شدّد رئيس مجلس النواب الأردنى، المهندس عاطف الطراونة، على متانة العلاقات المصرية الأردنية التاريخية والمتجذرة، مشيراً إلى أن الفضل بمتانة هذه العلاقات يعود إلى الشعبين المصرى والأردنى.
وبيّن الطراونة في حوار أجراه الزميل الصحفي أحمد جمعة لصحيفة اليوم السابع المصرية، أن العلاقات بين مؤسسات الدولتين العلاقات قوية ومتينة، مؤكداً على أن العلاقة بين البرلمانين المصرى والأردنى فى أحسن حالاتها.
وأشار إلى أن مصر تقود العالم العربى ولها ثقل سياسى كبير جدًا ولها حضور لافت فى جميع المحافل الدولية، مبيّناً أن مصلحة الأردن الوطنية ترتبط بالمصالحة الفلسطينية.
وأوضح الطراونة، أن مشروع مد أنبوب نفطي من العراق إلى مصر مروراً بالأراضي الأردنية قيد التنفيذ، وأن هنالك موافقات أولية من البرلمان العراقى وتقديرات لتكلفته وتحديد لمساره، مضيفاً "نحن متفائلون بتنفيذ هذا الأنبوب النفطى فى القريب العاجل".
وبشأن الدوري المصري في ملف المصالحة الفلسطينية، قال إن "مصر تقود العالم العربى ولها ثقل سياسى كبير جداً ولها حضور لافت فى جميع المحافل الدولية، وبذلت جهوداً كبيرة جداً على مدار السنوات الماضية، ومصلحة الأردن الوطنية ترتبط بالمصالحة الفلسطينية لأن أعداداً كبيرة من أبناء الشعب الفلسطينى متواجدون على أرض المملكة، وهناك لاجئون مر عليهم أكثر من 7 عقود يعيشون على الأراضى الأردنية، وهناك مواطنون فلسطينيون فى حالة عبور دائم من الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية أو العكس، والأردن سيكون مرحبا دوما بأى تدخل مصرى لحل الخلافات بين الفلسطينيين".
أما بالحديث عن نزع سلاح الفصائل فى غزة، والتنافس داخل السلطة على خلافة أبو مازن، قال: إن "الاختلافات بين الأشقاء يجب ألا تصل لضياع الهدف الرئيسى وهى مقاومة موجودة على أرض محتلة، ويجب أن تتوحد الصفوف الفلسطينية لأنه عندما نتحدث عن مقاومة لا يمكن أن تتحدث عن نزع سلاح ولكن يجب أن يكون هذا السلاح منظم وألا يختبئ خلف هذا السلاح أيا من الخارجين عن القانون، أو الإرهابيين، وبالتالى أنا من حيث المبدأ مع شرعية المقاومة حتى تعود الأرض إلى أصحابها وتعود السيادة إلى الفلسطينيين، لكن التنازع على موقع أو منصب سيضيع الفرص وسيعطى سلاح آخر للمحتل بأن هناك جهات غير مقتدرة أن تلتئم تحت راية واحدة، وبالتالى تصعب المفاوضات ونحن كدولة محبة للسلام نجنح للمفاوضات فوق الطاولة وليس إلى عملية حمل السلاح المباشر".
وبالحديث عن جماعة الإخوان المسلمين، لفت الطراونة، إلى أن "الإخوان فى الأردن لا يشكلون أى تهديد على أمن المملكة الأردنية، وهم جزء من النسيج الوطنى، ولهم ممثلون فى البرلمان الأردنى، وبالتالى قاموا بأداء القسم على دستور الأردن وهم ملزمون ببنوده، لكن هناك حرية رأى يستطيعون التعبير عن آرائهم من خلالها، والسيادة للقانون الأردنى، ولا نستطيع أن نصفهم بأنهم إرهابيون".
وتابع: "خلال سنوات الربيع العربى التى كانت ترتعش خلال أحداثه بعض الأنظمة العربية، كان الأردن متماسكاً وتولى الجيش الأردنى حماية الحدود الشرقية والشمالية له، وكما تعلمون فالحدود يتم حمايتها فى الوضع الطبيعى من قبل جيشين لكن خلال تلك الفترة الصعبة والعصيبة وحتى الآن يقوم الجيش الأردنى بمجهود كبير جدا لحماية حدوده، فالجيش الأردنى هو جيش مدرب ومؤهل ويحمل عقيدة وهو جيش عروبى قام بحل الكثير من مشكلات السوريين الذين تدفقوا على أراضى المملكة، والعالم كله يعلم أن الأردن استقبل مليونا و300 ألف لاجئ سورى ويحسب للأردن عدم إراقة أى نقطة دم على الحدود الأردنية".
