يساهم التطور التكنولوجي بشكل كبير برفع مستوى الرفاهية والإبداع في الكثير من مناحي الحياة، لكن هذا التطور الإيجابي يوازيه تطور سلبي في ارتفاع مستوى الجرائم و الهجمات الإلكترونية.
ففي نوفمبر من عام ٢٠١٥ و مباشرة بعد هجمات باريس التي أعلن تنظيم داعش مسؤليته عنها قامت بريطانيا بمضاعفة استثمارها في مجال الأمن الإلكتروني في سبيل مواجهة تهديدات داعش بعد ورود معلومات من أن التنظيم كان يحاول مهاجمة مراكز حيوية كأنظمة التحكم في الطيران ومقار حكومية و مستشفيات.
التحذيرات من هجمات إلكترونية إرهابية قابلها هجمات إلكترونية بدافع الابتزاز المالي أو دفع فدية مالية، ففي يوليو من العام الماضي شهدت بريطانيا واحدة من أكبر الهجمات الإلكترونية “هجوم الفدية" و الذي كان مصدره روسيا حيث أفضى إلى شلل شبه تام في معظم المراكز الصحية و المستشفيات في البلاد، ما دفع الحكومة إلى التدخل من خلال المركز الوطني لأمن الإنترنت للتعاون مع القطاع الصحي من أجل حماية أمن سجلات المرضى و عودة الخدمة الصحية في البلاد.
وبعد أقل من عام على هجوم "الفدية" حذر المركز الوطني لأمن الإنترنت بأن الهجمات ضد شركات بريطانية باتت أكثر من أي وقت مضى.
و أضاف المركز أن مصدر هذه الهجمات بالأساس يأتي من عدد من الدول حول العالم، و لكن أكثرها يأتي من روسيا و كوريا الشمالية.
هجمات مليونية
والمركز الذي تأسس عام ٢٠١٦ و يتبع وكالة التجسس الإلكتروني البريطانية، يحارب أكثر من ٤.٥ مليون بريد إلكتروني شهريا يستهدف بريطانيين بهدف الابتزاز المالي أو الحصول على المعلومات الشخصية.
وسجل المركز في يونيو الماضي رقما قياسيا بالتعامل مع ٣٠ مليون بريد إلكتروني كانت تنتحل صفة هيئات حكومية للحصول على المعلومات البنكية للمواطنين.
ومع اطلاق تحذيرات بشن مزيد من الهجمات الالكترونية التي تستهدف قطاع الأعمال، طالبت الحكومة الشركات بأخذ التهديدات الإلكترونية على محمل الجد و رفع مستوى التعاون بينها و بين الجهات الحكومية المختصة من أجل محاربة المجرمين الإلكترونيين.
وجاءت التحذيرات خلال مؤتمر على مدى يومين نظمه المركز الوطني لأمن الإنترنت بمشاركة خبراء و شركات مختصة بالأمن الإلكتروني.
و من المتوقع أن تعلن وزيرة الداخلية البريطانية أمبر روود خلال المؤتمر عن قوانيين و إجراءات عقابية أشد ضد المجرمين الإلكترونيين.
وذكر المركز خلال تقريره السنوي الذي عرضه على هامش المؤتمر أنه ساهم في مكافحة الهجمات الإلكترونية التي استهدفت العملية الانتخابية عام ٢٠١٧ من خلال تقديم النصيحة و المساعدة للهيئات الحكومية المحلية و الأحزاب السياسية.
وفي يناير الماضي أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لإنشاء وحدة اتصالات أمنية وطنية تتبع مباشرة رئاسة الوزراء لمواجهة المعلومات المضللة أو ما بات يعرف بـ"الاخبار المزيفة" من قبل جهات حكومية دولية أو غيرها.
ومع ارتفاع مخاطر الجرائم الإلكترونية، قامت الحكومة بإضافة دروس في الأمن الإلكتروني لطلاب الثانوية العامة، في محاولة لإعداد خبراء يدافعون عن بريطانيا ضد الهجمات الإلكترونية في المستقبل.
وأصبح الأمن الإلكتروني من الصناعات سريعة النمو في البلاد ، و التي ارتفع عدد العمالة فيها للعام ٢٠١٧ إلى أكثر من ٥٨ ألف شخص وفق الإحصاءات الرسمية.