06 تموز 2015
اتسم الهجوم الارهابي في سيناء بالجسارة، وأثبت أن الارهاب من مدرسة «داعش» يعمل بلا حدود، ومكانه الآن تماما على الحدود الجنوبية لدولة اسرائيل.
يثبت الهجوم شديد القوة بأن لـ «داعش» في سيناء قوة ارهابية ذات مغزى تستدعي من دولة اسرائيل اجراء تقويم متجدد للوضع من أجل التصدي للتهديد المتشكل.
لقد كانت سيناء منذ الازل – بسبب موقعها الجغرافي وسكانها – اقليما مريحا لاعمال التهريب واسعة النطاق.
وعلى مدى السنين تطورت فيها شبكة تهريب دولية بمشاركة سكانها البدو والتي تم فيها نقل المخدرات، النساء، العمال الاجانب ووسائل القتال ايضا.
قاتلت اسرائيل بنجاح لا بأس به ضد تهريب وسائل القتال من ايران عبر السودان في طريقها الى سيناء – ومن هناك عبر الانفاق الى «حماس» و»الجهاد» في غزة.
وشكل «تجفيف» المصريين للانفاق الى القطاع ومكافحتهم الارهاب في سيناء مدخلا مريحا لـ «داعش»، بعد أن مس بشدة بمداخيل البدو المحليين. وهكذا تطورت، على حدودنا الجنوبية تماما، قوة ارهابية مهددة ذات مغزى.
ويستدعي التصدي لخلايا الارهاب في سيناء أولا وقبل كل شيء التعاون مع مصر، التعاون الذي ينبغي تطبيقه بالحذر اللازم.
ويقيد الملحق العسكري لاتفاق السلام القوة العسكرية المصرية التي يحق لها العمل في سيناء.
وهكذا نشأ فاصل عسكري يعطي اسرائيل مجال انذار مبكر استراتيجي. وعاد المصريون، في السنوات الأخيرة، ليطلبوا ادخال قوات اخرى الى سيناء للقضاء على الارهاب، وهم على ما يبدو سيعودون ليطلبوا ذلك من جديد. والدخول الزاحف للجيش المصري الى سيناء من شأنه أن يسقط الملحق العسكري لاتفاق السلام ويمس استراتيجيا بالفاصل العسكري الناشئ في سيناء بعد اتفاق السلام في العام 1979.
ان التعاون الاستخباري مع اسرائيل هو أداة اخرى ستسمح للقوات المصرية بالعمل ضد الارهاب.
فلاسرائيل منظومة استخبارية فائقة ستسمح للقوات المصرية بالتفوق في العمل ضد «داعش».
والصعوبة هنا هي في خطر كشف المصادر والخوف من المس بالاستخبارات الاسرائيلية.
فمن جهة اسرائيل معنية بالتعاون من اجل ضرب «داعش»، ومن جهة اخرى علينا الحذر وفحص مستوى المادة الاستخبارية المنقولة. معضلة ليست بسيطة على الاطلاق عندما يدور الحديث عن معلومات انذارية.
يخيل أن التهديد «الداعشي»، الذي قد يصل قريبا ايضا الى الحدود مع سورية في هضبة الجولان، يضع امام اسرائيل تحديا جديدا وملزما. ففضلا عن النشاط الاستخباري والسياسي مع شركاء محتملين، مطلوب ايضا تغيير في تقويم الوضع العسكري. فالجيش الاسرائيلي ملزم بالاستعداد للعمل ضد «داعش» داخل سيناء ايضا (يُفضل بأدوات سرية) من اجل الدفاع عن دولة اسرائيل.
من الواضح أن هذا حدث مركب، ويحتمل أن تكون له آثار واسعة. ومع ذلك يبدو أن لا مفر من اعداد ادوات عمل من هذا النوع تكون في ايدي اصحاب القرار في اسرائيل بينما تكون هذه في اوضاع الانذار المركبة التي يستدعيها لنا الواقع.
ان الواقع الجديد الذي توجد فيه قوات «داعش» على حدود دولة اسرائيل وتهدد سيادتها ومواطنيها جسديا، يستدعي تقويما متجددا للوضع واستخداما لقوتها العسكرية بشكل مختلف واكثر وعيا في مواجهة التهديد المتشكل.
عن «معاريف»
*قائد سلاح البحرية سابقا، لواء احتياط.