أجمع خبراء حقوقيون وقانونيون أن قانون العقوبات البريطاني المطبق لا يلائم احتياجات المجتمع الفلسطيني، وكافة نصوصه تسجل إنتهاك واضح بحقوق النساء، وطالبو بتكثيف الجهود المبذولة لمنع ارتكاب الجرائم وتحديداً تلك المرتكبة بذريعة “الشرف”، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب باتخاذ إجراءات إدارية وقانونية وتعديلات تشريعية جزائية.
وأكدوا علي ضرورة توحيد الجهود على عدة مستويات تبدأ بتعديل النصوص في المنظومة التشريعية وتوفير آليات الحماية اللازمة لحماية حياة النساء اللواتي يتعرضن للعنف وتغيير الاتجاهات الاجتماعية التي تتناقض مع حقوق الإنسان والتشريعات السماوية.
جاء ذلك خلال يوم دراسي نظمته الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون بعنوان " قانون العقوبات ومدى انسجامه مع المعايير الدولية لحقوق النساء" ، ضمن مشروع حماية حياة وحقوق وكرامة النساء في جنوب قطاع غزة ،وذلك في صالة السعادة لاند في مدينة رفح جنوب قطاع غزة .وحضر اللقاء عدد كبير من الشخصيات القانونية والحقوقية.
وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون د. إبراهيم معمر، "يأتي هذا اليوم الدراسي في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية و قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحق القدس و تقليص مساعدات "أونروا" للنصف وتداعياته بحق أبناء شعبنا".
وأوضح أنه تمت الدعوة في الكثير من المناسبات لمواجهة جرائم العنف و قتل المرأة بادعاء الحفاظ على الشرف وأجري العديد من الأبحاث والدراسات وورش العمل والمؤتمرات، لكن لم يكن هناك نتائج يمكن قياسيها تشير إلى انخفاض عدد الضحايا، كما وتم تنفيذ العديد من المشاريع بمبادرات مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية داعين لتوعية المجتمع وتغير القانون وتمكين المرأة لكنها لم تحرك ساكنا.
وبيّن أن المشكلة تكمن في آلية تنفيذ هذه القوانين وملاءمتها للواقع والمجتمع الفلسطيني ويجب علينا كمؤسسات دولية إعادة النظر في كل الدورات واللقاءات لأن هذا يشير على ضعف المؤسسات والجمعيات العاملة في هذا المجال ،وخير دليل الانقسام المستمر منذ 11 عام وعلينا توعية المجتمع ونامل في هذا اليوم الراسي الخروج بتوصيات حقيقية والعمل بها .
من جانبه، طالب أ. زياد النجار ممثلاً عن نقابة المحامين بضرورة أن يتسم قانون العقوبات بالقدرة على تحقيق الغاية المرجوة منه، وأن تكون نصوصه غير عاجزة عن زجر الجريمة وفرض العقوبة المناسبة، ويجب إعادة سن قانون عقوبات ضمن سياسة جنائية جديدة بحيث تكون نصوصه منسجمه مع التطورات المستحدثة لها حقق الردع العام بما لا يفتئت على حقوق الجاني.
وبدوره قال أ.د. طارق مخيمر المسؤول في مكتب المفوض السامي لحقوق لا يخفي على أحد ارتفاع وتيرة العنف الداخلي في المجتمع الفلسطيني الذي يتجلى بقتل النساء وشيوع يأس مجتمعي ادي إلى انسداد الافق السياسي والاقتصادي وغياب دور المجلس التشريعي في سن قوانين عقوبات عصري وحديث يتلاءم مع احتياجات النساء0
وطالب بسن قانون سريع يحد من الاعذار المحلة والمخففة لقتل النساء، مؤكدا ان هناك الكثير من جرائم القتل ترتكب على خلفيات متعددة لكن يستخدم العذر المحل في التغطية على القاتل بادعاءه انه على خلفية الشرف.
القانون الحالي المعمول به في الأراضي الفلسطينية بشأن جرائم الشرف، من أجل أن ينال المجرمون عقابهم على الجرائم التي يرتكبونها مهما كانت الأسباب.
وذكرت أ. مني عبد العزيز ممثلة المجلس النرويجي للاجئين أن تكرار جرائم قتل النساء في الأراضي الفلسطينية على خلفية ما يسمى بـ"شرف العائلة" يأتي بسبب الحصانة الممنوحة للقتلة من خلال تنفيذ أحكام مخففة بحقهم، وقيام المجرمين بانتحال هذا العذر لتبرير جرائم ارتكبوها لأسباب مختلفة ومن أجل الحصول على أحكام مخففة غير آبهين بالفضيحة والعار الذي يلحق بالعائلة لأسباب اجتماعية متعددة.
وأكدت أن هناك من ارتكب جرائم على خلفية الميراث أو نزاع عائلي وألصق تهمة الشرف بالضحية للحصول على أحكام مخففة
وأوضحت أن جرائم القتل والاغتصاب والاضطهاد للنساء تتعدى كونها جريمة من قبل شخص إلى كونها انتهاك لحقوق الإنسان بسبب تراخي الدولة بالتشريعات أو بتطبيقها وبسبب الإخفاق بتوفير الخدمات الاجتماعية والطبية والنفسية والقانونية الجيدة للمعرضات للقتل، فهي انتهاك الدولة للحق في الحياة وخرق لالتزاماتها لمعاهدات حقوق الإنسان.