يسعى الكثير من طلاب السلطة والجاه الى الوصول لمبتغاهم اعتماداً على الكثير من المعطيات والمتغيرات التي يمكن ان تشكل جزءاً من التكوين السلطوي لهم، فلو تتبعنا طبيعة وكيفية وصول الكثير من اصحاب السلطة والنفوذ لمواقعهم نجدهم تجاوزوا خطوط المسموح به ليحققوا طموحهم في السلطة. وهو ما تؤكده العديد من لجان التحقيق والحقائق التي تظهر تباعاً بما يتعلق بكينونة وجودهم في السلطة، ورغم كل التجاوزات التي قد يكونوا مارسوها الا انهم يصرون على الانطلاء بعباءة العفة والشرف والوطنية ، ويمارسوا سلطتهم المطلقة دون تقبل ادنى نقد من اي مواطن ، وان تم ذلك تجد ممارسة استغلال النفوذ والغلبة ، تجد صاحب السلطة دخل في مربع اللاتوازن ليقوم باي عمل من شأنه المحافظة على كينونته السلطوية، فمنهم من يوغل اكثر واكثر في بطش الاخرين في محاولة لتقزيمهم وثنيهم عن معارضته، ومنهم من يحاول سحب المعارضين الى مربعه مربع الفساد، ليصار الى توريطهم وجعلهم ينكسرون اخلاقياً ووطنياً ووظيفياً واجتماعياً وهو ما يدعم اطالة فترة سلطته.
اما اذا تعذر عليه ممارسة ما ورد فيكون امامه طريقين يمكنه سلوك احدهما، وهما الذهاب نحو الاقتراع او الضياع.
فالذهاب نحو الاقتراع هو تعبير حضاري يمكن ان يكون ناتج اما عن قناعة صاحب السلطة بضرورة تقبل الراي الاخر وضرورة تعزيز الروح الديمقراطية في الحكم ، والايمان بمبدأ المشاركة على كافة المستويات التي تعزز مبدأ الكفاءة والبذل الوطني، وان الذهاب الى صندوق الاقتراع والانتخابات هي المنجى والاكثر جدوى من اي طريق آخر، وهي التي تعطي مساحة لتبادل الادوار في ادارة العمل السلطوي .
اما الطريق الاخرى فهي الذهاب نحو الضياع وهو التعبير عن حالة العجز عن ممارسة الاقتراع ، وسبل تحقيق هذا الجانب متعددة ، فاذا تحققت لدى صاحب السلطة شعور بعدم قدرته على المحافظة على سلطته ونفوذه وبدأ يفقد توازنه تجده يدخل في حالة اللاتوازن ويتخبط في قراراته ويترنح حتى يصيب بناره كل من حوله ،وقد يحرق الاخضر واليابس ليحافظ ولو على جزء من سلطته التي سيفقدها امام المعارضة ، وهو ما يحقق الخلل في كل موازين العمل سواء بما يتعلق بأصحاب السلطة او بالمحكومين، وعند فقدان الشعور بالسيطرة وتحقيق ما يريد، من الممكن ان يصل الى مرحلة التدمير الذاتي تحت تعزيز منطق عليا وعلى اعدائي.
فاذا تحقق الاقتراع فلا يمكن ان يتحقق الضياع.