كلام للسيد الرئيس!

التقاط.PNG
حجم الخط

 كفلسطيني منخرط في العمل السياسي و الوطني والتنظيمي منذ اربعة عقود، اقف عاجزاً عن فهم سلوك الرئيس عباس في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي، سيما ما يتعلق بقطاع غزة من تجويع لاطفالها بغض النظر عن الدوافع التي تقف خلف هذه السياسة، حيث النتيجة واحدة وهي ان هناك موظفين محرومين من حقوقهم و هناك اطفال يتضرعون جوعا و ان هناك مآسي انسانية ناتجة عن هذه السياسة تضاف و تنسجم مع الحصار الاسرائيلي الظالم لقطاع غزة منذ سنوات.

لم اكن اصدق و انا استمع لكلمات الرئيس امام المجلس الوطني وهو يتحدث عن تأخير الرواتب على انها كانت ناتجة عن خلل فني، وان غدا سيتم صرف الرواتب كاملة، ولم تصدق اذني و انا استمع لتبريره بأنها لم تكن المرة الاولى التي تتأخر السلطة و المنظمة عن توفير الرواتب، دون ان ينتبه ان الرواتب لم تصرف فقط لموظفي غزة و باقي موظفي الوطن قد حصلوا عليها في موعدها، اما الماضي الذي تحدث عنه في سياق التبرير فكان تأخير الراتب على الجميع دون تمييز.

الصدمه كانت بالنسبة لي و للغالبية العظمى من ابناء الشعب الفسطيني المكلوم في غزة ان كلام الرئيس في الليل قد تبخر في الصباح بعد ان اتضح لهم ان الراتب لن يصرف .

ليس هناك تفسير واحد لماذا قال الرئيس ما قاله بالبث الحي و المباشر بشكل غير قابل للتفسيرات و التأويلات و لم ينفذ كلامه سوى انه كان بحاجة الى الى تمرير اعضاء اللجنة التنفيذية بالتزكية و دون انتخابات، اي ان موظفي غزة و عذاباتهم و جوع اطفالهم تم استغلاله لتمرير اعضاء لجنة تنفيذية دون ان ينتخبهم احد ، تماما كما تم تفصيل اعضاء المجلس الوطني على المقاس بعد ان تم استبعاد ما يجب استبعاده و ما تبع ذلك من تشكيل مجلس مركزي ايضا على مقاس السيد الرئيس ، وليس مهم اذا كان من بين الاعضاء الجدد اشخاص لم يسمع بهم الشعب الفلسطيني من قبل و على الارجح لم يسمع منهم في المستقبل الا اذا تم احضارهم للتصويت و التصفيق.

لكني وفي سياق محاولة فهم هذا السلوك الغريب للرئيس عباس في كل ما يتعلق بحديثه عن رواتب موظفي غزة و اسباب تراجعه عن هذا القرار او عدم تنفيذ هذا القرار حتى الان هو ما يتعلق بالهجمة الاسرائيلية و الامريكية عليه بعد الجملة التي قالها عن المحرقة النازية، قبل ان يقدم اعتذار رسمي و علني عن ذلك .

قد يكون الرئيس عباس قد شعر بخطورة الهجمة و انها قد تتطور الى حصاره في المقاطعه و بالتالي في لحظة ما كان بحاجة الى تبريد جبهة غزة من خلال الحديث بلهجة تصالحية انسانية رافضة للعقوبات و الاجراءات، لكن بعد الاعتذار و توقف الهجمة عليه عاد الوضع الى ما كان عليه .

الرئيس عباس محظوظ ، فهو يجد دائما ما يبرر له قراراته و يجد من يتبرع بالدفاع عنها . محظوظ لانه دائما يجد من هو مستعد ان يتحمل ما يقع عليه من ظلم من اجل ان يشيل الحمل عن الرئيس.

هكذا تجد القيادات التي تريد ان تعفي نفسها من المسؤولية عما يرتكب من جرائم بحق غزة وابناءها، قيادات محسوبة ظلما بانها قيادات و محسوبة ظلما انها تدافع عن غزة و اهلها و هي في الحقيقة شريكة في تمرير هذه الاجراءات الظالمة، تجدهم يحملون الحكومة المسؤولية بعدم دفع الرواتب و تارة يحملون وزارة المالية في تأخير هذه الراوتب.

على الرغم ان الطفل الرضيع في الشعب الفلسطيني يدرك ان الحكومة ووزارة المالية تعمل وفق تعليمات و تنفذ تعليمات من السيد الرئيس ، ولكنهم يقبلون الظلم و يتحملون الاهانات حفاظا على مناصبهم و امتيازاتهم.

الطفل الرضيع في الشعب الفلسطيني يدرك ان لا مجلس وطني و لا مجلس مركزي و لا لجنة تنفيذية و لا لجنة مركزية لهم علاقة بما يتخذ من جراءات بحق غزة او اي شأن آخر.

هناك فقط شخص واحد في الشعب الفلسطيني هو المسؤول عن كل شيء و هو صاحب القرار ، وهو الرئيس محمود عباس. كل ما تبقى من اسماء و مسميات و مناصب و مواقع مهمتها التنفيذ او التصفيق او التبرير او تحمل الذل و المهانه .

لذلك اريد ان اتوجه مباشرة للرئيس عباس بدون لف و لا دوران ، لاحكومة و لا وزارة مالية. اقول لك سيادة الرئيس ان ما يمارس بحق قطاع غزة هو جريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى . قد يكون هدفك فعلا تركيع حماس و اجبارها على الاستجابه لشروطك.

لكن مهم ان اقول لك بكل صراحة ووضوح ان هذه الاجراءات قد تدفع بانفصال غزة و بالتالي هي تخدم مشروع ترامب و لا تحاربه، وان هذه الاجراءات تسبب في تجويع اطفال و تدمر حياة عائلات فلسطينية كاملة. و الاكثر من ذلك سيادة الرئيس ان اجراءاتك هذه قد تسببت في ان تبيع بعض النساء اجسادهن لكي يطعمن اطفالهن.

هذا كله في رقبتك انت و ليس في رقبة اي مسؤول آخر بصفتك اولا رئيس السلطة و ثانيا بصفتك صاحب القرار عن كل هذه الاجراءات.