عن وهب بن منبه قال :
" كان في زمن موسى عليه السلام شاب عاتٍ مسرف على نفسه ، فأخرجوه من بينهم لسوء فعله ، فحضرته الوفاة في خربة على باب البلد ....
فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : إن وليا من أوليائي حضره الموت ، فأحضِره وغسّله، وصلّ عليه ، وقُل لمن كثر عصيانه يحضر جنازته لأغفر لهم ، واحمله إليّ لأُكرم مثواه.
فنادى موسى في بني إسرائيل ، فكثر الناس ، فلما حضروه عرفوه ، فقالوا: يا نبي الله ، هذا هو الفاسق الذي أخرجناه ، فتعجب موسى من ذلك !
فأوحى الله إليه: صدقوا وهم شهدائي ، إلا أنه لما حضرته الوفاة في هذه الخربة ؛ نظر يُمنة ويُسرة ، فلم يرَ حميما ولا قريبا، ورأى نفسه غريبة وحيدة ذليلة ، فرفع بصره إليّ وقال: ( إلهي ، عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أنّ عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت: إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي ) !!
يا موسى، أفكان يَحسُن بي أن أردّه وهو غريب على هذه الصفة ، وقد توسل إليّ بي ، وتضرع بين يديّ .. وعزتي لو سألني في المذنبين من أهل الأرض جميعا لوهبتهم له ؛ لذلّ غربته.
يا موسى، أنا كهف الغريب ، وحبيبه ، وطبيبه ، وراحمُه "
من كتاب [التوابين] لابن قدامة