علمي طفلك الأخلاق من مواقف في حياة الرسول

an4bfa8a1447.jpg
حجم الخط

امتنَّ الله علينا بأن أرسل إلينا نبي الرحمة والرأفة، لذلك علينا أن نعلم أطفالنا من خلال معرفة مواقف من حياة نبينا الكريم.

قال الله تعالى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}؛ فإن استقبلتم مشقات التكليف من رسول الله؛ فاعلموا المكلِّفَ، واعلموا أن تكليفه يرفع عنكم مشقات أكبر وأخلد؛ لأن مشقات التكليف تنتهي بانتهاء الدنيا، ثم يحيا المؤمن بلا تكليف في جنة النعيم.

عندما سُئلت عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: “لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ”. فهذا الحديث ينفي عنه ﷺ قول الفحش والتفوُّه به طبعًا وفعلًا، وَلم يك لَعَّانًا وَلَا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ، بل كان يعفو ويصفح؛ حتى إِنَّ دَوْسًا لما عَصَتْ وَأَبَتْ، دعا لها قائلًا: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ».

كان النبي أحسن الناس خُلقًا وأكرمهم وأتقاهم، قالت عائشة -رضي الله عنها- لما سئلت عن خُلق النبي: “كان خلقه القرآن”؛ أي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، والتخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمَّه القرآن.

كان رسول الله ﷺ أرحم الناس، فقد روي أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، وجاء الحسن والحسين وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي ﷺ من على المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله ورسوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.

كان رسول الله ﷺ يحب الخير والرفق والتيسير على الناس، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما خيِّر رسول الله ﷺ بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم ﷺ لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم”.

كان رسول الله ﷺ يتحلى بالتواضع، وكان أبعد الناس عن الكِبر فلا يتعالى على أحد، وكان يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط، فعن أنس t قال: “كان النبي ﷺ إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم يُرَ مقدِّمًا ركبتيه بين يدي جليس له”.

من روائع أخلاق النبي ﷺ أنه كان يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه، حتى بعدما اشتد عليه الأذى من قومه، كان يدعو لهم بالهداية، روي أن رسول الله ﷺ جاءه ملك الجبال يقول له: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين! فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ: “بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا”. والأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان.

كَانَ ﷺ يَخْصِفُ النَّعْلَ وَيُرَقِّعُ الثَّوْبَ وَيَخْدِمُ فِي مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن، وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً لَا يَثْبُتُ بَصَرُهُ في وجه أحد، ويجيب دعوة العبد والحر، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب ويكافئ عليها.

كَانَ ﷺ أَسْخَى النَّاسِ لَا يَبِيتُ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيهِ وَفَجَأَهُ اللَّيْلُ لَمْ يَأْوِ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْهُ إِلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من أيسر ما يجد من التمر والشعير وَيَضَعُ سَائِرَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

كَانَ ﷺ إذا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا نِعْمَةً مَشْكُورَةً تَصِلُ بِهَا نِعْمَةَ الْجَنَّةِ»، وإذا فَرَغَ من الطعام قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَطْعَمْتَ فَأَشْبَعْتَ وَسَقَيْتَ فَأَرْوَيْتَ، لَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ».

كان رسول الله ﷺ يستشير أصحابه، وإن كان عن مشورتهم غنيًّا، وهو سيد الخلق وأرجح الناس عقلًا وأغزرهم علمًا وأحسنهم رأيًا؛ ولكنه كان يستشير أصحابه ولا ينفرد برأيه ليقتدي به المسلمون، ويعلمهم أن الاستبداد في الرأي منافٍ للإسلام، وهو من علامات الكبر، وليس في الاستشارة أي ضعف، بل إنها دليل على العقل وبُعد النظر والرغبة في الإصلاح.