كلّف مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الأمانة العامة للجامعة العربية بإعداد خطة متكاملة تشتمل على الوسائل والطرق المناسبة التي يمكن استخدامها لمواجهة قرار أميركا أو أي دولة أخرى بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، أو نقل سفارتها إليها بما في ذلك الوسائل والطرق السياسية والقانونية والاقتصادية، وتعميم هذه الخطة على الدول الأعضاء في غضون أسبوعين من تاريخ صدور هذا القرار لاعتمادها والعمل بمقتضاها.
جاء ذلك في قرار أصدره المجلس، مساء اليوم الخميس، بعنوان "مواجهة قيام الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة وتطورات الأوضاع، وإدانة الجرائم التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين"، في ختام أعمال دورته غير العادية على مستوى وزراء الخارجية العرب التي عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية برئاسة السعودية.
كما كلّف وزراء الخارجية العرب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتحرك الفوري لتشكيل لجنة دولية مستقلة من الخبراء للتحقيق في الجرائم والمجازر التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المتظاهرين في قطاع غزة.
وأعاد مجلس وزراء الخارجية العرب التأكيد على رفض وإدانة قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، (القوة القائمة بالاحتلال)، واعتباره قرارا باطلا ولاغيا ومطالبتها بالتراجع عنه، واعتبار قيام الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس سابقة خطيرة تخرق الإجماع الدولي حول القدس المحتلة ووضعها القانوني والتاريخي القائم، وتشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وتهدد السلم والأمن الدوليين وتضعف المنظومة الدولية القائمة على القانون الدولي والالتزام به، وستكون سابقة لأي دولة تريد انتهاك القانون والشرعية الدولية.
واعتبر وزراء الخارجية العرب قيام الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني امعانا في العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني، واستفزازا لمشاعر الأمة العربية والإسلامية والمسيحية وزيادة في توتير وتأجيج الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم فضلا عما يمثله من تقويض للشرعية الأخلاقية والقانونية للنظام الدولي.
وأدان الوزراء إقدام جواتيمالا على نقل سفارتها إلى مدينة القدس وإعلان اعتزام الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات المناسبة السياسية والاقتصادية إزاء تلك الخطوة.
كما أدان وزراء الخارجية العرب إعلان قلة من الدول نيتها نقل سفارتها إلى القدس وتكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بتقديم توصيات بخصوص تلك الدول سواء من خلال التواصل معها لحثها على الإحجام عن مثل تلك الخطوة غير القانونية والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أو من خلال النظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حالة إقدامها على نقل سفاراتها.
وأعاد وزراء الخارجية العرب التأكيد على اعتراف الدول العربية بالقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد الوزراء دعم قرارات القيادة الفلسطينية دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني على مختلف الصعد وردا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشريف بما فيها الانضمام إلى المعاهدات والمنظمات الدولية وإحالة الجرائم الإسرائيلية إلى المحاكم والآليات الدولية المناسبة بما يشمل ملف الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي.
وطالب وزراء الخارجية العرب المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن بمتابعة تنفيذ قراراته والتزام الدول بها والطلب من جميع الدول الالتزام بقراري مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة، على أساس "الاتحاد من أجل السلم" رقم 2017 والذي أكد أن أي قرارات أو اجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية ليس لها أي أثر قانوني وأنها لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ودعا وزراء الخارجية العرب جميع الدول للامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس عملا بقرار مجلس الأمن 478 لعام 1980 والذي أكد أن مسألة القدس هي إحدى قضايا الحل النهائي التي يجب حلها عن طريق المفاوضات وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ووجه الوزراء الشكر للدول والمنظمات التي اتخذت مواقف رافضة للقرار الأميركي بخصوص القدس وداعمة للسلام العادل والشامل الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التزاما بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأدان الوزراء مشاركة بعض الدول في فعاليات نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس الشريف واعتبار مثل هذه المشاركات تشجيعا للأعمال غير القانونية على المستوى الدولي.
وقدم وزراء الخارجية العرب تحية إكبار وإجلال للنضال البطولي للشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام، دفاعا عن أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية وحقوقه غير القابلة للتصرف ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياسته وممارساته.
