المرأة والمجلس الوطني ضرورات الخروج من النهج

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

الأرقام أصدق أنباء من الوعود والخُطًب المُجَوَّفة.
لم تتجاوز عضوية النساء في المجلس الوطني الفلسطيني نسبة 9%، حتى بعد الإضافات الرمزية في إطار إستبدال المتوفين، أو إضافات أخرى تحت عنوان الكفاءات. حشدت القيادات السياسية المقررة نفسها، في محفل تطغى عليه النكهة الذكورية، لإضافة سبع عضوات من أصل مئة وثلاثة أعضاء تمَّ إضافتهم. بينما النساء نائمات على حرير النصوص الجميلة.
الأمور أصبحت أكثر وضوحا، لم يصادق المجلس الوطني على توصية المجلس المركزي في دورتيه المنعقدتين عام 2015 و 2017، القاضية بتخصيص 30% من عضوية المجلس في جميع بنى الدولة الفلسطينية، وفي المخرجات التنظيمية لعضوية اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي حصدنا الفتات، لم تتعاطى هيئة الرئاسة مع مذكرة تم توقيعها من أكثر من ثلثي أعضاء المجلس؛ تطالب تنفيذ قرارات المجلس المركزي حول تمثيل النساء. لم تطرحها للتصويت رغماً عن تمثيلها إرادة المجلس. انهم لا يأخذوننا على محمل الجدّ.لا عزاء في السيدات.
بعد اجتماع المجلس الوطني، وهو آخر اجتماع يتشكل بها المجلس عن طريق التعيين، استعادة الأصوات إلى خزانها، فتح الخيارات البديلة لأساليب المشاركة، تصبح النساء أكثر قدرة على التفاوض والضغط، بمعنى الخروج من الأطر الحالية للمقارعة، واجتراح مقاربة جديدة للعلاقة مع الفصائل والأحزاب السياسية، تقوم على مواجهتهم بوضع اشتباكي أفضل، اتخاذ وضعية القتال دفاعاً عن الحقوق الديمقراطية المخطوفة.
المطلوب من النساء عدم السكوت وطرح البدائل الأخرى بشجاعة واستقلالية، خطوط داكنة تحت الشجاعة والاستقلالية، العضوية الحزبية لا تعني الالتزام في جميع الأحوال والتقلُّبات، الالتزام والأفضلية للقضايا أولا؛ ومن ثم الالتزام الحزبي بعد الاطلاع والنقاش. المركزية الديمقراطية العمياء مرفوضة حين تستخدم لتمرير الظلم والاقصاء. مطلوب من النساء أن لا يرهنوا على الاتفاقيات والوعود والقرارات، جميعها فقد قداسته ونظاميته في ضوء التغول والتعمية والتغييب.
مطلوب فتح العينين جيداً وخصوصاً، الثقافة السائدة المتعششة بين النخب والطبقة السياسية التي تتموضع في الطوابق العليا المقررة، المتذرعة بالثقافة المجتمعية السائدة، أكثر خطورة. فالأولى ترتبط بالمصالح الذكورية والمتعاظمة بلا نهاية لم تعد خافية على الإطلاق، لم يعد الخطاب المِنْبري يخفيها، خطاب رثّ مهترئ يكشف ما خلفه.
بات الوضع لا يحتمل الاستمرار في النهج، استمرار الاستجداء والاتكاء على المرجعيات، استمرار تصديق الوعود، القبول بالفتات والرضى بالتأجيل والتسويف، استمرار الصمت والتردد إزاء خلق حالة اشتباك ومواجهة كل من يضع العصيّ في عجلة مشاركة المرأة بوضوح، دون مهادنة. مغادرة جماعية لحالة الخوف النسائية من عقوبات الاحزاب، مطلوب علاقة نِدّية تقوم على الاحترام والمبادئ.
الاستمرار في الرضى والقبول بالمطروح ينقل الذنب مِنْ بائعي الكلام، إلى مشتريه، إلى نحن. أصبح التغاضي يحمل بعض الاهانة لعقولنا. هل نبتلع ألسنتنا، عجباً؟!
مطلوب منا تغيير قواعد اللعبة في الحزب وإرسائها على قاعدة التبادلية، فالحزبية تنقل برنامج الحزب إلى المجتمع، وعلى قيادة الحزب نقل برنامج المرأة الاجتماعي والحقوقي إلى المؤسسات الوطنية، وأن تلتزم بتوفير الآليات لمشاركة المرأة في قيادة الحزب على قاعدة المساواة التامة، والأهم تجهيز البيئة الحزبية، نشر الوعي الديمقراطي والحقوقي لدى القاعدة الحزبية المتماهية مع الفكر التقليدي المميز ضد المرأة.
لنتأمل جيداً، الأطر النسائية الجماهيرية لا تضع المسافة الآمنة بينها وبين أحزابها، المسافة النقدية مما ترى من ممارسات أحزابها اتجاه مشاركتها وحقوقها، تفضيل الأعضاء الذكور عليهم في المساحات التمثيلية والاعلامية، في تشكيلات القيادة والوفود. بمعنى فقد الاطر الاستقلالية الفكرية بناء على برنامجها الاجتماعي. وهذا ينطبق على المنظمات الشعبية والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية.
الأطر النسوية الممثلة في الاتحاد ليست متحررة فكرياً، ليست متحررة من التبعية، لا تملك المسافة النقدية إزاء مواقف وممارسات حزبها التمييزية، وعليه لا يتمكن الاتحاد من التوحد ليلعب دوره بقوة وممارسة الضغط بإرادة لا تلين، لمنع تمرير المواقف الاقصائية أو تحويله إلى دمية ديكورية.
علينا التمرد على مدّ فكرة الالتزام السياسي على الاجتماعي، علينا التوحد ضد الاستقطاب الحزبي التبسيطي والردّ عليه إن تعارض مع فكرة الحرية والمساواة. مطلوب التمرد بشكل جماعي ورفض الانقياد ضد أنفسنا باسم الالتزام الحزبي. هذا لا يَثْلم الانتماء الحزبي والانحياز السياسي، رفض منهجية رائجة تتعامل مع التبعية ووضع البصمة على أنهما وفاء، وتعتبر التباين والنقد على أنه خروج عن الالتزام!
علينا النساء، وقف من يهين ذكاءنا ورفض التشكيك بالأهلية والكفاءة النسوية، التي تتطلب الخلاص منها بعض الجرأة الأدبية والفكرية، تسمية الأسماء باسمها، والصدق مع الذات، فقط لا غير. طرح بقوة فشل ذكوري فادح في إدارة عديد الملفات، ومن ثم بقاء نقص الكفاءة وصفٌ خاص ولصيق بالنساء، أيُّ تعمية نمارس لتأبيد المصطلح والمواصفات!
توسيع المشاركة يخيف لأن كلمة الحرية تخيف، ليس لأن المرأة شريرة ومتمردة على نظم الولاية الأبوي، بل لأنهم ذاتيون استخداميون، ينكرون الحاجة للتغيير واستحقاقات الواقع.
للمقال بقية