في رسالتها باللغة العبرية المعنونة بـ"بين نفق ميّت ونفق ثائر" قالت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بالمصداقية بإعلانه تدمير أنفاق هجومية للمقاومة.
وفيما يلي نص الرسالة التي ترجمت إلى العربية:
بين الفينة والأخرى تطلع علينا صحافة الاحتلال بخبر مفاده "تدمير نفق هجومي في قطاع غزة" –بحسب متحدث الجيش- ويبدو أنه لا يقول الحقيقة، على الأقل في تفصيل صغير لكنه شديد الأهمية: إنه ينسى أن يذكر أن هذه الأنفاق التي تم تفجيرها ليست سوى أنفاق خرجت من الخدمة منذ حرب 2014".
الاحتلال يصنع أي شيء لكي يرفع معنويات شعبه، ومن ذلك اختلاق بطولات سرعان ما سوف تظهر في أي مواجهة قادمة أنها كاذبة. وفي هذا السياق وبنفس الوتيرة، يطل علينا بعض الوزراء في حكومة الاحتلال أو شخصيات عامة أخرى في الكيان، يطالبون أو يهددون بإعادة احتلال القطاع.
وهذا مضحك للغاية، لكنه في الأساس يدل على جهل مخز وانقطاع تام عن الحقيقة التي عاشها جيش العدو سنة 2014، وتعرف عليها عن قرب وعاينها في وقت الحقيقي، أعضاء الكابينت أحسوا جيدا بلهيب البركان الغزي، لا أعتقد أنه سيكون من السهولة بمكان أن يتخلصوا أو يخرجوا من الصدمة التي ابتلعت أرواحهم الشريرة.
عندما تذكر أنفاق القتال، تقفز إلى الذهن بشكل تلقائي صور أبطال الشعب الفيتنامي الذين قاتلوا الغازي الأميركي ونجحوا في تجريعه كؤوس الهزيمة وتركوه ينزف عارا وخيبة وكثيرا من الصدمات حتى يومهم هذا.
وهنا تنعقد مقارنة بين الغزاة الأميركيين الذين بادروا عدوانهم على بلد الحروب "" وبين تلك الطفيليات التي حقنها مجرمو الاستعمار في شرايين الأرض المقدسة، الأمر الذي يُلقي بالسؤال الآتي: إذا كانت الدولة العظمى التي تغذي من خلال حبل سُري كيان الصهاينة هي نفسها مُنيت بهزيمة مدوية على أيدي أبطال فيتنام من خلال أنفاق الموت التي قاموا ببنائها لهذا الغرض، فهل سوف يحابي العدل ذلك الجنين المشوه الضعيف (الكيان اليهودي الغريب الذي غُرس في أرضنا الطاهرة)؟
نشك في ذلك.. ولكي نوضح الواضح يحُسن أن نروي قصة:
أثناء حرب فيتنام، قام الفيتكونغ بحفر شبكة أنفاق بهدف استخدامها ضد الغزاة من شمال القارة، وقد استخدموها لكي يفاجئوا العدو الباغي، وكذلك كملجأ يختبئون فيه بعد عملياتهم.
الفيتكونغ أبدعوا في قتالهم ضد الأميركيين من خلال الأنفاق، وغدوا أنموذجا يحتذى لكل حر في هذا العالم.
الأميركيون من جهتهم لم يبقوا مكتوفي الأيدي إزاء ذلك، لقد أعملوا فكرهم وأنفقوا بغير فائدة أموالاً طائلة ليجربوا كل أنواع التكنولوجيا في حربهم ضد الأنفاق، ابتداء بمجسات وضعوها على ظهور الحيوانات مروراً بمطلقات اللهب والمواد المتفجرة وانتهاءً باستخدام طائرات "بي 52" (B52) لقصف منطقة الأنفاق بالقنابل الثقيلة، وقد أوهموا أنفسهم أن هذا الأخير كان حلاً فاعلاً في القضاء على الأنفاق.
لكن حقائق النتائج: مقاتلو الفيتكونغ نجوا من الجحيم الأميركي، ونهاية الأمر بقيت أنفاق البطولة وكل من احتمى بسقفها كذلك. بينما باءت كل محاولات الأميركيين للنيل منها بالفشل الذريع، فكل جندي أميركي قاده حظه العاثر إلى الدخول إلى منطقة الأنفاق واخترقت جسده قضبان الخيزران المسممة كما تخترق الأسياخ اللحم.
مقاتلو الفيتكونغ صنعوا الموت للأميركيين عندما انقضوا عليهم صباح مساء من تحت الأرض من الأنفاق، واستمروا في قتالهم حتى هزموهم واضطروهم إلى الفرار عائدين إلى أميركا وأذيالهم بين أرجلهم تملؤ أجسادهم الجراح وكذلك نفوسهم، صدمة ستصاحبهم أجيالاً فأجيال.
الآن: ما ينبغي أن يعيه العدو جيداَ: أن غزة القرن العشرين غدت من الماضي السحيق. والذي ينتظر العدو -أي عدو- يعتدي على غزة سوف يفوق كل خيالٍ إنسانيٍ مبدع، فلينفق العدو بقدر ما يستطيع من الأموال على إقامة الجدران والأسوار وعلى الوسائل التكنولوجية الكثيرة المختلفة والعجيبة، لكن: يجدر أن يكون (هناك) أمرٌ واحدٌ شديد الوضوح:
جعبة المقاومة الفلسطينية تعج بالمفاجآت، أصغرها ستبقي العدو مذهولا فاغرا فاه دهرا، وإذا انتهى وقف إطلاق النار وبدأ العمل فإن الجميع. أقول الجميع -بدءا برأس الأفعى وانتهاء بذيلها- لن يحظوا برؤية الأعياد.