ورشة عمل تستعرض الآثار الكارثية للحصار والعقوبات المفروضة على غزة

أطفال فلسطين.jpg
حجم الخط

أكدت وزارة الاقتصاد أن الاقتصاد المحلي في قطاع غزة يخسر نحو 16 مليون دولار شهريًا نتيجة الحصار المفروض عليه منذ 11 سنة، بإجمالي 10 مليارات دولار طوال تلك السنوات.

وقال مدير عام الدراسات بالوزارة أسامة نوفل إن القطاع شهد عام 2017 أوضاعًا اقتصادية سيئة لم يشهد لها مثيل، حيث الركود الاقتصادي وتراجع حجم الاستيراد وتقليص حجم المساعدات.

جاء ذلك خلال ورشة عمل عقدتها وزارة الاقتصاد في مدينة غزة يوم الثلاثاء بعنوان "مخاطر الانهيار الاقتصادي في قطاع غزة ".

واستعرض نوفل خلال الورشة آثار الحصار والعقوبات الاقتصادية على القطاع، لافتًا إلى أن معدلات الفقر والبطالة ارتفعت بشكل لم يشهد له مثيل في العالم، بحيث وصلت نسبة البطالة في نهاية عام 2017، إلى 47% نتيجة لإغلاق المصانع والمنشآت الاقتصادية الأخرى بسبب حالة الركود الاقتصادية.

وأضاف أن معدل الفقر وصل إلى 85%، فيما بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي 65%، في حين تراجع الناتج المحلي لقطاع غزة من 493 مليون دولار في الربع الأول 2017 قبل العقوبات إلى 432 مليون دولار في الربع الثالث 2017 بمتوسط تراجع 12%.

وأشار إلى تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي من 257 دولار إلى 232 دولار خلال نفس الفترة، كما تراجعت مساهمة الزراعة من 3.7% إلى 3.5%، وكذلك الصناعة من 8% إلى 6.9%.

وأوضح أنه بالرغم من اعتماد أكثر من 80% من سكان القطاع على المساعدات الدولية إلا أنها تراجعت بشكل كبير وبنسبة أكثر من 50% نتيجة لإحجام المانحين عن دعم القطاع.

وبين أن نسبة الودائع من قطاع غزة لم تزد عن 10% من إجمالي الودائع في الأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى عدم موافقة الحكومة على إرجاع الضرائب للقطاع الخاص تحت بند إرجاعات ضريبية وفق القانون وقدرت بنحو 147 مليون دولار.

وذكر أن نسبة إعادة إعمار القطاع الاقتصادية لم تتعدَّ 8% من مجمل الأضرار الاقتصادية، لافتًا إلى تراجع دور السلطة الفلسطينية الإنمائي للقطاع على مدار سنوات الحصار.

وقال نوفل "بالرغم من حصول السلطة على أغلب إيرادات غزة من خلال ضرائب المقاصة، الجمارك، وضريبة البلو، إلا أن حجم إنفاقها على القطاع محدود وموجه نحو رواتب الموظفين (مدنيين وعسكريين) في أغلبهم لا يقدمون خدمات للمجتمع".

ولفت إلى أن عدد هؤلاء الموظفين قبل الانقسام بلغ 67 ألف موظف تراجع عددهم إلى 60 ألف موظف بسبب بلوغ العديد منهم سن التقاعد، ولم تقم السلطة بتعيين أي موظف من القطاع خلال فترة الانقسام، وفي المقابل ازداد عدد الموظفين في الضفة الغربية ليبلغ 100 ألف موظف.

وبحسب نوفل، فإن الدراسات المحلية والأجنبية تشير إلى أن متوسط حجم الإنفاق على قطاع غزة خلال فترة الانقسام لم يزد عن950 مليون دولار سنويًا موزعة على الشؤون الاجتماعية 105 مليون دولار، صافي الإقراض وهي أثمان الكهرباء والمياه يقوم الاحتلال الاسرائيلي بخصمها بقيمة 115 مليون دولار.

 وفي جانب الإيرادات، فإن السلطة وقبل إجراءاتها الأخيرة كانت تحصل على نحو 1.012مليار دولار بدون المنح والمساعدات، وهي عبارة عن إيرادات المقاصة 965 مليون دولار، ضريبة دخل لشركات كبري يتم جبايتها في الضفة الغربية.

وتابع نوفل "وإذا أضفنا حصة قطاع غزة من المساعدات الدولية (540 مليون دولار) يصبح إجمالي الإيرادات من غزة 1.55 مليار دولار بمعني أن السطلة تحقق فائضًا من القطاع".

وتطرق إلى تراجع حجم السيولة النقدية في القطاع بمتوسط شهري يتراوح ما بين 37-40 مليون دولار، أي ما يعادل (454 دولار إلى 480 مليون دولار سنويًا، تشكل نحو 25-30 % من الناتج المحلي للقطاع.

وأشار إلى تراجع قدرة وزارة المالية في غزة على الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها البالغ عددهم 42 ألف موظف مدني وعسكري، وقدر حجم التراجع بنحو 10 ملايين دولار شهريًا نتيجة لتراجع الإيرادات.

