جميل السلحوت " البيك ونص كيس رصاص "

التقاط.PNG
حجم الخط

حدّثنا أبي وأمّي _ رحمهما الله- أنّ أمّي أنجبت بكرها ابراهيم "في اليوم الذي استشهد فيه البيك" والبيك هو الشّهيد عبدالقادر الحسيني، وهذا لقب أطلقه عليه أبناء جيله القرويّون، ومعروف أنّ القرويّين كانوا يمثّلون العمود الفقريّ لحركة الجهاد المقدّس التي كان يقودها الشّهيد الحسيني. حيث التفّوا حوله ووثقوا به، ويبدو أنّ هذه الحركة كانت حركة شعبيّة يقودها الحسيني مع بعض معاونيه أمثال بهجت أبو غربيّة، احمد علي العيساوي، عبدالفتّاح الزّبن من المزرعة الشّرقيّة، فؤاد نصّار وغيرهم، ولم تكن هذه الحركة منظّمة بمقدار ما كانت تعتمد على المتطوّعين. كان الشّهيد الحسيني ورفاقة من الثّوار يحلّون ضيوفا في بيتي الشّيخ حسين ابراهيم شقير –مختار حامولة الشقيرات-، وفي بيت المرحوم حمدان حسن سرور الملقب بالبلهيدي وهو من وجهاء حامولة المشاهرة.

عندما أصيب فؤاد نصّار،-الذي أصبح لاحقا الأمين العامّ للحزب الشّيوعيّ الأردنيّ- بجراح في إحدى المعارك مع قوّات الانتداب البريطاني عام 1937 في جبال الخليل، جاء به رجال الجهاد المقدّس إلى مضارب حامولة "الشقيرات" في بيت الشّيخ حسين ابراهيم شقير، وأمضى عندهم يوما لم يعلموا خلاله أنّه كان جريحا، وفي الليلة التّالية نقله أبي إلى الأردن-بناء على طلبه- وبتكليف من الحسيني، ولم يعرفوا له اسما سوى "أبو خالد" وممّا كان يقوله والدي وآخرون عنه: "مسيحي طويل، وسيم، قليل الكلام"، وعند نقله قال لوالدي بأنّه لا يجيد السّباحة، وطلب أن يوضع في "مشمّع" مضادّ للمياه؛ كي لا يبتلّ جسده وهو يعبر نهر الأردنّ، ولم يعلم والدي أنّه كان جريحا إلا في الضّفة الشّرقيّة، عندما وجد ثلاثة أشخاص منهم طبيب في انتظاره، حيث قام الطّبيب بالكشف الفوريّ على جراحه. وقد أمضى والدي العام 1939 كاملا معتقلا إداريّا في سجن عكّا.

نصف كيس رصاص:

كما أنّ المرحوم والدي الذي كان معروفا باسم "حسين الشايب"هو من أرسله عبد القادر الحسيني قبل استشهاده بأيّام لجلب سلاح من الشّام، وعاد إليه بنصف" شوال رصاص"، عندها شعر الحسيني بخذلان العرب له، فكتب في 6 نيسان- ابريل- مذكرة لأمين الجامعة العربيّة جاء فيها:

" السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية -القاهرة

إني أحمّلكم المسؤولية بعد أن تركتم رجالي في أوج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح.

عبدالقادر الحسيني".

وبعد يومين أي في 8 نيسان -ابريل-1948 قاد الحسيني معركة القسطل، إلى الغرب من مدينة القدس، وارتقى سلّم المجد شهيدا فيها.

"من كتابي"أشواك البراري-طفولتي" الذي سيصدر قريبا عن مكتبة كل شيء الحفاوية.