يوم الإعلان عن جمعة الكوتشوك، اهتز قلبي خوفاً على أهالي غزة وماذا سيحل بهم وبدء عقلي يتكهن كم من شهيد سيكون ضحية جبروت عدو لا يرحم وعدد اصاباتٍ ربما يفوق المتوقع.
جاءت الجمعة وبدأ شلال شباب الغزة المقدامة بإشعال إطارات لا تعد ولا تحصى ورغم بشاعة رائحتها كما هو الاحتلال المتمادي باغتصابه وسلبه لكل شيء حتى الاحلام، انتابني إحساس روحاني يلح ويستغيث رب العباد للطف بهم، "يا الله فها هم مضوا لمصير مجهول، فكن معهم"، ما حدث كان أدنى من مستوى توقعاتي المتشائمة لمعرفتي ببطش المحتل وعلى الرغم من دموعي التي اغرورقت عيني على حراك سيارات الإسعاف بما فيها من مصابين أو شهداء لا أعلم، محاولتي اخفائها حرصاً على أن لا يلمحاها صغيري وهما يحاولان لفت نظري بحركاتهما الطفولية لهما كالعادة وأنا لا أبالي.
آخ انه خبر كالصاعقة فها هي صور الشهيد الصحفي ياسر مرتجى ابن الثلاثين عاماً، زميل المهنة والتخصص والذي لا تربطني فيه أي علاقة شخصية سابقة أو معرفة تنشر كالنار في الحشيم على المواقع فشعرت أنني اعرفه منذ سنين.
صراخ أصدقائه من حوله وهم يزفون نعشه، وقبولهم للفراق الحتمي، رجولتهم الملتحية التي تبكي بحرارة تكوي القلوب القاسية قبل القلوب الضعيفة، في تلك اللحظة عجزت عن التواصل مع من هم حولي، هربت مسرعة ولم يتبادر الى ذهني سوى الوصول لصفحته الشخصية لأتعرف على ظروف حياته وما كان يخط قلمه وترسم عدسات كاميراته من صور.
هنا بكيته أكثر وزاد حزني بما شاهدته من صور لفلسطيني سَمح الوجه يبتسم رغم شدة القهر والمعاناة من مهنة المتاعب التي يعيشها في مهنته، وفيديوهاته القصيرة مع ابنه عبد الرحمن الذي كان يصّر فيه على اضحاكه وكأنه يصارع الزمن لاكتساب لحظة سعادة باحتضانه قبل الوداع.
فاجعة سوداء كانت قاسية جداً علينا نحن الغرباء، فكيف أنتي يا زوجته غادة!!! عرفت اسمك من الصديقة الصحفية هاله شحادة والتي تابعت حسابها منذ استشهاد زوجها الصحفي خالد حمد من غزة أيضاً، والتي عوضها الله بطفلة أسمتها تولين، لم يحضر ولادتها الشهيد خالد، كما قصة غادة وياسر وعبد الرحمن!.
هالة، غادة، تولين، عبدالرحمن، قلبي معكم بكل تفصيل مضى وسيأتي!