بقلم: اليكس فيشمان
3 تموز 2015
لم تمر ساعة منذ اللحظة التي فتح فيها رجال «داعش- فرع سيناء «الهجوم على الجيش المصري، حتى دخلت قيادة المنطقة الجنوبية في حالة تأهب. احساس بالحدث المتكرر. فالذكريات القاسية للهجوم الارهابي في آب 2012 لا تزال تكوي عميقا وعي القيادة.
الانباء التي تدفقت من ساحة المعارك أفادت بسيطرة رجال «داعش» على آليات ثقيلة تعود للجيش المصري، بما فيها دبابة واحدة على الاقل. وفي آب 2012 ايضا بدأ هذا بالارهابيين السلفيين الذين ذبحوا 16 شرطيا مصريا وسيطروا على شاحنة ومجنزرة عسكرية. وعندها اقتحموا الحدود وتسللوا بضعة كيلو مترات داخل الاراضي الاسرائيلية، وبمعجزة فقط صدوا قبل ان يتمكنوا من تنفيذ عملية تفجيرية في كرم سالم.
من فتح الهجوم، أول من أمس، هم السلفيون ذاتهم، معظمهم مصريون من سكان سيناء. في العام 2012 عملوا برعاية «الجهاد العالمي» تحت اسم «انصار بيت المقدس»، ولكن في السنة الاخيرة «غيروا الملكية» وباتوا يعملون برعاية «داعش»- فرع سيناء.
ليس المهاجمون هم المهاجمون ذاتهم فقط، بل توقيت الهجومين مشابه ايضا: قريبا من اليوم الـ 17 في شهر رمضان، والذي وقعت فيه معركة بدر، احدى المعارك الشهيرة في الاسلام. من ناحية المنظمات السلفية فان هذا موعد مفضل للهجوم على اعداء الاسلام. هكذا حيث إن الجيش المصري ما كان ينبغي أن يتفاجأ، ناهيك عن أن الهجوم وقع في موعد قريب من ذكرى السنوية الأولى لإسقاط نظام «الإخوان المسلمين» في الدولة.
ان انتقال السلفيين في سيناء الى العمل تحت علم «داعش» يجعل هذا التهديد الكامن، الواقع على حدود اسرائيل الجنوبية، اكثر دراماتيكية بكثير. فالفارق يمكن أن نراه في الأفلام التي ينشرها الارهابيون أنفسهم في الأشهر الأخيرة: فاذا كان ممكنا قبل نصف سنة رؤية لابسي الجلابيب يحملون الكلاشينات – شيء يذكر بعصابات البدو المسلحين – فانهم يظهرون اليوم ببزات رسمية، مع رتب، ستر واقية، وعتاد عسكري متقدم للغاية.
يدور الحديث اليوم عن منظمة عسكرية مدربة ومرتبة ومجهزة جيدا بالسلاح، هاجم رجالها، أول من أمس، بالتوازي عدة اهداف للجيش المصري، في مساحة طولها 25 كيلو مترا، بما في ذلك معسكر مركزي في الشيخ زويد. لقد كانت هذه عملية مخططة ومتزامنة، بنماذج رأيناها لدى «داعش» في العراق وفي سورية. وفي ساعات الظهيرة وزع التنظيم مناشير في العريش، ودعا السكان المدنيين الى الفرار لأنهم يوشكون على السيطرة على هذه المدينة أيضا. وبالفعل، فان المعركة على المحور بين الشيخ زويد والعريش لا تزال بعيدة عن الانتهاء.
في الموجة الاولى من الهجوم شارك 70 – 100 سلفي كانوا مجهزين، ضمن امور اخرى، بصواريخ متطورة مضادة للدبابات. وقبل أسبوعين فقط أطلقوا لأول مرة صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز كورنيت نحو دبابة مصرية، وأول من امس اطلقوا عشرات الصواريخ كهذه. وكشفت الصواريخ المضادة للدبابات احدى قنوات التنفس المركزية للسلفيين في سيناء – الذراع العسكرية لـ «حماس»: المسؤول عن تدريب الارهابيين في سيناء ليس سوى خبير مضادات الدبابات من «حماس غزة»، عبدالله قشدة.
هذه ليست العلاقة العسكرية الوحيدة بين «حماس» في غزة والسلفيين في سيناء: فقسم من مصادر التمويل للسلفيين يأتي من صندوق «حماس» الآخذ في الفراغ، رغم أن «حماس» تخفي ذلك كي لا تثير غضب سكان القطاع الجوعى، وكي لا تخلق مواجهة مع الايرانيين اعداء «داعش» الذين يبعثون لهم بالمال. تدفع «حماس» للسلفيين ليحافظوا على مخازن عتادها في سيناء وألا يعرقلوا التهريبات الى داخل غزة. وبالتوازي فانها تمنح العلاج الطبي لرجال «داعش» في مستشفى الشفاء والاهلي في غزة، وتنقل لهم أيضا معلومات عسكرية ودعماً لوجستياً. بشكل عام ترى «حماس» في تنظيم داعش في سيناء جهازا وديا، من خلاله وبمعونته يمكنها أن تعمل ضد إسرائيل من أراضي سيناء.
وهكذا فاننا متعلقون الآن بما سيفعله المصريون. لقد سمحت اسرائيل للمصريين، خلافا لاتفاقات السلام، ان يستخدموا في سيناء كل وسائل القتال الممكنة، من الطائرات القتالية وحتى الدبابات. ما طلبوه حصلوا عليه. غير أن الاستراتيجية التي انتهجوها حيال السلفيين في سيناء – عزلهم عن السكان المدنيين كي يلفظهم هؤلاء – فشلت. كما لم ينجح المصريون في عزل غزة وقطع الذراع العسكرية لـ «حماس» عن السلفيين. وكما يبدو هذا، فاذا لم تنجح مصر في تعطيل «داعش» ومصادر معيشته في سيناء ولم تنجح في قطع غزة بشكل تام عن سيناء، فان هذه المشكلة ستصل الينا، آجلاً أم عاجلاً.
تقرير: لهذا فشلت استخبارات إسرائيل مع حماس ونجحت مع حزب الله
29 سبتمبر 2024