كشفت مصادر مطلّعة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أقال وزير خارجيته ريكس تيلرسون، بشكل مفاجىء الأسبوع الماضي، موضحةً أنه قام بتعيين مدير المخابرات المركزية، مايك بومبيو، المعروف بخطه الصقوري، بديلاً عنه.
وبيّنت أن هذا القرار جاء بسبب سلسلة طويلة من الخلافات على مدى الأشهر القليلة الماضية بين نهجين، الأول الذي يمثله ترامب ومدير المخابرات المركزية وعدد من صقور البيت الأبيض، فيما يتعلق بإيران وكوريا الشمالية وما يسمى بـ"صفقة القرن"، وهو نهج يؤمن بالقوة وضرورة فرض المواقف الأميركية عسكرياً، والنهج الآخر الذي مثله تيلرسون، ويعارض مواقف ترامب العسكرية فيما يتعلق بكوريا الشمالية وإيران، ويرى أن الحل الأمثل للخلافات القائمة هو حل دبلوماسي بعيداً عن التهديدات واستعراض القوة، كما عارض التدخل المتزايد لجاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي، في السياسة الخارجية وتحديداً في بلورة "صفقة القرن" بالتنسيق مع الصهيونية العالمية.
وأوضحت المصادر لـ"القدس"، أن هذا الصراع الذي حسمه ترامب لصالح صقور اليمين الإنجيلي المتطرف والأقرب إلى مواقف اليمين الإسرائيلي، سيكون له تداعيات على السلم العالمي، مشيرةً إلى أن تصعيداً خطيراً هو أقرب إلى الواقع قد يؤدي إلى اندلاع حروب خاصة في الشرق الأوسط - مع إيران - مما يهدد السلم العالمي، وهو ما يؤكد ما نشرته "القدس" قبل أيام من أن المنطقة مقبلة على تغييرات إقليمية واسعة وأحداث خطيرة.
وأضافت، أن الخلافات المتعلقة بـ"صفقة القرن" تتمحور حول الدور المركزي الذي لعبه كوشنير، بشأن هذه الصفقة، حيث أشارت نفس المصادر إلى أن التدخل الكبير لصهر ترامب في السياسة الخارجية الأميركية وقيامه ببلورة ما يسمى "صفقة القرن" مع دول خليجية، بالتنسيق مع الصهيونية العالمية، وبلورة السياسة الأميركية الخاصة بمصر وأوروبا والعالم العربي دفعت وزير الخارجية تيلرسون للاحتجاج لدى ترامب وإبلاغه إما أن يكون هو (تيلرسون)، وزير الخارجية الفعلي للولايات المتحدة، أو أن يحل كوشنير محله، ما دفع ترامب إلى إبعاد كوشنير وزوجته إيفانكا عن البيت الأبيض، إلا أن كوشنير واصل التدخل بالسياسة الخارجية ما زاد من احتجاج تيلرسون، ولتجنب وقوع أزمة في إدارته قرر ترامب مطالبة كوشنير بعدم التدخل بالسياسة الخارجية وإبعاده إلى نيويورك.
وبيّنت المصادر، أن وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، هو الذي نصح ترامب بتعيين تيلرسون بعد أن استشار الرئيس الأميركي وزير الخارجية الأسبق بعرض مرشح لمنصب وزير الخارجية، مشيرةً إلى عدة نقاط للخلاف بين تيلرسون وترامب، غير تلك المتعلقة بكيفية بلورة "صفقة القرن" من قبل كوشنير.
وقالت إن أبرز هذه النقاط هي:
أولاً: أن ترامب يعتبر الاتفاق النووي الإيراني هو أسوأ اتفاق تُبرمه أميركا ويجب تغييره، فيما اعتبر تيلرسون أن الاتفاق يضمن السلم في آسيا ويمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، ويأتي ذلك في وقت أشار فيه رئيس أركان الجيوش الأميركية إلى أن بديل الاتفاق مع إيران في حال قرر ترامب إلغاءه هو حرب شاملة مع إيران، وهو ما يعني حرباً تشمل آسيا والمتوسط والخليج.
ثانياً: أن تيلرسون يدعو لحل الأزمة الكورية الشمالية دبلوماسياً فقط باعتبار كوريا الشمالية دولة نووية، إلا أن ترامب يرى أن الأزمة لا يمكن معالجتها إلا بشكل عسكري، ويهاجم الرئيس الكوري الشمالي بشدة.
ثالثاً: أن الرئيس ترامب أعلن في بداية الأزمة القطرية وقوفه إلى جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر في فرض الحصار على قطر، بينما يرى تيلرسون أن هذه الأزمة تهدد الأمن الأميركي وأنه من الواجب رفع الحصار عن قطر، والتوصل إلى حل دبلوماسي بدعوة الأطراف إلى واشنطن أو قيامه بجولة خليجية لمحاولة حلها.
ولفتت المصادر إلى تصريح كان قد أدلى به تيلرسون لشبكة "فوكس نيوز"، قال فيه: إن "قيم أميركا هي الأهم لديه، بينما ترامب يرى أن برنامجه السياسي هو الأهم، ما أثار غضب ترامب الذي اتصل بتيلرسون ودار بينهما حديث، تناولته إحدى الصحف الأميركية هذا الحديث بالقول: إن "تيلرسون أغلق الهاتف في وجه ترامب ثم وصفه بأنه معتوه".
وتحدثت المصادر، عن استقبال تيلرسون في واشنطن لوفدين أحدهما يمثل شخصيات إسلامية احتجت على قرار ترامب، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وما سببه من توتر وغضب عربي- إسلامي، وكذلك استقباله وفداً من الإخوان المسلمين من مصر احتج على الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرة إلى أن تيلرسون رفض اعتبار جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً.
وأوضحت أن عزل تيلرسون وتعيين بومبيو المعروف بمواقفه المتطرفة إزاء إيران وكوريا الشمالية يعني فيما يعنيه، أن الإدارة الأميركية برئاسة ترامب وبتركيبتها الحالية وبعد عزل الأصوات المعتدلة فيها باتت تهدد السلم العالمي وتدفع باتجاه التصعيد.