أطلقت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ومركز بيت المقدس للأدب وبالتعاون مع مكتبة بلدية البيرة، رواية "وهكذا أصبح جاسوسا" للأديب والكاتب المحرر وليد الهودلي، بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بأدب السجون.
وحضر حفل التوقيع والإعلان عن الرواية، الذي تم في قاعة بلدية البيرة، كل من رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، والدكتور نصر الله الشاعر والدكتور أحمد رفيق عوض، والأسير المحرر سالم بادي، والأستاذ صابر زيادة، وصاحب الراوية وليد الهودلي.
وترصد الرواية الممتدة على مساحة عشرين تجربة اعتقالية تجارب المعتقلين في الميدان وتحت الحراب والضغط والخبرة الفلسطينية في مواجهة السجان وتلقي الضوء على التجربة في التخلص أساليب أجهزة مخابرات الاحتلال والمحققين للايقاع بالأسرى وتأسيس ثقافة مقاومة لهم.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع في قراءة للرواية: إن الاديب الهودلي يروي روايات حقيقية لأسرى التقاهم في سجن مجدو، وكتب هذه الرواية رغم تحذيره من قبل الاحتلال بعدم الكتابة في السجن.
وأضاف: الكاتب تحدى الاحتلال وكتب الرواية رغم أنه كتب الكثير عن أساليب التحقيق والتجنيد، ولكن بشكل بحثي، وعممت تجارب حول ذلك بهدف الحصول على معلومات وإسقاط أسرى، ولكن هذه الرواية كانت بشكل سلس وفيها تشويق وسلاسة وبساطة عميقة جدا، ويستهدف بالرواية فئات الشعب المعرضة للاعتقال بشكل يومي، فهي كتاب تروبوي وتثقيفي واتمنى أن تتبناه وزارتي الثقافة والتربية والتعليم باستثناء قصة واحدة في الرواية.
وتابع قراقع: أعطى الكاتب صورة شاملة وكيف أن كل فلسطيني مستهدف للتجنيد، مستعرضا أساليب التحقيق من الضغط والنفي والسفر واستغلال الظروف الاجتماعية، لافتا إلى أن إسرائيل دولة سجون ومخابرات وتعتبر أن كل فلسطيني مخربا، وهو يطرح قضية مهمة أن الاعتقال بحق ابنائنا متواصل، وأن التجنيد البشري هو أولوية لدى مخابرات إسرائيل، إضافة إلى وجود ضعف في الوعي الأمني، وخاصة بين الأطفال وهم الأكثر عرضة للاعتقال، وهم بحاجة إلى هذا الوعي، وما يجري في الاعتقال والزنازين هذا الوعي الأمني مفقود
وأوضح قراقع أن الكاتب تطرق إلى أساليب التحقيق وأساليب كثيرة في هذا الكتاب، بالاضافة الى اساليب الضغط على الأسرى لتجنيدهم ومنها استغلال حاجات الناس، وقتل التفكير الجماعي.
بدوره قال الدكتور نصر الله الشاعر: "لا غرابة أن البداية الفنية بل كل المشوار الفني للأديب الهودلي مرتبط بقضية الأسرى، وهذه فرصة لباقي مجالات الفنون للتوجه للتخصص، موضحا أن الرواية أبرزت أنماطا مختلفة من الشخصيات، وهي من مستويات ثقافية وتعليمية مختلفة، ومواقع تنظيمية متباينة، وكل شخصية غاص الكاتب في أعماقها، وفيها من الألم والحزن والفرح والانكسار والانتصار، وتتراوح ما بين انتصار وانكسار، مظهرة أن أي شخص إذا أخذ بأسباب النصر سينتصر وإن لم ياخذ بها ينكسر".
وأشار إلى أن بعض العناوين الداخلية نزعت فتيل المفاجأة، مع أنها رواية ممتازة من حيث المضمون والفكرة والهدف واللغة مليئة بالتناص والجمال اللغوي.
المحرر سالم ابو بادي، اعتبر ان الرواية مهمة للشباب بما تتضمنه من مضمون بين جدلية العلاقة بين الأدب والثقافة، وأن الاحتلال يسعى لضرب الثقافة الفلسطينية، وأن هذه الرواية إضافة للثقافة الوطنية تعيدنا إلى أدب غسان كنفاني وميدان الاشتباك الثقافي.
