زيادة الضغط على "حماس" سيدفعها إلى مواجهة جديدة

القسام
حجم الخط

  09 تموز 2015

   «ستواصل حماس القتال ضد الاحتلال، وستقف على رأس المقاومة الوطنية الفلسطينية»، هكذا صرح اسماعيل هنية، رئيس حكومة «حماس» في قطاع غزة، قبل بضعة أشهر، عندما استعرض امام وسائل الاعلام العربية قدرات المنظمة العملياتية. وبالفعل، منذ نهاية «الجرف الصامد» في آب من العام الماضي ركزت «حماس» على إصلاح الاضرار التي لحقت بها، رفع المعنويات والدافعية، وتحسين الخبرات العملياتية لرجالها. فليس لاختطاف الجنود وحده تخطط له «حماس» في الحرب القادمة، بل أيضا احتلال مواقع للجيش الاسرائيلي، استخدام الطائرات الصغيرة بدون طيار، ووسائل قتالية متطورة، والاستعداد لتحمل ضربات طويلة ومستمرة من إسرائيل.         
  صحيح أنه غير واضح متى وفي أي ظروف ستفتح الحرب التالية مع «حماس»، ولكن الظروف السياسية في الشرق الاوسط تشير الى أن إمكانية ان يحصل هذا ستكون أبكر من المتوقع. أولاً، مكانة «حماس» في قطاع غزة منذ «الجرف الصامد» توجد في هبوط مستمر. فهي ليس فقط لم تنجح في الاشارة الى انجازات عملياتية ذات مغزى اثناء الحملة، بل إن مطلبها الأساس – إقامة ميناء بحري في القطاع – لا يتحقق، الامر الذي يمس بمكانتها واعتبارها. ثانيا، علاقاتها المهزوزة مع السلطة الفلسطينية تدحرها جانباً. فحل حكومة الوحدة، اعتقال نشطاء المنظمة في الضفة الغربية، وتشديد الضغط عليها من جانب أجهزة الامن الفلسطينية تقوض مكانتها وتمس بها. كما أن اعمار القطاع، الذي يتأخر لان معظم المال الذي وعد به الفلسطينيون (اكثر من 5 مليارات دولار) لم يصل بعد، وعليه فان آلافا من سكان القطاع لا يزالون بلا سكن دائم، البطالة مستشرية، يأس الفلسطينيين في غزة كبير، والضغط على حكم «حماس» يتعاظم.
 ثالثا، المكانة الدولية المهزوزة لاسرائيل من شأنها ان تعطي «حماس» شرعية للعمل. صحيح أن إسرائيل حققت في نهاية الحملة ردعا عسكريا، ولكن الانتقاد الدولي ضدها، سواء في المستوى السياسي او بسبب الاعمال العسكرية ضد المدنيين، قد يجعل الردع يتآكل. وفي مثل هذه الحالة ستفهم «حماس» بان ليس لاسرائيل اسناد دولي، ومن شأنها أن تستغل ذلك لمواجهة اخرى في ظل الافتراض بأن الرد سيكون الان منضبطا ومحسوباً.
    رابعاً، الرغبة في الانتقام. فمع أنه بدا في البداية بان محمد ضيف لاقى حتفه في قصف بيته في نهاية حزيران 2014، يثبت المزيد فالمزيد من الشهادات انه عاد لنشاط منتظم في «حماس». رغبته في تحمل المسؤولية القيادية عن الذراع العسكرية واعادة بنائها، ولا سيما رغبته في الانتقام من قوات الجيش الاسرائيلي على قتل زوجته وابنه، من شأنها أن تحفزه وتحفز المنظمة بأسرها لعمل آخر.
          وأخيرا العلاقات المتوترة مع مصر. فالدلائل على التعاون القائم بين «حماس» وتنظيم «انصار بيت المقدس» الارهابي، الذي يعمل في شمال شبه جزيرة سيناء ضد الجيش المصري، قد يدفع الجيش المصري ليتخذ أعمالا ضد رجال «حماس» وتقييد حكمهم لدرجة المس الحقيقي بالسكان الفلسطينيين في القطاع. في هذه الظروف، التي تفهم فيها «حماس» بان ليس لديها ما تخسره في ضوء الضغط من جانب اسرائيل، السلطة الفلسطينية ومصر، من شأنها ان تستأنف النار نحو اسرائيل كي تحظى برأي عام متعاطف من جانب الفلسطينيين والعرب بشكل عام من جهة، والعمل على وقف الضغط من جانب مصر والسلطة من جهة اخرى.

عن «إسرائيل اليوم»

*رئيس دائرة دراسات الشرق الأوسط في كلية الجليل الغربي.