حذر مدير معهد المياه والبيئة في جامعة الأزهر-غزة الدكتور خلدون أبو الحن، من أزمة المياه في قطاع غزة وتفاقمها بشكل كبير، حيث بدأت آثارها السلبية تظهر على الإنسان والنبات والحيوان بشكل أسرع مما كنا نتصور، وخصوصاً في مجال المياه الصالحة للشرب من الخزان الجوفي.
وأشار إلى أن المعهد من خلال الدراسات المائية التي يشرف عليها تبين له أن المياه الجوفية الصالحة للشرب انتهت في قطاع غزه بنسبة أعلى من 98%، وهذه النسبة متطابقة مع التقارير الرسمية الصادرة عن الجهات ذات الاختصاص، مثل سلطة المياه الفلسطينية، ومصلحة بلديات الساحل.
وأكد على السبب يرجع للكميات الهائلة التي تسحب من الخزان الجوفي من خلال الجهات الرسمية والتي ربما تصل إلى(180-200)مليون متر مكعب في السنة، وكذلك السحب الجائر وغير المنضبط من الآبار الزراعية والمنزلية التي يتم حفرها بشكل غير قانوني في كل مكان في قطاع غزه، والتي ازداد عددها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث يتم حفرها في المناطق السكنية والأبراج والعمارات السكنية والمزارع وفي محطات التحلية الخاصة، الأمر الذي أدى إلى ازدياد تركيز الأملاح في الخزان الجوفي، وتدهور الخواص الكيميائية للمياه الجوفية، وكذلك انخفاض منسوب المياه الجوفية، وتداخل مياه البحر على المياه الجوفية مع طول الشريط الساحلي.
وأوضح مدير معهد المياه والبيئة أن عوامل إضافية أدت إلى تفاقم مشكلة الخزان الجوفي من أهمها، مشاكل التلوث البيئي والتلوث بالمياه العادمة، وأحواض تجميع المياه العادمة، والإفراط في استخدام السماد الزراعي والمبيدات، أدى إلى تلوث جزء من المياه الجوفية، خصوصاً في منطقة مواصي خانيونس، ورفح، وفي منطقة بيت لاهيا، وهذا ما اثبتته الدراسات التي يشرف عليها معهد المياه والبيئة بالجامعة، والتي أكدت بأن المياه الجوفية في قطاع غزه أصبحت غير صالحة للشرب كلياً، وغير صالحة للري بشكل كبير أيضاً.
و ناشد أبو الحن جهات الاختصاص بالعمل الفوري والسريع لإيجاد الحلول العلمية المناسبة والتي تقود لتعافي الخزان الجوفي في القطاع، ومن من أهمها العمل بسرعة على وقف التدهور واستنزاف المياه الجوفية، من خلال الاعتماد أولاً: على محطات تحلية مياه البحر والتي تم بالفعل انشاء المراحل الأولى منها في منطقة شمال خانيونس، وتطوير محطة دير البلح، والانتهاء السريع من إنشاء محطة تحلية مياه البحر في شمال قطاع غزة، وتقليل الاعتماد على محطات التحلية الخاصة التي تعتمد على تحلية المياه الجوفية.
وطالب الدكتور أبو الحن بضرورة ترشيد الاستخدام وتوفير المياه الجوفية، من خلال سن القوانين والتشريعات وتطبيق القانون بخصوص فرض قيود مشدده على حفر آبار المياه الجوفية وإغلاق الآبار غير المرخصة، وإدارة توزيع المياه بشكل منظم، بالإضافة إلى السعي لتطوير نظام معالجة المياه العادمة التي تقدر بـ (105 ) مليون متر مكعب سنوياً، والاستفادة منها في ري المزروعات وخاصة الاشجار المثمرة والحدائق، وتخفيف الضغط على الخزان الجوفي، حيث يشكل الاستخدام الزراعي نفس كمية المياه المستخدمة للأغراض المنزلية، بالإضافة إلى تحسين نظام شبكات المياه، حيث يصل مستوى الفاقد في المياه ما نسبته 40% من كمية المياه المستخدمة للأغراض المنزلية، كما يمكن استخدام طرق على مستوىات مختلفة للاستفادة من حصاد مياه الأمطار، إما في إعادة حقنها في الخزان الجوفي أو في الاستخدام الزراعي.