08 تموز 2015
مر عقد تقريبا على الاقتلاع التراجيدي لعشرة آلاف اسرائيلي من مستوطنات غوش قطيف، من مستوطنات شمالي قطاع غزة، ومن مستوطنات شمالي «السامرة» – خطوة اضطر الجيش الاسرائيلي في أعقابها الى القيام بثلاث عمليات كبيرة في القطاع. الآن بعد مرور سنة على العملية الثالثة – الجرف الصامد – يبدو أن الوقت حان لإعادة النظر في السياسة التي تسببت بالاخلال بحقوق المواطن لآلاف الاسرائيليين، وكشفت معظم الاراضي الاسرائيلية أمام الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة، وأدت الى موت الكثيرين في إسرائيل وفي قطاع غزة.
ارئيل شارون، الذي كان قراره اخلاء المستوطنين من منازلهم المحرك لسلسلة أحداث، زعم حينها أن هذه الخطوة «ستحسن أمن اسرائيل». وقد نجح في تجنيد أغلبية في الكنيست، وشمل ذلك اعضاء من «الليكود»، للمصادقة على خطة الانفصال. ومحكمة العدل العليا تعاونت وصادقت على الاخلال بحقوق المواطن غير المسبوقة.
غير أن هذا الاجراء المتطرف الذي كان يفترض أن يحسن أمن اسرائيل، أدى الى تدهور أمنها. ولم يمر يومان على استكمال الانفصال حتى أطلقت الصواريخ من قطاع غزة باتجاه اسرائيل. وتلقى المواطنون الانذار الأولي الذي أعطى اشارة حول ما ينتظرنا في السنوات القادمة.
وريثا شارون، اهود اولمرت وتسيبي لفني، اللذان أيدا خطته بحماسة، أُجبرا على مواجهة نتائج خطئه. بعد الانفصال بثلاث سنوات اضطرت حكومة اولمرت الى الرد على هجوم الصواريخ المستمر بواسطة عملية «الرصاص المصبوب». خلال العملية التي استمرت 23 يوماً تم اطلاق أكثر من 750 صاروخا وقذيفة صاروخية من غزة على اسرائيل. وقد سقط بعضها في بئر السبع، أسدود، والخضيرة. وقتل في هذه العملية أكثر من ألف فلسطيني و13 اسرائيليا. وفي نهاية العملية انسحبت قوات الجيش الاسرائيلي، وأعلنت اسرائيل عن وقف أحادي الجانب لاطلاق النار.
اعتقد اولمرت أن اظهار قوة اسرائيل العسكرية يكفي لردع «حماس» ومنعها من استئناف القصف، وقد أخطأ. فبعد أقل من أربع سنوات، في كانون الثاني 2012، جاء دور بنيامين نتنياهو لمواجهة الهجوم من غزة. في عملية «عمود السحاب» التي استمرت ثمانية ايام وأطلق فيها 1500 صاروخ باتجاه اسرائيل، وبعضها وصل الى تل ابيب والقدس. وقد قتل أكثر من 100 فلسطيني و6 اسرائيليين، والاستراتيجية الاسرائيلية بقيت على حالها: نُسقط عليهم وجبة من النار من السماء، وسيفهمون أنه يجب وقف إطلاق الصواريخ.
هذا لم ينجح، و»المخربون» استمروا في اطلاق الصواريخ. وقد بادرت حكومة نتنياهو قبل سنة الى العملية الثالثة، «الجرف الصامد»، التي كانت موجهة ضد «حماس» و»الجهاد الاسلامي». استمرت العملية 51 يوماً، وشاركت فيها قوات برية كثيرة بما فيها 500 دبابة وطائرات سلاح الجو وسفن سلاح البحرية، أكثر من 4500 صاروخ تم اطلاقها على اسرائيل، ومطار بن غوريون أغلق ليوم واحد، وملايين المواطنين في اسرائيل بحثوا عن مكان للاختباء من الصواريخ. 72 اسرائيليا وأكثر من 2000 فلسطيني فقدوا حياتهم. ومع انتهاء العملية أعلن نتنياهو انتصاره. وقد كان مقتنعاً أنه في هذه المرة قد تعلم الفلسطينيون في غزة درسا قاسيا، وأن اسرائيل أعادت قدرة الردع. الآن بعد مرور سنة ليس واضحا اذا كان هذا الهدف قد تحقق.
حان الوقت لاعادة النظر في النظرية التي تقول إنه يمكن ردع «الارهابيين»، وإنه ليس هناك سبب يلزم بدخول الجيش الاسرائيلي الى غزة وأن يفكك التنظيمات «الارهابية» وينزع سلاحها. هذه النظرية فشلت ثلاث مرات. يجب أن يكون واضحاً للجميع أن ردع «المخربين» هو حلم يقظة. الطريق الوحيدة لوقف «الارهاب» هي القضاء على قدرة «المخربين» على تنفيذ العمليات «الارهابية». يُفضل الدخول الى غزة، من اجل تحقيق هذا الهدف واعفاء السكان الاسرائيليين من تهديد الصواريخ.
عن «هآرتس»