سبعة عقود مرت على احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية وبدعم من الدول الكبرى، لقد عانى الشعب الفلسطيني طوال تلك الفترة من التشرد والنزوح عن ارضه أملاً في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، لقد تزامنت مسيرة العودة مع حالة من الشعور بالإحباط على المستوى الشعبي والفصائلي وانسداد افق الخيارات الأخرى واغلاق افق المشروع الوطني والرغبة في تصفيته، وذلك بعد اعلان الرئيس الأمريكي ترامب في السادس من كانون الأول عام 2017م بأن القدس عاصمة لإسرائيل ونية الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى مدينة القدس في الرابع عشر من أيار، واحتفال الكيان الصهيوني بالذكرى السبعون، انطلقت مسيرة العودة في الثلاثين من آذار بمناسبة يوم الأرض فقد كانت لتلك المسيرة رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن الشعب الفلسطيني بكافة فصائله شعب أعزل عاني على مدار 70 عاماً من التهجير القسري والدمار الذي لحق بهم من آلة البطش الصهيونية، بالإضافة إلى القتل والحصار الذي تمارسه ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، فاقت مسيرة العودة كافة التوقعات على الصعيد الإقليمي والدولي، وتثبت للقاصي والداني بانه لا تفريط في الثوابت الفلسطينية وخاصة حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها حسب قرارات الشرعية الدولية واستطاعت وضع القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي، نجح الفلسطينيون في تبنى شكل جديد من أشكال المواجهة مع سلطات الاحتلال الصهيوني، حيث يعيش الاحتلال حالة من الارباك ويتحسب لمسيرة العودة في 14و15 أيار ويضع العديد من السيناريوهات وفي غالبيتها تدل على المواجهة التي يتحضر لها الفلسطينيون بطرق سلمية.
بعد سبعة عقود من رحلة طويلة وشاقة ومؤلمة بحجم الخسارات رحل الآباء والأجداد عن أرضهم على امل العودة وجاء دور الأبناء والأحفاد لكنهم لم يعودا فلا المجتمع الدولي ساعدهم من عودتهم إلى ديارهم ولا العملية السلمية أوصلتهم للعودة بل لاحقتهم إسرائيل إلى حيث طردتهم، فرصة عظيمة ستتوفر في منتصف أيار للفلسطينيين لرسم معالم معادلة جديدة للصراع مع الكيان الصهيوني، وسوف توفر المسيرة زخماً تلقائياً للقضية الفلسطينية بهدف تسليط الضوء على الحقائق السياسية والقانونية ومعاناة ونضال الشعب الفلسطيني، ستتجه انظار العالم ومن خلال وسائل الاعلام العالمية لتغطية الحدث الكبير والخطير، وستوجه رسالة إلى العالم يصعب التعتيم عليها وتمثل ضربة قوية لكل الجهود الصهيونية للانتقاص من النضال الفلسطيني وبتثبيت آلية نضال ستتعاظم أهميتها وقيمتها السياسية وستتحول إلى مفردة جديدة في الخطاب السياسي المحلي والإقليمي والدولي.
بعد أكثر من شهر على مسيرة العودة فشل الاحتلال في التعاطي معها رغم سقوط ما يقرب من 50 شهيداً وأكثر من 7000 آلاف جريح، إلا أن الاحتلال الصهيوني يسعى في الأيام القادمة ومع اقتراب يوم النكبة والمواجهة المعروفة بإزالة السلك الفاصل والدخول إلى الأراضي المحتلة عام 1948م القيام بعمليات عسكرية لضرب عمق قطاع غزة لجر المقاومة للرد وبالتالي الذهاب نحو تصعيد منظم بهدف حرف الأنظار عن مليونية العودة وافشالها، لكن كافة الفصائل الفلسطينية لا تريد التصعيد في المرحلة الحالية بهدف التقدم نحو الهدف المنشود الذي يضع العالم أمام حقائق ووقائع تاريخية مهمة، ما يقلق سلطات الاحتلال اليوم انها باتت غير قادرة على مواجهة الشباب الفلسطيني والتصدي لأساليب المواجهة التي ابتدعوها وطوروها وحققت تفوق على ترسانتهم العسكرية وكشفت ان اسرائيل دولة مجرمة, وهذا ما يوحي بان سلطات الاحتلال على وشك توسيع استهدافها الحربي لمواقع ومنشئات قد تصل الى عملية عسكرية على غزة، وليس مستبعدا ان تتدحرج الامور لأبعد من ذلك, وكما جاء على لسان وزير الحرب الصهيوني انه انتقل من لغة التهديد الى التنفيذ، الأيام القادمة ستشهد مزيداً من التدهور والتصعيد ليس فقط في قطاع غزة لربما تنتقل إلى الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل.
مليونية العودة ويوم النكبة كفيلة بصناعة تاريخ جديد ينتزع زمام المبادرة في تحقيق الحلم الفلسطيني بالعودة والاستقلال.