طالب مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ومؤسسة "سانت إيف" -المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالإلغاء الفوري لأمر عسكري جديد يُمهّد لعمليات هدم جماعية للمباني الفلسطينية في مناطق "ج".
وأكّدت المؤسستان في رسالة رسمية مقدّمة لوزير جيش الاحتلال والمستشار القضائي للضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، أن الأمر العسكري يمثّل خرقًا صارخًا للقانون الدولي العرفي ويتناقض كلّيًا وتشريعاتٍ محلّيةً سارية المفعول.
وأوضحتا، أن الأمر العسكري الذي وقّع عليه القائد العسكري الإسرائيلي في 17 أبريل 2018، يُوسّع صلاحيات ما تسمّى بـ "الإدارة المدنيّة" الإسرائيلية التعسّفية في هدم أو إزالة المباني الجديدة المقامة على الأراضي الواقعة في مناطق (ج) بحجّة البناء غير المرخّص.
وتشكّل الأراضي المصنّفة على أنها مناطق (ج) أكثر من 60% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، وتخضع بشكل مطلق لسيطرة الاحتلال العسكرية والإدارية.
وترفض "الإدارة المدنية" منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو الغالبية الساحقة من الطلبات التي يقدّمها الفلسطينيون للحصول على تراخيص بناء في مناطق (ج)، مّما يضع الفلسطينيين تحت طائلة التهجير القسري المحدق.
وقال مركز القدس ومؤسسة "سانت إيف"، إن الأمر العسكري الجديد يضاعف أيضًا خطر التهجير القسري من خلال تخويله مفتّشي وموظّفي "الإدارة المدنيّة" بتنفيذ عمليّات الهدم بعد 96 ساعةً فقط على إصدار أمر الهدم، كما وينتزع بشكل فعلي حقّ المتضرّرين من أوامر الهدم في اللجوء إلى الهيئات القضائية والاعتراض على أوامر الهدم والطعن بها قانونيًّا.
وأشارت المؤسستان إلى أنه وفقاً للأمر العسكري الجديد يتعيّن على الذين تصدر أوامر هدم ضد بيوتهم إرفاق اعتراضاتهم بترخيص بناء قانوني، إلّا أن ذلك يكاد يكون من شبه المستحيل نتيجة سياسات التخطيط والتنظيم التمييزية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيّين.
ويحدّد الأمر العسكري استثناءاتٍ قليلةً يمكنها فيما لو توفّر أحدها الحؤول دون الهدم الفوري ومنها مرور ستّة أشهر على اكتمال بناء المنشأة أو أن يكون المنزل مسكونًا لثلاثين يومًا على الأقلّ من يوم إصدار أمر الهدم. كما ويُمكِن للمتضرّرين من أوامر الهدم تفادي الهدم الفوري في حال تمكّنوا من تقديم مخطّط هيكلي مصادق عليه خلال ست وتسعين ساعة على إصدار أمر الهدم.
وبحسب المؤسستان، فإنه على الرّغم من هذه الاستثناءات، فإنّ الأمر العسكري الذي سيدخل حيّز التنفيض في 17 حزيران/يونيو الجاري يعتبر خطوةً إضافيّة نحو ضمّ الاحتلال لمناطق (ج) بشكل كامل وترحيل الفلسطينيين منها قسريًّا.
وشدّد مركز القدس ومؤسسة "سانت إيف" في رسالتهما على أنّ الأمر العسكري يخالف بشكل صريح تعليمات معاهدات لاهاي، والتي تعتبر جزءًا أساسيًّا من القانون الدولي الإنساني العرفي، وتحتّم المادّة 43 من معاهدات لاهاي على سلطة الاحتلال "احترام القوانين السارية في البلاد إلّا في حال الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك".
وأضحت المؤسستان أن سلطات الاحتلال لا تنتهك من خلال الأمر الجديد التعليماتِ الواردةَ في هذه المادّة فحسب، بل تقوم بهذا الانتهاك بُغية تعجيل تهجير الفلسطينيين قسريًا، الأمر الذي يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية حسب المادّة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ونوهتا إلى أن الفلسطينيين قدّموا "للإدارة المدنية" أكثر من 120 مقترحًا لإعداد أو توسيع مخططات هيكلية غير أن "الإدارة المدنية" لم تصادق سوى على ثلاثة من هذه المخططات، فيما صادقت على مئات المخططات الهيكلية التي قدّمها المستوطنون.
وجَمَّدت المصادقات على المخططات الهيكلية هدم بؤر استيطانيةً أقيمت حتى بدون ترخيص إسرائيلي، عوضًا عن أن الكثير من المستوطنات القائمة حالياً بُنيت بواسطة أمر عسكري.
وأكدت مؤسّسة "سانت إيف" ومركز القدس ضرورة قراءة الأمر العسكري الجديد كخطوة ضمن مشروع شامل ومُمَنهج، تُطبّقه حكومة الاحتلال وتقوده وزيرة القضاء أييلت شاكيد، بُغية إخضاع مناطق "ج" للمنظومة القانونية الإسرائيلية بشكل كامل.
وبينتا أن هذا المشروع يسعى إلى استكمال الضم الفعلي لمناطق "ج" وإلغاء مكانتها القانونية الخاصة كأراضٍ محتلّة.
وأضافتا أنه "لضمان تحقيق هذا الهدف، تعمل المحكمة العليا بتناغم ملحوظ مع حكومة الاحتلال عبر إصدار قرارات وأحكام قضائية تهدف إلى إضفاء الشرعية على المشروع الاستيطاني والاستحواذ الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية الخاصّة".
وتابعت المؤسستان أنه بموازاة ذلك، تمنح المحكمة العليا سلطات الاحتلال الضوء الأخضر لإبعاد الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا، وليس الحكم الذي أصدرته مؤخرًا بالمصادقة على قرار الجيش بتهجير سكان الخان الأحمر إلّا غيضًا من فيض من هذا النهج.