فلسطين ... تقسيم المقسم.. والكل يعمل في خدمة.. الاحتلال!

التقاط.PNG
حجم الخط

 

التشقق ليس جديداً على الحياة السياسية الفلسطينية، بل انه قديم جداً، رافق نشأة التنظيمات الجهادية فيها، قبل الاجتياح الصهيوني للأرض المقدسة، بتواطؤ معلن مع الاستعمار البريطاني وأنظمة الرجعية العربية.

ولقد رافق التشقق والتفكك والانفصال التنظيمات السياسية الفلسطينية المتحدرة بمعظمها من الأحزاب والتيارات السياسية العربية والاسلامية التي كانت قائمة عشية النكبة (البعث، حركة القوميين العرب، الإخوان المسلمون، فضلاً عن الأحزاب “القطرية” في كل من مصر والعراق وسوريا الخ)..

وحين ظهرت حركة “فتح” المتحدرة من صلب الإخوان المسلمين رافقها المهتمون، أنظمة ومنظمات، بكثير من الريبة والحذر… لكن نجاح مقاتليها بقيادة ياسر عرفات في الانتصار على الجيش الاسرائيلي في “معركة الكرامة” – 1968 – فتح لهذه الحركة أبواب الزعامة العربية، على مصراعيها، ورأى فيها كثيرون رداً على هزيمة الأنظمة العربية في 5 حزيران 1967 – بقيادة جمال عبد الناصر، وبداية “عصر عربي جديد”.

لكن ذلك التقدير كان مبالغاً فيه كثيراً.. فزعامة جمال عبد الناصر أثبتت انها أقوى من الهزيمة، كما أن كل التنظيمات السياسية العربية ذات التجارب الفاشلة في الحكم، والتي تستبطن العداء لعبد الناصر، قد اندفعت إلى الانخراط في “فتح” بحيث صار تنظيمها “شموليا”: فيه أجنحة يسارية إلى جانب الأصل اليميني، وفيها من جذبه إغراء المال أو السلطة بل التسلط، لا سيما وان “فتح” قد تحولت، تدريجيا، إلى "نظام عربي" جديد. ومن ضمنها التحالفات مع الخصوم، والدخول في صفقات مع قوى سياسية معادية، او في محاور معادية للتوجه القومي والتقدمي.

ثم ضرب الطاعون اللبناني المقاومة الفلسطينية، فأفسد خيرة مقاتليها، إذ جذبتهم اغراءات “المجتمع المخملي”، وأبعدتهم عن ساحة النضال الأصلي، وتحول المقاومون إلى “سلطة” بل “تسلط” في بلد متعدد الطوائف والمذاهب مفتوح على الغرب والشرق بكل الاغراءات المحتملة..

وكان طبيعياً أن يرعى كل نظام عربي تنظيما فلسطينيا، فكانت الصاعقة، حزب البعث السوري، جبهة التحرير العربية وحزب البعث العراقي، ثم كانت “فتح الانتفاضة” ـ ليبيا ـ واشتات من التنظيمات المسلحة باسم التحرير، وكلها منفلتة من عقالها في شوارع بيروت.

بالمقابل كان تنظيم الإخوان المسلمين يعيد تجميع صفوفه وينشط في الأرض المحتلة، خصوصاً، ويستقطب الغاضبين أو من خابت آمالهم في “السلطة الوطنية” حتى إذا ما تم عقد اتفاق اوسلو وعادت قوات المنظمة بقيادة "فتح" ـ ياسر عرفات ـ إلى الداخل، تجددت الانقسامات.. ومع رحيل "القائد" الذي كان مؤهلاً على جمع التناقضات واللعب عليها، تبلور الانقسام بين "الاسلاميين" في "حماس" و"الاسلاميين" السابقين في "فتح" التي غدت الآن "السلطة"، وظهرت تنظيمات جديدة.. وتفجر الشارع بفدائيين جدد كان ابرز ظواهره دخول الصبايا والفتية إلى حومة النضال بكل الوسائل المتاحة: الحجارة، الدهس بالسيارات، المسدسات والرشاشات، متى توفرت، التصدي بالمواجهة المباشرة، كما أيقونة الجهاد عهد التميمي الخ..

ما بعد رحيل ياسر عرفات، الذي كان "الجامع الأعظم" بين الفصائل الفلسطينية، ازداد الشرخ بين "السلطة" بقيادة الرئيس محمود عباس، وبين "حماس" في غزة.. ودخلت "الدول" في هذا الصراع، فصار انفصالاً للقطاع عن السلطة في رام الله.

صار لفلسطين المحتلة والمقطعة "حكومتان": واحدة لفتح ومن معها في رام الله، وثانية لحماس (والجهاد الاسلامي، ضمنا) في غزة. ثم أخذت الفجوة بين السلطتين تتسع حتى انفجرت مع زيارة رئيس الحكومة في رام الله إلى غزة وحادث التفجير لدى وصول موكبه الى غزة الذي اعتبرته “السلطة” محاولة اغتيال، وهددت بالانتقام، ودخلت مصر وسيطاً، حتى لا يشغلها هذا الخلاف عن انتخاب المرشح الأوحد لرئاسة الجمهورية عبد الفتاح السيسي.

وفلسطين تذوب بين أيدي “زعاماتها”..

واسرائيل تتقدم لاحتلال ما تبقى من القدس..

وترامب يستعد للقدوم إلى الأرض المحتلة للمشاركة في احتفال اكتمال الاحتلال للأرض المقدسة..

والعرب غارقون في دمائهم من اليمن إلى ليبيا، مروراً بالعراق وسوريا..

من أين الطريق إلى فلسطين؟!