كتبت تسيبي ليفني في الذكرى الأولى للحرب على غزة مقالاً أشارت فيه إلى وجوب القيام بعمل عسكري حاسم واستعمال القوة ضد حماس.
وقالت ليفني :"مرور سنة على الجرف الصامد هو قبل أي شيء ذكرى القتلى, أنا أكتب هذا المقال بعد عودتي من مراسيم ذكرى قتلى الجرف الصامد في جبل هرتسل, فقد وقفنا هناك مع العائلات والمصابين، وفكرت في دانييل تريغرمان الذي يبلغ أربع سنوات ونصف، وفي أم آورون شاؤول التي طلبت مني أخذ صورة الولد الساحر وتذكر إعادته وإعادة هدار غولدن لكي يُدفنوا في اسرائيل".
وأضافت :"هذه هي المرة الثانية التي أعود فيها إلى هذا المكان خلال بضعة أيام، حيث شاركت في الأسبوع الماضي في ذكرى مرور تسع سنوات على حرب لبنان الثانية. حينها أيضاً أُسمعت صلاة التذكر، وقرأوا من التوراة، وقطع الخطيب العسكري السماء والقلب بالإستجداء، وبعد وضع الاكاليل وقفنا بألم لنغني نشيد التكفاه الذي أنهى المراسيم وذكرنا، رغم أننا لم ننسَ، الى أي حد هذه الحرب عادلة وصادقة من اجل الدفاع عن حقنا في الوجود في أرضنا".
وتابعت ليفني :"سنة على الجرف الصامد، 9 سنوات على حرب لبنان الثانية وبينهما الرصاص المصبوب وعمود السحاب، حاربنا من خلالها جميعاً الإرهاب الاسلامي على أشكاله، فهو لا يقبل وجودنا هنا، وشعب إسرائيل كله موحد وقوي بشكل يثير الفخر في وجه الإرهاب, لكن مواطنو إسرائيل لا يجب أن يعيشوا فقط بإنتظار الجولة القادمة أو مع الشعور أنه لا أمل للتغيير".
وأكلمت ليفني مقالها بجواب على كل تهديد بقولها : "صحيح – يمكن رفع الأيدي والقول إننا دولة صغيرة محاطة بالأعداء وليس هناك ما نفعله، ويوجد أيضاً من هو مختص بذلك يستطيع مكاسب سياسية, لكن حسب رأيي حتى لو كان هذا هو الواقع في الحي الصعب الذي نعيش فيه، فإن واجبنا هو مواجهته, ومن حق الجمهور معرفة الحقيقة، ومن حقه أن نمنحه الأمل ليس أملاً عقيماً وأحلاماً وشعارات فارغة، بل أمل مبني على رؤيا وحلم، سياسة وأهداف قابلة للتحقق في هذا الواقع المعقد.
في الحقيقة اسرائيل توجد أمام تحديان مختلفان: الهجوم من قبل الارهاب الاسلامي، والهجوم السياسي من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية. يجب انتهاج استراتيجية مختلفة ومتداخلة على هاتين الجبهتين. يجب استعمال القوة في وجه حماس: معها ليس هناك أمل للسلام. طموحها ليس اقامة دولة بل ازالتنا من الوجود، وهم يرفضون الاعتراف بدولة اسرائيل ويرفضون تبني اتفاقات السلام ووقف الارهاب مقابل الحصول على الشرعية من العالم ورفع الحصار.
يجب على اسرائيل تقديم رسالة واضحة الى جميع عناصر الارهاب في المنطقة تقول إن من يعمل ضدنا بالقوة فلن يحقق مقاصده. لذلك أنا أيدت العمليات العسكرية وعارضت طول الوقت التفاوض مع حماس. في المقابل يوجد اولئك الذين لا يستخدمون الارهاب لكنهم يحاربوننا في الساحة الدولية ويحظون بالتأييد التلقائي من العالم، في الوقت الذي يتراجع فيه تأييدنا وتأييد مواقفنا. وهنا يجب أن يكون الصراع بأدوات سياسية".
وتطرقت ليفني في مقالها إلى الحل الشامل لمواجهة الإرهاب بقولها :"يكمن في السياسة المتداخلة – في وجه الإرهاب يجب القيام بعمل عسكري حاسم، وبناء فوري لعائق تحت الأرض على الحدود مع غزة كي يمنع وصول الأنفاق إلى إسرائيل, هذا استثمار مالي كبير لكنه ضروري". وفي المقابل يجب الإعلان عن مبادرة سياسية جديدة تضع الإرهابيين في الزاوية وتنشيء لنا تحالفات جديدة, فبدلاً من الإتفاقات مع حماس التي تعطي صورة ضعيفة لنا وانتصاراً للإرهاب، يجب الإتفاق مع العالم ضد حماس, إضافة إلى الضرر الذي يلحقه الجيش الإسرائيلي بها، سيفهم قادتها أنهم لن يحصلوا على أي إنجاز سياسي بواسطة الإرهاب, هذه هي القدم السياسية النهائية التي تثبت الردع العسكري فترة من الوقت، وبطريقة صحيحة أيضاً إنشاء فرص جديدة, هل هذا ممكن؟ بيقين نعم, هذه ليست نظرية بل هي حقيقة, كان يمكن إنهاء الجرف الصامد ليس فقط مع الردع الذي حققه جنود الجيش الإسرائيلي بشجاعتهم، بل أيضاً مع إنجاز سياسي يثبت المباديء المهمة لنا وعلى رأسها نزع السلاح من غزة.