وقال: يجب ان تترجم الرواية لأنه يجب أن يطلع العالم على ما يجري في السجون، فهي تعبير مكثف وشامل عن الأمن، يحكي عن كل وسائل الايقاع بالأسرى، وحتى الأساليب الحديثة والتكنلوجية.
وأوضح أن الرواية تبين أهمية الإرادة والجانب النفسي وتأثيره على الأسير، وأبرزت الموضوع الإنساني، وكيف أن الوضع الانساني والحياة التي يعيشها داخل السجن، وحياته اليومية، وعلاقته مع أهله ومحيطه.
من جهته أكد الكاتب أحمد رفيق عوض أن الهودلي ومنذ التسعينات خصص كل وقته وفنه لمحاورة والاشتباك مع المعتقل كثقافة ووجود، والمعتقل في أدب الهودلي يجب الاهتمام به، وهذا انشغال أدبي وفني عميق في فكرة المعتقل، يأتي بهذا المعتقل ويدير الحبكة داخله، ويذكر بطولة تجرى بالعتمة بعيدا عن الكاميرات، وما يقدمه لافت، لانه أدب فاخر.
وأضاف: وهذا الادب فيه قامة من كتاب العالم كله، ويقدم نموذجا مختلفا من المثقفين، ووليد يكتب حياته وتفاصيله وما سمعه على شكل أدب، والأدب هو التصوير الفني الجميل والعميق، وعندما نقرأ الرواية هذا قلب وقلم عامر بالايمان في مكان متوتر واستثائي بعيد عن العالم مثل القبر.
وتابع: هذا كتاب بطولات ووليد يقوم بعملية جميلة من أن عدوك القبيح يحلله هذا الكتاب ويبين شكوكه وانكساراته وهزائمه، ويقدم العدو بطريقة أنه ليس منبهر به ولا ساخر منه، وهنا تكمن قوية الضحية.
من جهته اوضح الاديب الهودلي أن رواية "وهكذا أصبح جاسوسا" تأتي في سياق موضوع رواية ستائر العتمة، جاءها التجديد من وحي التجربة العملية.
وأن قلمه حط رحاله في سجن مجدو وحكاياته المرة ليعيد المشهد وليرفد التجربة ويضع القارىء في الميدان الساخن وليرى بام عينه اين وصلت الحكاية واين هي الخبرة الفلسطينية التي تقاوم الاعتقال وتبطل سحر الشعوذة الصهيونية في اخر ما وصلت إليه.
وتابع: الرواية تنتشر على ارضية عشرين قصة، كل قصة تشكل فيلما دراميا من الإثارة والحركة في عالم الوعي، يأسرك المشهد ما بين الزنزانة بعمقها القاتم والمحقق المتربص وغرف العصافير التي أصبحت أقساما تقوم بالدور الحقير في خدمة المحتل.. ثم تجدك وقد اخذت بيدك قصة ثانية الى ابتزازات الجسور وسادية استغلال الحاجات الانسانية للمواطن الفلسطيني.. في هذه المسافة تجد الاشتباك بين الإرادة الحرة وارادة الشر المطلقة التي تمتلكها أيدي مدربة على الحقد والقهر.
الرواية تحكي حكاية الانسان الفلسطيني الذي يخوض التجربة بضعف وعي أو إرادة فيقع في شباكهم وفي نفس الوقت تحكي حكاية البطولة والتحدي حيث تنتصر ارادة هذا الانسان.
وقال: اعتقد ان الرواية تعتبر اضافة جديدة وبناء مدماك جديد حيث كانت البداية مع ستائر العتمة عام 2001 مرورا بالجزء الثاني لها وانتهت بهذه الرواية ذات العشرين حكاية، وقد جاءت رغم واقعيتها بحبكة فنية تأخذ بانفاس القارىء الى ان يبلغ الطريق منتهاه. ولا يدعي الكاتب ان مشوار الوعي في هذه المجال قد انتهى بهذه الرواية بل المطلوب المزيد من الكتابة والوعي لنبذل درهم الوعي الذي يقينا من قنطار العلاج ويحقق لنا مقاومة واعية للاعتقال.