وشدّد الطراونة، على أن الجيش الأردنى يقظ جداً وقادر على القيام بواجبه الأمنى والعسكرى والحفاظ على أمن الأردن بالداخل، وبالتالى أمن مصر من أمن الأردن وذلك أمر راسخ فى العقيدة الداخلية القائمة على ثوابت عروبية.
وكشف أن الحكومة الأردنية تُجري تنسيقات أمنية مع حكومة دمشق لضبط الحدود المشتركة، قائلاً: "فيما يخص منطقة خفض التصعيد على الحدود الشمالية للمملكة كان هناك للأردن دور كبير لإنجازها، فحماية حدودنا من أى مخاطر واجب فبلادنا لم تنزلق فى التدخل فى السياسة الداخلية لسوريا".
وأضاف الطراونة: "التنسيق الأمنى مستمر والأردن قادر على حماية حدوده وقام بذلك فعليا فى الفترات الأكثر صعوبة وضراوة، حتى الآن جنوب سوريا منطقة آمنة ولا توجد بها تجاوزات كما كان بالسابق، ومن مصلحة الأردن أن ينسق مع أى جهة تساعد فى تأمين حدوده".
أما فيما يخص إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، قال: إن "البرلمانى الأردنى يقوم بدوره العربى، فهو يمثل الدبلوماسية البرلمانية الأردنية خير تمثيل، وبالتالى لن يترك أى طريقة أو وسيلة لتجميع القدرات البرلمانية العربية سواء مع سوريا أو غيرها، نحن تربطنا بالسوريين علاقة جوار وصداقة وهناك قواسم مشتركة بين أهالى الشمال الأردنى والجنوب السورى لوجود أواصر المصاهرة والقرابة بين المواطنين القاطنين فى المنطقتين، ونأمل أن تعود المياه إلى مجاريها كما كانت فى السابق".
وعبر الطراونة، عن تأييده لعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، مؤكداً على ضرورة عدم إقصاء دولة نتيجة لخلاف سياسى طارئ أو خروج فى لحظة غضب عن بعض المسارات، ولأن الواقع العربي ليس بحاجة لتمزيق بل إلى الوحدة وتجميع الصف العربى.
وأكد على أن الشعب الأردنى قيادة وشعباً وبرلماناً عبر عن رفضه لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، "ونزل البرلمان الأردنى إلى الشارع وعبر عن وجهة نظره وحمل جميع الملفات المؤثرة التى بها تجاوزات، ورصد مركز الدارسات فى البرلمان الأردنى جميع الانتهاكات الإسرائيلية التى فاقت 190 تجاوزاً على الشرعية الدولية، وقام البرلمان الأردنى بتعرية الافتراءات التى تقوم بها دولة الاحتلال".
وتابع: "الأردن اتخذ موقفا مبكراً لأنه رأى أن الراعى الأمريكى الذى يرعى عملية السلام انحاز لطرف دون الآخر، القضية الفلسطينية بالنسبة لنا قضية وطنية، كما أن هناك وجودا لوصاية هاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى مدينة القدس وهى وصاية تاريخية دينية تعود إلى عشرينات القرن الماضى وليست طارئة ولن نتخلى عنها بأى حال من الأحوال".
وحول موقف الأردن من محاولة البعض المشاركة في الوصاية على المقدسات بالقدس، قال الطراونة: "إن ما يربطنا بالشعب الفلسطينى هو وحدة أرض ووحدة دم ووحدة عقيدة، ووحدة مصير، والوصاية الهاشمية تاريخية وعربية ولن يستطيع أى من كان أن يسلب الإرادة التى نفتخر بتحمل مسؤولياتها كعائلة هاشمية".
