوي "وحوش مركبة" على ثلاثين نصاً قصصياً بدءاً بـ"صلة الأرحام"، وانتهاء بـ"توتة توتة لم تخلص الحدوتة"، إضافة إلى "قصص قصيرة جداً" احتلت اثنتي عشرة صفحة مقسمة إلى ثماني عشرة قصة بدأها بالحديث عن الحرب والشهوة والندم، وختمها بالحديث عن جدلية الكتابة والنشر والحرّيات.