ونوهت ليفني إلى ما حدث خلال الحرب من قرارات مجلس الأمن حول غزة حيث قالت :"لقد عملت خلال الحرب وحصلت على موافقة دولية لاعتماد قرار في مجلس الأمن يثبت المباديء التالية: نزع السلاح من غزة كهدف بعيد المدى، وعلى المدى القصير منع إزدياده، والرقابة على البضائع التي تدخل إلى القطاع كي لا يتم استخدامها في الإرهاب، إلتزام دولي بمحاربة الإرهاب في غزة وبدء المفاوضات السياسية بدون شروط مسبقة, المفاوضات على المطار ليس مع حماس وإنما مع السلطة الفلسطينية، ومنعهم أثناء المفاوضات من العمل بشكل أحادي الجانب – ليس في الفيفا ولا في مجلس الأمن ولا في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي".
وأضافت :"بدلاً من قول نعم للاقتراح الذي يشمل إنجازات أمنية وسياسية، بدون أي تنازل عن المصالح الاسرائيلية، فضل نتنياهو إجراء مفاوضات غير مباشرة مع حماس، وسارعت السلطة الفلسطينية إلى القول إنها ستضع على الطاولة اقتراح خاص بها وضد مصلحة اسرائيل, لأن هذا هو حال المعركة السياسية – طاولة مجلس الأمن لن تبقى فارغة,. إما مبادرة منا أو منهم".
وتابعت ليفني :"بدلاً من زيادة شرعية إسرائيل في مواجهة الإرهاب، فإن حماس تزيد من شرعيتها على حساب إسرائيل بدلاً من عزل حماس فإن إسرائيل تتحول إلى دولة معزولة, بدلاً من مواجهة السفن الاستفزازية، كان يمكننا إنشاء تحالف جديد مع العالم العربي المعتدل، الذي يريد إنهاء الإرهاب الإسلامي – سواء سميناه حماس أو حزب الله، داعش أو إيران – لكنه لا يستطيع التعاون معنا بشكل علني لأنه ليس هناك مفاوضات, الأمر ليس متأخراً، وتجاهل فرصة ليس مبرراً, مواطنو إسرائيل وسكان الجنوب يستحقون هذا الجهد, صحيح أن الوصول إلى تفاهمات أسهل كون المصلحة الدولية تتطلب الهدوء في المنطقة، لكننا نستطيع إنشاء هذا الإتحاد مع الدول العربية المعتدلة حيث تكون البداية صراع مشترك ضد المتطرفين، وقد تكون النهاية سلام شامل مع الجميع".
وحول قائمة الأهداف التيطرحتها ليفني خلال مقالها قالت :"أنا أول من أدرت وقالت إن سلوك الفلسطينيين هو إشكالي, من مصلحتهم الحصول على مطالبهم من العالم وليس التنازل في غرفة المفاوضات، لكن إذا جندنا العالم من جديد إلى جانبنا فلن يكون لهم أي خيار, وبدلاً من قول ماذا يريدون منا يجب تغيير النظرة والتفكير ماذا نريد نحن من أنفسنا وكيف نحقق ذلك.
مبادرة كهذه تستطيع إحداث تغيير فوري في وضع إسرائيل الإقليمي والدولي، وإخراجنا من العزلة وإبعاد ضباط الجيش الاسرائيلي عن المحاكم الدولية، وتمكين الجيش من العمل بحرية ضد الإرهاب وخلق أمل جديد, وكي ينجح هذا علينا الإثبات أنه إلى جانب الحفاظ على الأمن وعلى المصالح القومية، نحن بحاجة إلى التوصل إلى إتفاق سلام وليس لنا أجندة خفية تناقض مبدأ دولتين لشعبين.
وختمت ليفني مقالها :"أنا أضمن السلام وراء المفترق، حتى لو كان بعيداً عن العين، يجب أن نذكر أنه يخدم الحلم المشترك رغم كل ما حدث من حولنا، وظيفتنا هي الحفاظ على الحلم الصهيوني والدولة اليهودية والديمقراطية الآمنة والعادلة في أرض اسرائيل".