روى أحد ضباط الاحتياط في "الجيش الإسرائيلي"، والذي اشترك في العدوان على قطاع غزة صيف 2014 قصة مأساته في الذكرى السنوية الأولى للعدوان وما عاناه خلال هذا العام حيث انتهى به المطاف لطلب العلاج بمصحة نفسية.
وكما نقلت وكالات ترجمة ما قاله الضابط "دافيد لفانا" في معرض شهادته على المعركة: قائلاً إن مأساته بدأت عندما تعطلت الدبابة التي تقله للقطاع ما اضطره للعودة مع فريقه لكيبوتس "سعد" شرقي القطاع والمبيت هناك حيث سقطت عليهم قذيفة هاون وهم في انتظار إصلاح الدبابة ما تسبب بمقتل 4 جنود مباشرة فيما أصيب آخرون.
في حين قتل جندي آخر قبل عدة أيام في تلك المنطقة نتيجة تعرضه لشظايا الهاون، متحدثاً عن الهواجس التي خلقتها قذائف الهوان بمناطق تجمع الجنود حول القطاع قائلاً " لا يعرف أحد متى سيطير الهاون نحونا وأين سيسقط، ومن الممكن أن يسقط على رأس أي منا، وهذا الشعور الفظيع يرافقني منذ ذلك اليوم".
وأضاف أن مشكلته النفسية بدأت فور تسريحه من الاحتياط بعد أسبوع ونصف من مقتل رفاقه حيث حاول العودة لحياته الطبيعية ولكنه اكتشف أنه يعاني من صدمة نفسية ورعب متواصلين بعد الشهر المشئوم الذي قضاه حول غزة حيث لا يزال يعاني من آثراها حتى اليوم.
وواصل حديثه قائلاً "لم يكن من السهل العودة لحياتي الطبيعية فقد عانيت من المرض اليومي على مدار الشهرين التي تلت الحرب، أصبت بفيروس في أذني ما أفقدني توازني ولم أتمكن من الوقوف وعلى مدار أسبوعين لأكثر من ثواني معدودة، وعانيت بعدها من آلام في الحلق لمدة ثلاثة أسابيع، ولم أتحسن بالأدوية وفهمت بعدها أن هذه بعض آثار تلك الحرب".
"تجولت لعدة أشهر مع غصة في القلب وفكرت كثيراً بالمعركة، عادت حياتي ظاهرياً إلى طبيعتها ولكن المعركة لا زالت كامنة بداخلي بشكل كبير حتى اليوم، وأصبحت أعيش ذكريات الحرب في كل لحظة عندما أرى ذلك بخيالي".
وحاول لفانا التعرض للعلاج الصيني عبر الوخز بالإبر عله يفيق من صدمته ولكن هذا العلاج زاد الطين بلة حيث تدهورت حالته وزادت حدة الذكريات التي اجتاحت تفكيره حتى أجهش بالبكاء، وشعر بأنه لا يقوى على شيء وفي النهاية اضطر لأخذ المسكنات للنوم في محاولة للعودة لحياته الطبيعية.
وفيما بعد استجمع قواه وذهب إلى وحدة آثار المعركة بموقع التجنيد بتل هشومير وسط تل أبيب وبعد أن شرح حالته دعوه للاشتراك في مشروع "الحارس الصامد" وهو المشروع المعد لإنعاش مرضى الحرب النفسيين والذين مروا بتجارب نفسية قاسية بالقطاع، حيث التقى هناك بالكثير من الجنود الذي يعانون من أزمات نفسية حادة بعد عودته من ميدان المعركة هناك في القطاع.
وخضع خلال علاجه في إطار ذلك المشروع التأهيلي لجلسات مع الأطباء النفسيين الذي عادوا فيه لأصعب اللحظات التي مر بها أثناء اشتراكه في الحرب في حين يرى أن مصطلح "عام على الجرف الصامد" لا يناسبه لان الحرب لم تفارقه للحظة منذ ذلك الحين ويشعر أنها وقعت بالأمس وأنه من ضحاياها النفسيين.
وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل 67 من ضباطه وجنوده وإصابة أكثر من 1500 آخرين بعضهم بإعاقات دائمة، فيما يعالج المئات من أمراض نفسية أصابتهم بسبب ضراوة المقاومة التي تصدت لعدوانهم البري في غزة.