خاطب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، أحد عشر اتحاداً وجمعية برلمانية إقليمية ودولية بخصوص التطورات الأخيرة الخاصة بما تتعرض له وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" الأونروا" خاصة في أعقاب قرار الإدارة الأمريكية بتخفيض الإسهامات المالية في ميزانية الوكالة، والمواقف الأخرى الصادرة عن أركانها.
وناشد المجلس الوطني الفلسطيني في مذكرة متطابقة خاصة أرسلت إلى كل من: الاتحاد البرلماني الدولي، البرلمان الأوروبي، الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، برلمان عموم أفريقيا، الجمعية البرلمانية الآسيوية، اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، البرلمان العربي، الاتحاد البرلماني العربي، وبرلمان أمريكا اللاتينية ، الإعلان عن رفضهم المساس بوكالة الأونروا، والإصرار على المحافظة على استمرار رسالتها، والربط الدائم بين إنهاء عملها وبين تنفيذ القرار 194القاضي بالعودة والتعويض طبقاً لقرار تأسيسها. ورفض محاولات تحويل مهام عملها إلى الدول المضيفة للاجئين.
ودعا الاتحادات إلى الحفاظ على عمل وكالة الأونروا، وتطوير مداخيلها من خلال تحفيز وتشجيع المساهمات الدولية والمساهمات العربية، باعتبار أن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الكاملة عن مأساة ونكبة الشعب الفلسطيني، ويقع على عاتقه مهمة توفير الرعاية والإغاثة والصحة والتعليم للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى أرض وطنهم،وحث الدول المانحة والممولة على الوفاء بالتزاماتها المالية لدعم ميزانية الأونروا وتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين.
وذكّر المجلس الوطني الفلسطيني، أن تأسيس وكالة الأونروا جاء على خلفية التداعيات الكارثية لنكبة عام 1948، والتي أدت إلى عمليات تطهير عرقي قادت إلى تهجير ما يزيد عن ثلاثة أرباع مليون مواطن فلسطيني توزعوا في تلك الفترة على الدول المحيطة بفلسطين إلى جانب القسم غير المحتل من فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد دفعت هذه التداعيات بالمجتمع الدولي باتخاذ القرار 194 الذي رفضته إسرائيل، لذلك جاء القرار 302 الدورة (4) بتاريخ 8 كانون الأول 1949بتأسيس الأونروا إجراءاً مؤقتاً ريثما يتم تطبيق القرار المذكور.
وحذر المجلس الوطني الفلسطيني من الآثار الجسيمة لقرارات إدارة ترامب على اللاجئين الفلسطينيين،وستعرضهم للمخاطر في كافة أقاليم عمليات الأونروا الخمسة التي تقدم الخدمات فيها، وستزيد من أزمة التمويل التي تعاني منها، وستؤدي إلى تقليص الخدمات الأساسية التي تقلصت أصلاً، في القطاعات الصحية والتعليمية والإغاثة وكافة نواحي حياتهم، وستشكل خطراً على حياة نحو ٧٥% من اللاجئين، وستطال المعاناة والأزمات المخيمات في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات، بمن فيهم أكثر من مليون مواطن في غزة يعيشون على المساعدات الإغاثة الُمقدمة لهم من وكالة الأونروا، مما سيقود إلى كارثة إنسانية حقيقية.
وأشار المجلس الوطني الفلسطيني في مذكرته إلى أن إدارة الرئيس ترامب أبلغت الأمم المتحدة أنها جمدت مبلغ 65 مليون دولار أمريكي كان من المقرر دفعها في بداية العام الجاري ، وقررت عدم صرف مساعدات غذائية قيمتها 45 مليون دولار تعهدت بتقديمها للاجئين الفلسطينيين، في سياق ابتزازها وإجراءاتها العقابية ضد الشعب العربي الفلسطيني وقيادته، وفي تساوق صريح مع السياسات الإسرائيلية.
