حتى وقت قصير لم أكن انتمي الى «الحزب الاكبر» – مجموعة الاسرائيليين الذين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون. أما اليوم فهناك احتمال طيب في أن اصوت لحزب جديد، يكاد يكون مجهولا، باسم «وبفضلهن». يدور الحديث عن تنظيم لنساء اصوليات يكافحن في سبيل تمثيلهن في الكنيست. ظاهراً، غريب. فأنا معني أساسا بمواضيع الخارجية والامن، أما هذا الحزب فيركز على الموضوع الاجتماعي فقط بل في مجال ضيق له. اضافة الى ذلك، فإني لست اصوليا وبالتأكيد لست امرأة. أنا اؤيد هؤلاء النساء ليس لان جمهورهن برأهين ليس ممثلا في الكنيست. فثمة بالتأكيد مجموعات عديدة اخرى غير ممثلة. كما اني لا اؤيدهن فقط لكونهن مظلومات. فثمة في اسرائيل مجموعات مظلومة اخرى. اؤيدهن لان هذه هي المجموعة الوحيدة المهددة بسبب رغبتها في أن تجسد الحق الديمقراطي الاساس: محاولة الترشح للكنيست.
على رأس هذا التنظيم تقف روت كوليان. التقيت بها، الخميس الماضي، حيث كان باردا وماطرا على نحو خاص. ايريس، سكرتيرتي، اتصلت بها قبل بضع دقائق من موعد اللقاء كي توجهها كيف تقود سيارتها، وعندها تبين لنا انها بلا سيارة، وتصل الى اللقاء في ثلاثة باصات. ورَوت روت لي بخجل بانهن تمكن حتى الان من تجنيد مبلغ «محترم» هو 8 الاف شيقل، وان كل جهودهن للوصول الى جمهور الناخبين تصطدم بالمعارضة، وذلك لان اعلاناتهن تمزق بسرعة والنشر في الصحف الاصولية يمنعها المحرر.
في اللقاء نفسه بسطت روت امامي الظلم الذي تعاني منه الاف النساء الاصوليات والشرك الذي يعشنه. فمن جهة، تمنع المؤسسة الاصولية النساء من كل تمثيل في قوائمها للكنيست، ومن جهة اخرى، تهددهن المؤسسة ذاتها بأنه اذا ما حاولن تشكيل حزب خاص بهن، فانهن سيدفعن ثمنا باهظا. الحاخام مردخاي بليفي، رئيس «حرس القدسية والتربية»، يهدد علنا بانه اذا تجرأت امرأة على تأييد حزب ليس بقيادة عظماء التوراة «فستخرج بلا نفقة، ومحظور شراء أي منتج منها، ويجب اخراج كل انسالها من المؤسسات». يكثرون عندنا من الحديث عن الخطر من ايران، وها هي ايران توجد تماما هنا.
ما يقلق ليس فقط الصراع العلني الذي تخوضه المؤسسة الاصولية ضد الحق الاساس للجمهور في التنظيم والانتخاب، بل أن هذا الصراع يتضمن تحريضا وتهديدا للمس بالحقوق الاساس. كان يمكن ان نتوقع من المؤسسة الاسرائيلية ومن الرأي العام على حد سواء أن يقفا الى جانب هؤلاء النساء الجريئات، ولكن هذا لا يحصل. فالشرطة لم تفتح حتى تحقيقا في تهديدات من هذا القبيل رغم انه رفعت شكوى. والاحزاب التي توجهت اليها تلك النساء لفحص انخراطها فيها أدارت لهن كتفا باردة. اما الجمهور الغفير فغير مكترث. والاحساس هو أنه لو كانت مثل هذه التصريحات قد اطلقت ضد جماعات اخرى، لثارت عاصفة عامة. ولكن عندما يدور الحديث عن نساء اصوليات، فان مشكلتهن ينبغي ظاهرا ان تحل «داخل العائلة».
وجدت من الصائب أن اساعدهن، لان الحديث يدور عن صراع في سبيل حق اساسي ديمقراطي، يهددن بالحرمان منه في ظل استغلال نزعة القوة في المؤسسة الاصولية من جهة، وعدم اكتراث المؤسسة العامة من جهة اخرى. فهل يوجد لهن احتمال في ان يدخلن الكنيست؟ يكفي أن يصوت نصف النساء اللواتي صوتن حتى الان للاحزاب الاصولية لهن كي يكون لروت ورفيقاتها تمثيل مناسب في الكنيست. ومن اجل ذلك ينبغي لجمهور النساء الاصوليات الا يخفن من التصويت حسب تفضيلهن الحقيقي. هذه هي الديمقراطية.
عن «يديعوت»