وأدان مجلس وزراء الخارجية العرب الجرائم الإسرائيلية الممنهجة واسعة النطاق التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني المدنيين العزل والتي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، هذه الجرائم التي كان آخرها الاعتداء الوحشي على المتظاهرين الفلسطينيين السلميين الذين خرجوا في مسيرات سلمية بالتزامن مع ذكرى النكبة، واحتجاجا على نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، وللمطالبة بحقوقهم المشروعة في مختلف أنحاء الأرض الفلسطينية خاصة على خطوط قطاع غزة المحاصر والتي راح ضحيتها مئات الشهداء الذين أعدموا بدم بارد وآلاف الجرحى من المدنيين العزل.
وطالب وزراء الخارجية العرب، مجلس الأمن والجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان؛ باتخاذ الإجراءات اللازمة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في أحداث غزة الأخيرة والعمل على تمكين هذه اللجنة من فتح تحقيق ميداني محدد بإطار زمني وضمان إنفاذ آلية واضحة لمساءلة ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجريمة وعدم إفلاتهم من العقاب العادل وإنصاف الضحايا.
كما طالب الوزراء المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لضمان حماية دولية للمدنيين الفلسطينيين من جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومطالبة مجلس الأمن بإنفاذ قراراته ذات الصلة لحماية المدنيين لاسيما القرار 904 لعام 1994والقرار 605 لعام 1987 والقاضية بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل.
ودعا وزراء الخارجية العرب الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة بتحمل مسؤولياتها وكفالة احترام وإنفاذ الاتفاقية في أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية من خلال وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وإعمال القواعد الآمرة للقانون الدولي.
وقرر وزراء الخارجية العرب تقديم الدعم والتقدير للجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الكويت، العضو العربي في مجلس الأمن، في متابعة تطورات القضية الفلسطينية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتي كان آخرها طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الجرائم الإسرائيلية ضد المتظاهرين المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وجهودها في تقديم مشروع قرار بشأن تأمين حماية دولية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأعاد وزراء الخارجية العرب التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها والتي نصت على أن السلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها يجب أن يسبقه إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واعترافها بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكل عادل؛ وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 ورفض أي صفقة أو مبادرة لحل الصراع لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام.
وأدان وزراء الخارجية العرب بشدة الاقتحامات الإسرائيلية المتوالية والمتكررة للمسجد الأقصى المبارك والسماح للمستوطنين تحت حراسة قوات الأمن الإسرائيلية بالدخول إلى باحة المسجد الأقصى وتلاوة صلوات تلمودية فيه، واعتبار ذلك عملا استفزازيا من شأنه تأجيج المشاعر ودفع الأمور إلى العنف، ومطالبة المجتمع الدولي بأثره لضمان حرية الوصول للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس واعتبار ذلك حقا من حقوق الإنسان وإدانة القرارات الإسرائيلية بمنع المقدسيين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.
وأكد الوزراء دعم الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها الملك عبد الله الثاني بن الحسين على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس التي أكد عليها الاتفاق الموقع بين الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين بتاريخ 31 مارس 2013 وعلى دعم ومؤازرة دور إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية في الحفاظ على الحرم والذود عنه.
ووجه وزراء الخارجية العرب، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لقيامه بتسمية الدورة29 للقمة العربية التي عقدت بالمملكة العربية السعودية بقمة القدس تقديرا للمكانة الروحية والدينية التي تتمتع بها القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين فيقلب الأمة العربية والإسلامية وتقديمه على غرار أشقائه القادة العرب بكل الدعم السياسي والمالي للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وثمن الوزراء الجهود التي يبذلها الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية ورئيس لجنة القدس في حماية مدينة القدس الشريف ومقدساته ودعم صمود المقدسيين.
كما وجه وزراء الخارجية العرب الشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية على جهودها التي تبذلها حاليا من أجل تسهيل الأوضاع داخل قطاع غزة خاصة تقديم المساعدات العاجلة واستقبال جرحى العدوان الإسرائيلي في المستشفيات المصرية وتسهيل حركة المسافرين عبر معبر رفح البري.
وطلب مجلس وزراء الخارجية العرب من الوفد الوزاري العربي المنبثق عن لجنة مبادرة السلام العربية المشكل بموجب القرار رقم 8221 الصادر بتاريخ 9 أيلول 2017 متابعة اتصالاته وجهوده في هذا الموضوع ومن الأمين العام لجامعة الدول العربية العمل على تنفيذ هذا القرار وإبقاء مجلس الجامعة العربية في حالة انعقاد والعودة للاجتماع إذا اقتضت الضرورة تقييم الأوضاع والتحرك على ضوء التطورات والمستجدات المتعلقة في هذا القرار.