وشرح المجلس الوطني الفلسطيني الآثار الكارثية لتلك التقليصات المالية على قطع سبل وصول 525 ألف طالب وطالبة في 700 مدرسة تابعة للأونروا ومستقبلهم، وستكون أيضا على المحك مسألة الكرامة والأمن الإنساني للملايين من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم بحاجة إلى معونات غذائية طارئة، وسبل دعم أخرى. وكذلك قطع سبل وصول اللاجئين إلى الرعاية الصحية الأولية، التي تشمل رعاية الحوامل والخدمات الأخرى المنقذة للحياة.ولعل من المؤكد بأن تلك التقليصات ستؤثر أيضا على الأمن الإقليمي، في وقت تواجه فيه المنطقة مخاطر وتهديدات متعددة، وتحديدا تلك المرتبطة بالمزيد من التطرف والإرهاب.
وأوضح المجلس الوطني الفلسطيني أن الهدف الأساسي من تلك الضغوطات الكبيرة، يتمثل في طمس الهوية الفلسطينية، وتزييف التاريخ والحقائق التي تربى عليها الجيل الفلسطيني وبات يعلمها جيداً، وأثرت حتى في سلوكه مع المحتل الإسرائيلي. وباتت هناك دعوات أمريكية وإسرائيلية صريحة لتعديل المنهاج الفلسطيني، لكونه نجح في إنشاء وتربية أجيال قادرة على الصمود والتحدي، ومواجهة الاحتلال والتمسك بالثوابت الوطنية. وتستند المناهج الفلسطينية طول فترات الدراسة من قبل وزارة التربية والتعليم على القوانين التربوية العالمية، وتستقي الأسس العامة للمنهاج جذورها من الفلسفة العامة للمجتمع العربي الفلسطيني، وتستمد مبادئها من تراثه، ودينه، وقيمه، وعاداته وتقاليده، وطموح الشعب الفلسطيني تجاه المستقبل.
وأكد المجلس الوطني الفلسطيني أن هذه الخطوات تخفي هدفا إسرائيليا أمريكيا يسعى إلى التخلص من أهم القضايا المجسدة والحاملة للقضية الفلسطينية وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين، وذلك من خلال عدة خطوات أبرزها تجميد المخصصات المالية المقدمة للوكالة بهدف تقليص وشل خدماتها، وتفكيكها وتفريغها من كل مدلولاتها السياسية؛ باعتبار أن بقاء وجودها يعني استمرار قضية اللاجئين والمخيمات الفلسطينية كشواهد على النكبة، وما يرتبط بهذه القضية من قرارات دولية كالقرار رقم 194 والذي يطالب بعودة اللاجئين. وسيتبع ذلك محاولة التخلص من المخيمات الفلسطينية وتفكيكها والعمل على إعادة توطين اللاجئين المقيمين فيها واستيعابهم محليا.
ورفض المجلس الوطني الفلسطيني في مذكرته الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية على الوكالة لإحداث تغيير في المناهج الدراسية،التي تُدرس في مدارسها، لجهة شطب كل ماله علاقة بحق العودة وقضية اللاجئين الفلسطينيين، وإسقاط هوية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، وإلغاء ما يخص النضال أو المقاومة ضد الاحتلال، أو تعبير الانتفاضة الفلسطينية، وإلغاء الأنشطة والفعاليات المتعلقة بمناسبات خاصة بالقضية الفلسطينية، وذلك لضمان استمرار الدعم الأميركي للأونروا، الذي سيتم حصره في إقليمي الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، بدون سورية ولبنان، من مناطق عملياتها الخمس.
وكانت الولايات المتحدة، طيلة أكثر من خمس وستين سنة، وبشكل مستمر، تشيد بخدمات الوكالة للاجئين الفلسطينيين، من حيث الجودة والشفافية والمساءلة.وفي مطلع العام 2017 مع وصول الرئيس الأمريكي ترامب إلى السلطة، طلبت إسرائيل من الإدارة الأمريكية قطع المساهمة المالية للأونروا التي تعتبر الأكبر بين الدول المانحة، وطلب نتنياهو شخصياً من السفيرة هيلي يوم 11/7/2017 بتفكيك “الأونروا” ونقل خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وفي 4/8/2017 شطب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الصهيوني داني دانون البند المتعلق بزيادة ميزانية “الأونروا” من جدول أعمال الجمعية العامة الذي يتحكم فيه وفق صلاحياته، وكان من المتوقع أن يحظى البند بالموافقة والاعتماد من غالبية الدول الأعضاء.