واصلت الصحافة الإسرائيلية انشغالها بتطورات الوضع الأمني في قطاع غزة، في ظل ما تصفه إسرائيل بالمعادلة التي تحاول حماس فرضها على الحدود مع القطاع.
فقد ذكر الخبير العسكري في معاريف تال ليف - رام أن "الفرضية التي تتبعها حماس في هذه الآونة واضحة وبسيطة، ومفادها أن أي قصف إسرائيلي في عمق قطاع غزة سيقابل بإطلاق قذائف صاروخية على المستوطنات الجنوبية، والحركة بذلك تحاول تقوية المعادلة السائدة في الشارع الفلسطيني والقائلة بأن المزيد من الصواريخ ستأتي بالإنجازات".
وأضاف أن "المزيد من موجات التصعيد المتبادلة بين حماس وإسرائيل من شأنها تقريب المواجهة الشاملة في القطاع، وهي مواجهة تحاول إسرائيل الابتعاد عنها، وضبط نفسها تجاهها، على اعتبار أن الوضع الأمني والسياسي لن يطرأ عليه تغير بعد هذه المواجهة المفترضة، وهناك اعتبارات أمنية عسكرية مرتبطة بتطورات الوضع في الشمال، بجانب النزاع الناشب مع إيران، فضلاً عن القتال الذي يخوضه الجيش السوري قرب الحدود الإسرائيلية، والحاجة الإسرائيلية للانتهاء من إقامة العائق المادي شرق قطاع غزة".
وأكد أنه "في هذه الأثناء تواصل حماس شد الحبل حتى يصل إلى نهايته، في حين أن الضغط الجماهيري والحزبي نحو رئيس الحكومة ووزير الحرب يتصاعد مع مرور الوقت، ولكن حتى اللحظة لم يطرأ تغيير على السياسة المتبعة في إطلاق النار، المتمثلة بعمليات قصف محدودة متفرقة تمنع إيقاع خسائر بشرية فلسطينية".
وختم بالقول: "إن الحديث عن أي عملية عسكرية في غزة يعيد للأذهان حرب الجرف الصامد الأخيرة قبل أربع سنوات في 2014، لأن كل ما تحقق بعدها من ردع وهدوء بدأ بالتبدد والتراجع في فترة زمنية قصيرة، وتحول الهدوء إلى سلسلة من التهديدات، ولذلك لم تكن الجرف الصامد عملية ناجحة، في حين نجحت حرب لبنان الثانية لأنها أدت إلى فترة هدوء طويلة".
من جهته قال الجنرال تال بار-أون في مقاله على موقع القناة السابعة التابع للمستوطنين إن "الوضع في الجنوب مع غزة أصبح لا يطاق بسبب تكرار صفارات الإنذار وتوالي سقوط الصواريخ واستمرار إطلاق الطائرات الورقية المشتعلة، التي تسببت حتى اليوم بإشعال أكثر من 550 حريقا جاءت على أكثر من ثلاثين ألف دونم بالنقب".
وأضاف أن "هذه المعدلات تأخذ بالتزايد مع مرور الوقت، في ظل غياب قرار حكومي شجاع للتعامل معها بصورة جذرية وهجومية، يستهدف المنظمات التي تواصل إطلاق هذه الطائرات، وانتقلت مع مرور الوقت إلى إطلاق القذائف والصواريخ بصورة مكشوفة".
وأوضح بار-أون الذي عايش الانتفاضتين الفلسطينيتين، والحروب الثلاثة على غزة، أن "اللافت في تعامل إسرائيل مع غلاف غزة والنقب الغربي كمنطقة جنوبية بعيدة عن التمركز السكاني الإسرائيلي ينطلق من فرضية خاطئة مفادها أنها لا تستدعي حمايتها من هذه الطائرات والصواريخ، مع أن هذه المنطقة هي الحديقة الخلفية لإسرائيل والقطاع الأمني المحيط بغوش دان في وسطها".
وتساءل الكاتب: "تعالوا نتخيل ماذا لو انطلقت صفارات الإنذار على مدار الساعة في تل أبيب بسبب إطلاق الصواريخ، مع أن هذا الوضع يعيشه مستوطنو غلاف غزة منذ أسابيع وأشهر وسنوات، بين صفارة وصفارة، ما يؤدي إلى استحالة التكيف مع هذه الأعمال العدائية، لأنه لا يمكن أن يعتاد الإسرائيليون على صافرات الإنذار بين حين وآخر، ولا يجب الاستمرار في إطلاق التهديدات فقط، بل تنفيذ القرارات".
المتخصص في الشؤون الأمنية عاموس غلبوع كتب في موقع نيوز وان قائلاً: "إن حماس تخوض في الشهور الثلاثة الأخيرة حالة من المواجهة العسكرية المحدودة تجاه إسرائيل، بعد أن كبحت جماح نفسها في مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة الجرف الصامد 2014".
وأضاف " أن حماس "يبدو أنها تخاطر بإمكانية تدهور الوضع الميداني وصولاً إلى مواجهة واسعة مع إسرائيل من أجل تحقيق ترتيبات سياسية معها تنقذ قطاع غزة من الضائقة الإنسانية المعيشية الصعبة".
وأوضح غلبوع، المستشار السابق للشؤون العربية في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن "استمرار التوتر الأمني مع غزة يثير في النقاش الإسرائيلي جملة مقترحات وحلول للتعامل مع الجرح الدامي في غزة، لأن الحكومة ليس لديها خطة واضحة للتعامل مع حماس، ولذلك تخرج مطالبات بإعادة احتلال غزة، وتدمير حماس كلياً، للتخلص منها مرة واحدة، وإلى الأبد، وتقديم رزمة مساعدات مالية دولية واسعة، وإزالة الحصار جزئيا أو كليا، بما في ذلك نزع السلاح من غزة".