وأظهر أن أعداد شاحنات المساعدات الغذائية انخفضت من 26 ألف شاحنة في عام 2015 إلى 12 ألف شاحنة في عام 2017، كما أغلق عشرات التجار وأصحاب المصانع بسبب حالة الركود، وارتفعت نسبة الشيكات المرجعة من 6% في عام 2014 إلى 11% في 2017.

واستعرض نوفل الآثار السلبية لتسليم المعابر على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، مشيرًا إلى تراجع النشاط الاقتصادي نتيجة لتحويل حصيلة الجمارك والتعلية والرسوم إلى خزينة السلطة وعدم ضخها في السوق المحلي (40% من إيرادات وزارة المالية، 70% من إيرادات وزارة الاقتصاد)، ووقف رسوم الاستيراد وليس تمويل القيمة.

ولفت إلى زيادة نسبة التهرب الضريبي لدى فئة التجار والمستوردين نظرًا لعدم تواجد الطواقم الفنية التابعة لوزارة المالية على المعابر، وأثر ذلك في نقص الإيرادات.

وبخصوص التأثيرات السلبية على التجار، أوضح نوفل أن أسواق غزة شهدت خلال الربع الأخير من عام 2017 انخفاضًا في حجم مبيعات كافة الأنشطة الاقتصادية في ظل حالة من الركود التجاري لم يسبق لها مثيل، ولم تمر على غزة منذ عقود.

وأضاف أنه نتيجة لذلك ضعفت القدرة الشرائية لدى المواطنين في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وأزمة الكهرباء، واستمرار الخصم على رواتب موظفي السلطة وعدم تلقي موظفي الحكومة السابقة في غزة لأي دفعات من رواتبهم خلال الشهرين الأخيرين.

وأوصى نوفل بضرورة الوقف الفوري للعقوبات على قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه، مطالبين بفتح البوابة الجنوبية لحركة الأفراد والبضائع.

بدوره، أعلن وكيل وزارة الاقتصاد أيمن عابد، قطاع غزة "منطقة منكوبة" بفعل الحصار والعقوبات المفروضة عليه، ما أدى إلى انهيار الوضع الاقتصادي.

وأشار إلى وجود تراجع كبير في عدد الشاحنات الواردة لغزة، حيث انخفض عددها من 700 شاحنة يوميًا إلى 300 شاحنة، وارتفعت نسبة الفقر والبطالة.

وأكد أنه تم إرسال تقريرين للمسؤولين في غزة والضفة يحمل عنوان "الانهيار الاقتصادي بغزة، والآثار السلبية على الاقتصاد الغزي بعد تسليم المعابر".

ولفت إلى أنه تم تشكيل لجنة اقتصادية عليا ممثلة بأغضاء الاتحادات والغرف الاقتصادية والقطاع الخاص وكذلك تشكيل لجنة فنية لتحمل المسؤولية، ولكي يكون الصوت الاقتصادي له دور أساسي في اتخاذ القرارات السياسية.

وقال عابد إنه كان لديهم تأملات كبيرة وتطلعات بتحسن الحالة الاقتصادية بعد المصالحة الفلسطينية، ولكن بعد ثلاثة شهور من توقيع المصالحة وجدنا انعكاسات سلبية حادة على الوضع الاقتصادي بغزة.

وطالب المشاركون بالورشة باعتبار القطاع منطقة منكوبة ينبغي إعفائها من الضرائب والرسوم بهدف التخفيف عنها، وتجهيز حزمة مشاريع لتشغيل المتعطلين عن العمل، وتنفيذ مشاريع إنعاشيه تركز على مشاريع الحد من الفقر وتعزيز صمود المواطنين.

ودعوا إلى وقف إغراق القطاع بالمنتجات الاسرائيلية وحماية المنتج الوطني، وتخفيض التعلية الجمركية على البضائع الواردة، مطالبين بأهمية توحيد "القوانين والتشريعيات" بين شطري الوطن، لأنها تنعكس إيجابيًا على الاستقرار الاقتصادي المنشود.

وطالب المتحدثون الحكومة بإفساح المجال أمام الاستثمار في قطاع غزة، طالما أن المناخ الاستثماري، ومحفزاته في القطاع جاهز في الوقت الراهن، والتي من أهمها انخفاض تكاليف الإنتاج، وتراجع مستويات الدخل، وانخفاض الأجور، وأسعار العناصر الإنتاجية الأخرى، التي من شأنها تحفيز الاستثمار.

وأكدوا أن هذا يتطلب تدخلًا واضحًا من القطاع الخاص سواء كان الفلسطيني أو الأجنبي، مشيرين إلى دور البنوك المحلية الهام في تقديم تسهيلات مالية وائتمانية أوسع من السابق كما الحال في الضفة المحتلة.

وشددوا على أن للمانحين لهم دور مهم في المرحلة القادمة من أجل "رفع الفيتو عن مؤسسات الإغاثة الدولية" التي كانت تعمل سابقًا في قطاع غزة وأوقفت بفعل الانقسام.

وأكد المشاركون أن ذلك يتطلب البحث عن مصادر لتمويل الموازنة العامة، كما لها دور مهم في دعم الموازنة التطويرية حيث يحتاج القطاع الى أكثر من 3مليار دولار كمشاريع تنموية، إضافة إلى مشاريع إعادة الإعمار.