الظروف الأنية في قطاع غزة من ممارسة الحصار على سكانه من جميع الأطراف والاعتداءات الصهيونية المتواصلة على أهلنا في قطاع غزة استثارت المشاعر في كل مكان. والحكومة القاطنة في غزة من ناحية ثانية، تمارس سياسة عدوانية متطرفة ضد الأرض والإنسان، ولا تعبأ بأي التزامات وواجبات ومسؤوليات
والسلطة الفلسطينية وقيادتها، من جهة ثالثة، تقف موقف الجلاد لقطاع غزة بعد أن وصل اتفاق المصالحة الفلسطينية “للمرة الألف” إلى طريق مسدود، وبعد أن تحولت السلطة عمليا إلى أداة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال أكثر مما تخدم المشروع الوطني الفلسطيني، فإن المبادرات الشعبية الشبابية الواسعة وفرت أجواء وحدة وطنية تتجاوز ترهلات اتفاقيات القيادة وأجواء الانقسام والحسابات الفصائلية، مما يوجد بيئة للحراك الشبابي الذي يسبق العاصفة
غير أن هذا الحراك يواجه مخاطر حقيقية لخنقه وإطفاء جذوته وحتى يستطيع الحراك الشبابي الاستمرار والانتشار ومن ثم الانتقال الى مرحلة ثورية حقيقية، فعليه أن يتعامل مع تحديين اثنين
الأول: مزيدا من الصبر والإصرار المترافق مع الفعاليات المستمرة للحراك الشبابي حتى يتجاوز هذا الحراك االتمحورفي حوض النعنع ويفرض نفسه ليصبح هو الحالة العامة في التعامل مع المؤمرة ضد قطاع غزة. وذلك يستدعي مزيدا من التعبئة وتحشيد الطاقات، وأن يتحول الحراك من الحالة العفوية إلى الحالة المنظمة التي تنخرط فيها كل فئات المجتمع الغزي وأن يكون له رؤية سياسية واضحة مرتبطة بدحر القيادة الفلسطينية التي انتهت صلاحيتها وبعثت بالقطاع الى الجحيم، وأن ترفض أي وعود اشبه ببالونات تصبيرية كاذبة مدعية تحسين الأوضاع الراسخة بالقطاع فمسار الوضع الحالي لا يستحق أن تبذل لأجله اختبارات الصبر وربما يحتاج الى نوع من التضحية
والثاني: أن ترفع الأجهزة الأمنية في غزة يدها وسطوتها عن الشباب المشاركين في الحراك الشبابي، وأن تكف عن ملاحقة الناشطين والمنظمين للحراك حتى لو كان ذلك في صدد انتقادهم
وباعتقادي ان الشباب في قطاع غزة لا يوجد لديهم شيء يبكون على خسارته فقد وصلوا لمرحلة لا يفرقون فيها بين الحياة والموت وبين النور والظلام وبين الفقر والغنا وبين عاطل وشاغر فقد ملوا من خطابات قيادتهم الفارغة التي تكون امام الكاميرات شيء وخلف الكواليس دهاليز ومؤامرات خفية دون ان نستثني أحد فبداية من الرئيس الفلسطيني الذي تكللت خطاباته في مجلس الأمن والمؤسسات الدولية أسلوب المفاوضات الغالب عليها نظام التنازلات والذي يتعامل مع أبناء غزة كأنهم أبناء زوجته من رجل أخر ويليه الحكومة الماكثة بغزة التي تتعامل مع الشعب بأنهم لقطاء الزمن بالرغم من معاناتهم وسوء أحوالهم إلا أنهم ما زالوا يتعاملون معهم وكأنهم مصدر دخل مفتوح ناهيك عن معاملتهم كرهائن يقبعون في سجن صغير ومفتاحه في جيب أبناء جلدتهم ، فتحول صراعنا الى صراع القروش تملأ الكروش وتعلوا العروش والشعب دور المنهوش فمن المؤكد ان هذه الأمور جميعها قد تبرهن ارتفاع صوت الجماهير ومواجهة كبح القيادة والخروج من مربع المؤامرات وأن يكون الشباب في زمام المبادرة وتوليهم لشؤون بلادهم والنهوض ببلادهم وتصحيح ما أفسدته قيادتهم ذو التربية القومية الناقصة المنسلخين عن الوطنية الذين أعطوا أولية لمصالحهم الشخصية والحزبية قبل مصلحة الوطن فأفعالهم ممزوجة بأفعال صهيونية قد خدموا إسرائيل أكثر من خدمة شمعون بيريز لها .
فيجب ان يكون هناك قيادة ترتقي باهتمامات الناس حيث يتجاوزون قضاياهم الشخصية والحزبية والذاتية، إلى قضايا وأمور واهتمامات أكبر متصلة بشؤون البلاد ونهضتها ومواجهتها للتحديات ومصيرها. كما يقدم نموذج التضحية والصمود الفلسطيني رافعة معنوية ونموذجا ملهما لكل من ينشد مواجهة الظلم ولكل من ينشد التغيير واستنهاض الشعب والطاقات في بلده
وأخيرا، فإن الموجة الشعبية الثورية الجديدة في غزة قادمة بإذن الله عاجلا أم آجلا، وقد تستطيع قوات حماس أو أجهزة السلطة تعطيلها أو تأخيرها لكنها لن تتمكن من إيقافها. وبالتالي فإن السؤال الأساس سيكون حول كيفية دعم هذا الحراك الشبابي وتقويته وترشيده وتحقيق أهدافه؟؟!