أكدت ورقة بحثية إسرائيلية أن تزايد أعداد الفلسطينيين في الأحياء العربية بالقدس المحتلة من شأنه فرض حقائق على الأرض تخدم الفلسطينيين، وتعارض السياسة الإسرائيلية الخاصة بالمدينة، لأن أعداد المقدسيين تضاعفت في السنوات الـ 15 الأخيرة ثلاث مرات، لا سيما القاطنين في الأحياء الموجودة خارج جدار الفصل العنصري، ومنها شعفاط وكفر عقب.
وقالت الورقة -التي أصدرها المعهد الأورشليمي للشؤون العامة-إن ذلك يعني أن "إسرائيل" تقترب بسرعة من الخط الخطر المتمثل في ارتفاع نسبة العرب إلى 50% من مجموع سكان القدس.
وكشفت الورقة عن سلسلة مخططات إسرائيلية مهتمة بمستقبل الأحياء العربية في المدينة، أولها "مخطط قدمه مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لإجراء تغييرات في الحدود البلدية للقدس لمواجهة الخط الأحمر السكاني المتمثل في إمكانية تزايد أعداد الفلسطينيين العرب من سكان المدينة، حيث تتسارع المعدلات الحالية بنسبة 60% يهودًا، و40% عربًا."
وأوضحت أن الطواقم العاملة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تجتهد لإيجاد خطط ذات أبعاد استراتيجية عاجلة لهذا التهديد.
وتذكر الدراسة أن كل حسم لمستقبل الميزان الديموغرافي في القدس قد يواجه عقبات سياسية وبيروقراطية وحزبية، وذلك رغم بقاء ثلاثة أعوام فقط لإدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب التي منحت "إسرائيل" ضوءً أخضر لفرض حقائق على الأرض في المدينة.
وأشارت إلى أن وزير شؤون الاستخبارات يسرائيل كاتس عرض خطة ثانية لمواجهة ما يعتبرها أزمة ديموغرافية تعاني منها القدس، حيث يتم ضم مستوطنات غلاف المدينة لحدودها، وبذلك تتم المحافظة على التواجد اليهودي في المدينة، لكن المعارضين الأساسيين لهذه الخطة هم اليهود الحريديم المتدينين الذين يخشون أن يفقدوا التفوق الانتخابي في المدينة.
أما عضو الكنيست عنات باركو -من "حزب الليكود"، فلها خطة ثالثة تقضي بنقل تدريجي لبعض الأحياء لسيطرة السلطة الفلسطينية، بحيث تضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد: تحقيق مكاسب سياسية أمام المجتمع الدولي، وتحسين الميزان الديموغرافي في القدس، وإعفاء "إسرائيل" من المسؤولية الإدارية والمعيشية عن الأحياء العربية المقدسية، لكن وجود الحكومة اليمينية الإسرائيلية الحالية ينفي قبول أي خطة منها.
وهناك خطة رابعة خاصة بوزير شؤون القدس زئيف ألكين، المسماة "الأحياء العربية المحاصرة" التابعة عمليًا "لحدود بلدية القدس"، لكنها عمليًا موجودة خارج حدود الجدار الفاصل منذ 15 عامًا.
وذكرت الورقة معطيات للكاتب الإسرائيلي المتخصص في شؤون القدس نير حسون، الذي أكد أن" الشرطة الإسرائيلية أوقفت منذ زمن الخدمات الأمنية والشرطية للأحياء العربية المقدسية، ولم تعد تدخلها، حتى في ظل عمليات القتل الجنائية".
وأضاف "ثم بدأت باقي السلطات الإدارية الإسرائيلية تتنصل من مسؤولياتها تجاه هذه الأحياء العربية، بما فيها البلدية، وشركات البنى التحتية، وأجهزة الإطفاء والإنقاذ، وسيارات الإسعاف، ومشرفو الأبنية، ومخططو الطرق العامة".
ووفق ورقة المعهد الإسرائيلي، بات واضحًا للجميع -بدءًا من رئيس الحكومة الإسرائيلية، ووزرائها، وقادة البلدية، وجميع سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالمدينة-أن "إسرائيل" هجرت أحياءهم، دون عودة، في ظل أن المعطى الديموغرافي الفلسطيني العربي في القدس يشكل عنصر قلق لها، لأنه منذ إقامة الجدار الفاصل عام 2003 تضاعف عدد السكان العرب في الأحياء الواقعة خارج الجدار ثلاث مرات، ووصل إلى 140 ألف نسمة، بما يشكل 14% من عموم سكان القدس.
وفي ظل التنامي غير المتوقف لهذه الأعداد، فإن معدل نمو فلسطينيي القدس المتواجدين داخل حدود الجدار يصل 71%، وهو معدل كبير جدًا.
واللافت أنه بينما تتزايد المعدلات السكانية العربية في المدينة، فإن نظيرتها اليهودية تتقلص، في ظل الهجرة السلبية المعاكسة لليهود من المدينة بمعدل أربعمئة ألف خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مما عمل على تراجع تدريجي للأغلبية اليهودية، وبات اليوم لا يزيد على 59% فقط.
لكن رئيس بلدية الاحتلال نير بركات يبدي معارضة لأي تنازل إسرائيلي عن أي من الأحياء العربية، رغم أن هذه الأحياء باتت -وفق الورقة البحثية-مع مرور الزمن تتحول لما يشبه "قنبلة زمنية من الناحية الديموغرافية".