وشدّد على رفض الأردن للانتهاكات الإسرائيلية، مضيفاً "نحن من خلال الاتفاقية نراعى مصالح الفلسطينيين أولاً ودائماً، فالمملكة الأردنية تحتضن أعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطينى، وهنالك مصالح مشتركة للجانب الفلسطينى، وهناك الكثير من أبناء الفلسطينيين المتواجدين فى الأراضى المحتلة يدرسون فى الجامعات الأردنية، وبالتالى نحن لا نريد التضييق عليهم بشكل أكبر بالتزامن مع ضغوطات الاحتلال، ولذلك نحن مستمرون فى تعرية التجاوزات التى تقوم بها إسرائيل، نحن دولة محبة للسلام وموضوع بحث الاتفاقية يرتبط بمراعاة مصالح الشعب الأردنى، لكننا لن نترك أى موقف عربى أو دولى أو أوروبى إلا وسنعرى من خلاله التجاوزات الإسرائيلية، وفى تصورى هذا يخدم القضية الفلسطينية ويخدم مصالح الأردن أكثر من أى موضوع آخر يخص الاتفاقية".
وبشأن التحرك الأردني لاستعادة الأراضي المحتلة من إسرائيل في منطقة الأغوار، قال: "هناك بعض الملكيات التى تعود لأفراد إسرائيليين داخل أراضى أردنية لكن السيادة عليها هى أردنية مطلقة، وعندما وقعت اتفاقية السلام كانت الأرض موقعة لمدة 25 عاماً، ومن غير المستبعد أن تعود الأرض، لأنها عقود لا تخص السيادة بقدر ما تخص استعمال الأراضى فالسيادة أردنية مطلقة %100".
وبالحديث عن وضع الأردن شروط للسماح للسفير الإسرائيلى بالعودة إلى العاصمة عمان، أوضح أنه عندما اعتدى أحد دبلوماسيى السفارة الإسرائيلية فى عمان على مواطنين أردنيين اثنين، عبرت المملكة الأردنية عن موقفها بشكل سريع وانسجمت جميع المواقف سواء من البرلمان أو الحكومة برفض هذا الإجراء، قائلاً: "طالبنا بمحاكمة الإسرائيلى ولم يتم قبول عودة السفير الإسرائيلى إلا بعد قبول شروط الأردن وتعويض أسر المواطنين الأردنيين اللذين تعرضا للاعتداء".
أما عن خلاف دول الخليج، بيّن الطراونة، أن الأردن يدعم تقريب وجهات النظر العربية، معبراً عن أمله في أن تكون هذه الأزمة سحابة صيف وتزول قريباً، لأنه لا بد من تعظيم لغة الحوار والتوقف عن بناء المواقف والقرارات المتعجلة، كما أنه ليس من الحكمة والمنطق فى شىء أن تبقى هذه الحالة من التشرذم.
وعن تسليم الأردن لرموز نظام صدام حسين، قال إن "الأردن لا يوجد فيه أى قيادات عراقية، فهنالك رغد صدام حسين ابنة الرئيس السابق صدام حسين وهى مستجيرة ونحن عرب ونفهم قضية معانى ودلالات والتزامات الاستجارة، واستضافتها لا تخرق القانون الأردنى، فالمملكة الأردنية تحاكم أى مواطن أردنى أو أجنبى يتعرض لدول الجوار، وتتم مساءلته ويكون القانون الأردنى هو الفيصل فى هذا الأمر، والموضوع ليس تعنتا أو استفزازا لدول الجوار".
وحول انقطاع العلاقات الأردنية الإيرانية، رد الطراونة بالقول: "أبداً لم يكن هناك أى انقطاع مباشر، وقمت بزيارة إلى طهران مرتين والتقيت بالوفود الإيرانية فى جميع المحافل الدولية، لنكن واضحين، ملف استهداف العمق الاستراتيجى فى الخليج، لا محاباة فيه لأى شخص كان سواء إيران أو غيرها، لكن يحق للأردن أن يكون له علاقات مع إيران طالما لا توجد هناك خصومة، فالأشقاء فى الخليج العربى لهم تمثيل دبلوماسى فى طهران، وهم يقدرون مصلحة الدولة الأردنية، فنحن لسنا متمترسين ضد أى علاقات وسنتصدى لأى معتدى على عمقنا الاستراتيجى".
وفي الختام أكد على عمق العلاقات الأردنية الروسية ومتانتها، مضيفاً: "أما العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية فهى لا تنحصر فى الإدارة الأمريكية ولكن هناك علاقات مع البرلمان والبنتاجون وأعضاء مجلس الشيوخ، وهنالك تنسيق أمنى ومشاركتنا فى التحالف الدولى ضد داعش، وحقيقة هنالك الكثير من الإيجابيات أما فيما يخص القدس فقد كان قرار المملكة الأردنية واضحاً ورافضاً لقرار الإدارة الأمريكية أمام كل دول العالم".