أجرت الأجهزة القانون الإسرائيلية، مؤخرا، عملية فحص قضائية استراتيجية كانت تهدف لفحص مدى تأثير التحقيق تحت طائلة التحذير مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في قضية الغواصات "الملف 3000" على الصفقة الأمنية الكبيرة مع ألمانيا.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن عملية الفحص هذه قد أجريت بسبب الموقف المتحفظ الذي أبدته ألمانيا في ظل شبهات الفساد حول الصفقة الضخمة مع شركة "تيسنكروب" الألمانية.
يذكر أن الحكومة الألمانية كانت قد صادقت، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على صفقة الغواصات مع إسرائيل، ولكنها أشارت إلى أنه في حال تبين أن الصفقة موبوءة بالفساد من قبل متخذي القرارات والمستوى السياسي، فإن بإمكانها الانسحاب من الصفقة.
وبالنتيجة، فقد كان لهذا الاتفاق أبعاد على عملية اتخاذ القرار في أجهزة إنفاذ القانون الإسرائيلية.
وبحسب مواد التحقيق التي تم جمعها حتى اليوم في إطار التحقيقات في القضية، والتي اعتقل فيها مسؤولون إسرائيليون كبار، فإن جهات في الشرطة كانت تعتقد، منذ مدة طويلة، أنه يجب إجراء تحقيق مع نتنياهو. وبحسب المصادقة التي حصل عليها المحققون، فإنهم يستطيعون البدء بأخذ إفادة نتنياهو، ولكنهم يستطيعون تحويل شهادته في أي مرحلة إلى تحقيق تحت طائلة التحذير.
وأضافت الصحيفة أن التردد في وسط أجهزة إنفاذ سلطة القانون، لم يكن بشأن إجراء تحقيق أو أخذ إفادة من رئيس الحكومة في القضية، وإنما بشأن توقيت الإجراء، حيث أنه خلافا لـ" الملف 1000" و"الملف 2000"، فإن التحقيق تحت التحذير مع نتنياهو في قضية الغواصات يتجاوز المسألة الجنائية والسياسية إلى الأمن القومي.
يذكر أنه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي قررت الحكومة الألمانية المصادقة على مذكرة تفاهم مع الحكومة الإسرائيلية بشأن شراء ثلاث غواصات أخرى من طراز دولفين. وكانت الحكومة الألمانية قد أدخلت بعض التعديلات على مذكرة التفاهمات تتيح لألمانيا الانسحاب من الصفقة، وذلك بموجب التطورات في التحقيق في قضية الغواصات.
ويأتي هذا الموقف الألماني بهدف تجنب، قدر الإمكان، الخروج عن القواعد الصارمة التي وضعت في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" لمكافحة الفساد.
ونقلت الصحيفة عن جهات مطلعة على التفاصيل قولها إن الحكومة الألمانية صادقت على الصفقة، وإنه جرت عملية منظمة شارك فيها بشكل مباشر المستشار القضائي للحكومة والمجلس للأمن القومي ووزارة الأمن. وكانت التحفظات التي أضيفت إلى الاتفاق تتضمن ألا يكون هناك أي طابع جنائي لسلوك متخذي القرار أو المسؤولين الكبار ذوي الصلة.
وجاء أن ألمانيا تحتفظ لنفسها بحق الانسحاب من الصفقة حتى لو انتهت التحقيقات بدون أي شيء أو بدون اكتشاف فساد جوهري. وبكلمات أخرى، فإن ألمانيا تحتفظ لنفسها بحق تأويل نتائج التحقيق والمحاكم التي ستجري بعد ذلك، لاتخاذ قرار بشأن الانسحاب من الصفقة أم لا، والتوقيت أيضا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل صورة الوضع هذه، أجريت في الشهور الأخيرة مباحثات استراتيجية بشأن أبعاد وتبعات التحقيقات تحت التحذير مع المسؤولين، مثل رئيس الحكومة، وقدرة إسرائيل على إنجاز صفقة الغواصات.
وشارك في هذه المباحثات كبار المسؤولين في وزارة القضاء والشرطة والأجهزة الأمنية، إضافة إلى جهات مرتبطة بالحكومة الألمانية. وكان الهدف التوصل إلى تفاهم بأنه في حال تبين أن هناك علامات تدل على الفساد بأن لا يؤدي ذلك إلى إلغاء الصفقة طالما تقوم "إسرائيل" بالخطوات المطلوبة لمكافحة الظواهر التي تتكشف، ما يعني أن "تنظيف عناصر الفساد لن يؤدي بالضرورة إلى إلغاء الصفقة".
وتبين أن النقاشات الجدية كانت بين أولئك الذين يخشون من أن يؤدي التحقيق إلى إلغاء الصفقة مع اسرائيل، مقابل أولئك الذين ادعوا أن عدم إجراء تحقيق مع نتنياهو من شانه أن يبقي شبهات الفساد على الصفقة، إضافة إلى ادعاءات بأن التحقيق في القضية على المستوى الجنائي يجب أن يكون بدون أي علاقة بتنفيذ صفقة الغواصات.
كما جاء أنه في الأيام الأخيرة، تقرر إجراء التحقيق، والعمل في الوقت نفسه على المستوى الدولي. ولهذه الغرض تم إجراء مشاورات مع خبراء في القانون لهم شهرة عالمية.